يجدر بالولايات المتحدة الاميركية وصديقتها الدائمة بريطانيا وحلفاءهم في الداخل توخي مزيد من الحذر وهم يغوصون في منعرجات اللعبة الدموية الخطرة باليمن فمن المؤكد ان واشنطن ولندن ضالعتان بتهور القوى العظمى في الحرب التي تدار بالتقسيط في البلد والتي اثمرت حتى اللحظة عن مئات الاف القتلى والجرحى والمهجرين والدمار الناشئين عن الصراع العبثي الذي يشارف على انهاء عامه الثاني. ربما تكون المبالغة في تقدير القوة الاميركية بالذات هي احد المشاكل الكبرى التي ترسخت بمرور الزمن في الذهنية العربية رغم الحماقات الكبرى التي تقع واشنطن فيها وعمليات الانقاذ الجريئة التي ينفذها حلفاءها في الداخل لتبقى سمعتها ناصعة البياض وكان اخرها بكل وضوح الرفض المطلق لوقف الصراع والعودة الى الحوار السياسي . الا ان حماقات كلا من واشنطن ولندن في جنوب البلاد ستكون مكلفة اكثر في محيط اصبح كثير الشك بالاداء الدولي والاقليمي الذي يتعامل مع مليشيات عنيفة توصف بالانقلابية والدموية ومجاميع تسكن الفنادق الفخمة وتتجاهل بشكل كلي يدعو للاشمئزاز الحركة الشعبية والجماهيرية في الجنوب من الجنون ان يتفاجأ سكان عدن ومدن الجنوب ان العالم الذي ادار ظهره لهم ابان القصف الوحشي للجماعة الحوثية للمدنيين ولم يمد يد العون لهم يبدو اكثر تحمسا للحضور الفوري حين تذكر تنظيمات داعش والقاعدة والتي فشل اخراجها السينمائي في الجنوب فشلا ذريعا وبشكل غير مسبوق تبدو محاولات تسريبات انباء كوميدية عن استهداف بوارج امريكية وبريطانية بقصف صاروخي مؤشرا مهما على الرغبة في التدخل المباشر وهو ما سيمثل خطأ كبير وغير مبرر .
لوقال احد المراقبين الاذكياء ان الحراك الجنوبي فضح خصوم الداخل وسيمثل فضيحة كبرى للخارج فساعتبر هذا اكثر التحليلات صدقا ودقة . في الحقيقة مايحدث في الجوار البحري يمثل تحرشا صريحا في وقت احترقت فيه كروت واشنطن ولندن المحلية وربما سيؤدي هذا الى تهور روسي مماثل ورغبة التدخل التي اصبح من المعتاد تحميل تنظيم داعش اسبابها بشكل مباشر
على الضفة الاخرى يواصل الحراك الجماهيري في جنوب البلاد لعبة التغابي عن سيناريوهات الخطر وحماقات الكبار ويمضي ببراءة ليعبر عن مطالبه بعد ان حسم جزء كبير من المعركة التي انحازوا فيها للشرعية الدولية ومصالح الاقليم انه سيناريو مزعج ..ان تحاول اغضاب طرف ما فيمنحك كل مطالبك ويعرض خدماته المستقبلية ويغلق عليك اية اعذار لاستهدافه
من الواضح ان هناك سوء فهم دولي ازاء الحالة الجنوبية ربما يكون متعمدا لكن اصرار الجنوب على المضي في طريقة يضع العالم بأكمله امام استحقاقات مهمة يمكن اختزالها في صورة سؤال مختصر "ماذا تريدون من الجنوب على وجه الدقة؟" .