يعيد تحرير منطقة بيحان في محافظة شبوة من تحالف صالح والحوثي – وهي من المناطق الجنوبية القليلة التي ما زالت تحت سيطرة تحالف صالح والحوثي حتى اليوم - يعيد إلى الأذهان رغبات التوسع التاريخية لصنعاء في الجنوب بشكل عام وفي شبوة بشكل خاص, أدناه رسالة بتاريخ 29 يونيو 1939 موجهة من الإمام يحيى محمد حميد الدين محمد المتوكل ملك اليمن إلى الملك جورج السادس ملك بريطانيا. وكان سبب كتابة الرسالة هو حادثة إرسال الإمام لقوة عسكرية إلى منطقة شبوة القديمة بقيادة علي ناصر القردعي حيث قصفت الطائرات البريطانية قوة القردعي, وكانت بريطانيا قد أستبقت تدخلها العسكري بقيادة (هاميلتون) بإرسال الضابط السياسي في عدن (سيجر) إلى صنعاء للإعتراض لدى الإمام وللتشديد على سحب هذه القوة وهو ما رفضه الإمام. كما ألحقت تدخلها العسكري بحملة إعلامية.
وعلى الرغم من أطماع صنعاء التاريخية في الجنوب, يشكك الكثيرون في جدية الإمام في إعتباره لمنطقة شبوة القديمة كمنطقة (يمنية) في ذلك الوقت حيث أنه لم يوفر دعم حقيقي لعلي ناصر القردعي الذي كان الإمام نفسه قد سجنه سابقاً بسبب خلافات عديدة منها هجوم سابق للقردحي على بيحان, وقد نسبت إلى القردعي قصيدة جاء فيها (قدهم على شون من صنعاء الى لندن, متآمرين كلهم سيد ونصراني).
نص الرسالة: "من ملك اليمن الإمام يحيى إلى صاحب الجلالة الملك الإمبراطور جورج السادس المعظم بلندن .
بعد تقديم وتأكيد الإخلاص والتعظيمات لذات عظمتكم ، أعرض لجلالتكم تأثراتي العظيمة من إذاعات راديو لندن باللسان الرسمي الحكومي وادعائها أن شبوه ومناطقها داخلة في الأراضي العدنيةالمحتلة ، مستندة في ذلك إلى معاهدة سنة 1940.
وقد كنت خاطبت جلالتكم سابقًا بشأن شبوه ومناطقها كلها ، وأنه لم يكن لأحد شأن فيها في أي وقت كان لا من قبل ولا من بعد ، وكنت رجوت من عدالة جلالتكم طلب أوراق المخابرة الواقعة بشأنها من عدن للاطلاع على ما حدث من الوقائع بهذا الخصوص بين عدنواليمن ، فإن ادعاء عدنبشبوه ومنطقتها مخالف لكل الوقائع ، وعارٍ عن كل إثبات ، فحكومتي مجبورة للاحتجاج ، ولا يمكن لليمن السكوت عن عمل مغاير للحق ومخالف للصداقة بكل معنى . ومعلوم لجلالتكم أن شبوه ومنطقتها يمانية منذ خلق العالم إلى اليوم ، وسيطرة اليمن لم تزل عليها ولا هي افترقت يومًا واحدًا عن أمها اليمن ، وكل قرار غير شرعي بشأنها نرده بلا شك ، ولم تتعهد اليمن لدولة ولا لشخص بأن تسلمه حقوقها وملكها ، وهل يمكن - يا صاحب الجلالة - بيع أو إهداء أي أرض أو زراعة ممن لا يصح تصرفه فيها ؟ ومن المعلوم أن العثمانيين وغيرهم لم يدخلوا شبوه ومنطقتها ، فلم يتصرفوا بشيء فيها ومنها . وهل من المعقول والمقبول المطالبة بهدية تقدم من مالكها ؟ ومن المعلوم أن جدنا الإمام الهادي هو الذي عمر الحصون قبل ألف سنة وأن سلفنا الإمام أقام في شبوه . فنحن متسلسلون في شبوه ، وسكانها متعلقون بحكومتنا من جملة إخوانهم بني جابر. وفي سنة 1914 ابتدأت الحرب العامة وتحاربت إنجلترا مع العثمانيين ، ولم يبق للدولة العثمانية وجود في العالم ، وأما تركيا الحاضرة فلم تصل إلى اليمن وتعمل لليمن شيئًا ، فهل يمكن - يا صاحب الجلالة - أن تجيز القوانين الشرعية والمدنية العالمية الاعتداء على بلاد دولة مستقلة واغتصابها ؟ وهل يستطيع أي يمني كان أن يرضى بتسليم أرض أجداده التي حافظوا عليها إلى هذا اليوم بدمائهم وجهودهم ؟ فأرجو من عدالتكم - يا صاحب الجلالة – أن تنظروا إلى الأمر بعين العدل ، ومعلوم جلالتكم أن عرشكم العالي وحكومتكم الجليلة عقدا برضائها وطلبهما معاهدة الوداد والصداقة مع اليمن . وتصرح المادة الثالثة من هذه المعاهدة بأنه لا يجوز أن يتبدل أي حال بين عدن وبين اليمن إلا بالاتفاق بين الطرفين ورضائهما وموافقتهما بالطرق الودية ، وأن تبقى الحالة التي كانت قائمة في تاريخ عقد المعاهدة نافذة المفعول ، فهل – يا صاحب الجلالة - يرضى عدلكم ؟ وهل ترضى القوانين الدولية والحقوق السياسية والإنسانية بعد تلك المعاهدة والشروحات المذكورة الودية ، وبعد مرور ست سنوات من عهدها أن يعتدى على شيء من أرضنا وحقوقنا الطبيعية ؟
وهل يمكن موافقتكم على هذه الاعتداءات والتجاوزات ؟ وإني - بكامل احترامي وتعظيمي لذات جلالتكم المعظمة ، وبتمام تقديري لحكومة جلالتكم السنية ولشعبكم المنصف الكريم - أرجو من جلالتكم تحقيق وتدقيق هذه المعاملة ، وإصدار أوامركم العادلة إلى من يلزم بأن يتفضلوا باحترام حقوقنا وشعبنا بلا جرح قلوب أمتنا ، وبلا استحقار أصدقائكم اليمنيين الذين هم ثابتون حالاً ومستقبلاً في صداقتكم ، وبأن لا يكون أي إجحاف بحقوق بلادنا ، ولا مخاصمة بين الدولتين المتضامنتين المتحابتين المتعاهدتين ، إن شاء الله . وتفضلوا يا صاحب الجلالة بقبول عواطف حسن نيتي وصداقتي وتقديراتي الخالصة الفائقة . في 11 جمادى الأولى 1358 - 29 يونيو سنة 1939