تعد عمالة الأطفال من أكثر المشاكل إشكالية في المجتمع، حيث تتعدد الأسباب الأسرية والاجتماعية، والتي تعود إلى تزايد حدة الفقر، وتدني مستوى التعليم، والتسرب من المدرسة، وتدني العائد الاقتصادي والاجتماعي، وانتشار ثقافة المستهلك وعولمة الاقتصاد. أولاً: يُلاحظ أن الفقر هو العامل الأبرز في زج الأطفال في سوق العمل من أجل مساعدة ذويهم، فالفقر يقوض اللبنات الأسرية والمجتمعية، والتي توفر الحماية للأطفال، مما يعرضهم لمخاطر الاستغلال والإساءة والعنف، كما أن الفقر يحد من قدرة الأسر على رعاية أطفالها ويتخذ الفقر العديد من المظاهر والكثير من الأبعاد، فهو يهدّد جميع نواحي الطفولة بحرمانه الأطفال من القدرات التي يحتاجها للبقاء والنماء والترعرع، كما أنه يرسخ ويوسع نطاق حالات التفاوت الاجتماعي والاقتصادي ، والفوارق بين الجنسين التي تحول دون تمتع الأطفال بتكافؤ الفرص. ثانياً : تعد بطالة الأب سبباً لتشغيل ابنه، حيث لا يتناسب عدد الأطفال ودخل الأسرة. ثالثاً: العادات والتقاليد المتأصلة في بعض العائلات حيث يلجأ بعض الآباء إلى تشغيل أطفالهم كنوع من العرف والتقاليد. رابعاً: البيئة الاجتماعية المحيطة التي تجعل الأطفال يشدون بعضهم نحو الانخراط في العمل في سنٍ مبكرة لنيلهم الحرية والاستقلالية الشخصية والمالية. خامساً : انخفاض مستوى التعليم ومستوى الوعي لدى الأسر بشكل رئيسي وتحفيزهم لأبنائهم للالتحاق بالحياة العملية المبكرة إيماناً منهم بأن الشهادات التعليمية لم تعد تحقق الحياة الكريمة من حيث العائد الاقتصادي. قد يكون لعمل الأطفال إيجابيات ولكن سلبياته كثيرة، فمن الناحية الاقتصادية سيصبح الطفل العامل في المستقبل عاملاً غير مؤهل ولا يوجد لديه أي تأهيل للعمل الذي يمارسه ومع وجود التكنولوجيا الحديثة فإن إنتاجيته سوف تنخفض.. أما السلبيات الاجتماعية فهي أن الطفل لن يعيش طفولته بشكل سليم، ويقوم بدور غيره وبمهام لا تتناسب وعمره، عدا عن حرمانه من حقه في التعليم والتربية، وهذا يؤثر على نموه الجسمي، وتطوره المعرفي، وبسبب تركه المدرسة وتوجهه للعمل يفقد إمكانية التطور العلمي، وتنخفض قدرته على القراءة والحساب والإبداع. كما أن العمل يؤثر على التطور العاطفي لدى الطفل، فالطفل العامل يفقد احترامه لذاته، كما يفقد ذاته وشخصيته ويترك له عقداً نفسي ، ويفقد الروابط الأسرية وتقبّله للآخرين، ويكون ذلك بسبب تعرضه للعنف أثناء العمل، وبالتالي يعتبر هذا تربة خصبة لدخوله دائرة الجانحين، حيث لم يعد قادراً على التمييز بين الصح والخطأ ويصبح ميالاً إلى الكتمان وأقرب للعبد عند صاحب العمل، هذا بالإضافة إلى ما يمكن أن يتعرض له من أبشع أنواع الاستغلال والسرقات والتسول، ويمكن أن يكون فريسة سهلة للإغواء والانحراف والشذوذ.. ومن الناحية الإيجابية تتجسد في الأعمال التطوعية وحتى المأجورة التي يقوم بها والمناسبة لقدرته العقلية والجسمية فلها آثار إيجابية على نموه العقلي والذهني ، وخاصة إذا حافظ على حقوقه الأساسية، فالعمل المبكر يعلمه المسؤولية والتعامل مع الآخرين وكذلك التسامح.