نتناول بعض مقدمات الأعمال الإرهابية التي شهدتها الحوطة وأشرنا إلى أنه بعد أن انتهوا من غرس تلك الأفكار المتطرفة في عقول بعض شبابنا جرى استقطابهم في الخلايا السرية الإرهابية لما تسمى بالقاعدة، ثم بعد ذلك جرى توجيههم بالقتل لما أسموهم بالطواغيت، ويعنون بهم، الجنود والضباط من مختلف الأجهزة الأمنية. وكذلك لاغتيال من أسموهم باللواطيين (المخانيث). هذه كانت مبرراتهم لقتل الجنود والضباط الجنوبيين إذ أننا لم نسمع عن اغتيالات لقيادات عسكرية في الأمن المركزي تنتمي للعربية اليمنية، فمعظم الاغتيالات، إن لم تكن كلها، كانت تنفذ في جنود وضباط جنوبيين. كما لم تمس تلك الاغتيالات أية عناصر فاسدة في السلطة المحلية تعمل لصالح نظام صنعاء وتنفيذ أجندته في الجنوب.
لم تحدث تفجيرات أو عمليات انتحارية كتلك التي نشهدها اليوم والتي يذهب ضحيتها العشرات من خيرة شباب الجنوب لأن الهدف، كما قلنا سابقاً، هو الجنوب والجنوبيين.
في فترة ماقبل الحرب الثانية (مارس 2016 م) جرت عمليتان، أو بالأصح، مسرحيتان؛ الأولى لاغتيال مدير الأمن السياسي السابق الذي لم يصب فيها بأذى. و تم التكتم عليها. والمحاولة الثانية استهدفت قيادي بارز في السلطة المحلية في المحافظة، وكما سابقتها لم يصب بأذى وانتهت العمليتان بأضرار مادية بسيطة. ولم تتم مطاردة المهاجمين في المحاولتين، أو القبص على أي مشارك فيهما.
كانت الأمور تنتهي بانتهاء العملية. لا تحقيق ولا متابعة للمتورطين، بالرغم من توفر أجهزة أمنية واستخباراتية قوية. لكن كلها كانت تتبع للأجهزة الأمنية لعفاش وحلفاء الأمس وإن أظهروا خلافات بينهم. فهم الماسكون بخيوط تلك الجماعات.
إن ما تُسمى بالقاعدة والمزروعة في جنوبنا هي في الأساس إحدى تشكيلات الأمن القومي والاستخباراتي لنظام الاحتلال اليمني، وذلك ما لا يعلمه الكثير من شبابنا الذين تم التغرير بهم وخداعهم بالقول لهم بأن انضوائهم في تلك الجماعات إنما هو جهاد في سبيل الله.
لقد كشفت الحرب الأخيرة(مارس 2016 م) الكثير من الدلائل على ارتباط تلك المنظمات الإرهابية بنظام صنعاء ومخططاته الهادفة السيطرة على الجنوب ومقدراته.
بعد الحرب حصلت حادثة نُهِب فيها حوش يتبع أحد أزلام عفاش في لحج وذلك من قبل عناصر من القاعدة كانت مستولية عليه، فما الذي حصل لقائد تلك المجموعة. لقد تم استدعاء قاضٍ يتبع القاعدة (يقولون من البيضاء) والذي قام بمحاكمة قائد المجموعة التي تصرفت في بعض محتويات الحوش، بل وألزموه بإعادة قيمة الأشياء التي باعها إلى وكيل المالك. وحذروه أيضاً من المساس بممتلكات ذلك المتنفذ بحجة أنه يدعمهم، كما يقولون، وبأن أحد أبناء (المتنفذ) قيادي (معهم) في القاعدة.
هذه القصة معروفة لدى الشارع في الحوطة لقد تكشفت في الحرب الأخيرة حقائق أخرى كثيرة منها أن أبناء قيادات عسكرية ومدنية في نظام صنعاء منضوون في القاعدة. وكان بعضهم متواجداً في عدن أثناء الحرب وبعدها.
وبالسؤال عن من هو أبي سالم التعزي، وسجله في محاربة الحراك(متهم بتصفية الدرويش في السجن)، واختفائه بعد ذلك لفترة، ثم ظهوره أثناء الحرب. وبعدها اكتشاف حقيقته وارتباطه بالمنظمات الإرهابية التي جعلت من عدن ومناطق الجنوب، وليس غيرها، مسرحاً لعملياتها وتنفيذ مخططات مرجعياتها والقيادات الخفية لها.
ستكشف لنا الأيام القادمة الكثير والمزيد عن حقيقة تلك المجاميع الإرهابية وارتباطاتها بأجهزة أمن واستخبارات دولة ونظام الاحتلال اليمني.