تعد مراكز الدراسات والأبحاث ركيزة مهمة من ركائز بناء وتقدم البلدان، ومركز الظفاري للبحوث والدراسات اليمنية من المؤسسات المهمة التي أنشأتها جامعة عدن في عام 1986م، والتي تحتوي على أمهات الكتب في مختلف المجالات التي تفيد في إثراء الفكر والمعرفة كالتاريخ والفلسفة واللغة إضافة إلى المراجع والوثائق القيمة والمخطوطات والمواد البصرية والمايكرو فيلم، ودوريات من الصحف العدنية الصادرة منذ الاربعينيات من القرن الماضي، وكذا الرسائل والاطروحات الجامعية في مختلف التخصصات، وتربطه شبكة من العلاقات الجامعية مع مختلف مراكز الدراسات والبحوث العلمية منها العربية والعالمية، ويصدر المركز مجلة "اليمن" الفصلية التي تعني بالشأن اليمني. وفي زيارتنا الأخيرة للمركز لتسليط الضوء على أبرز نشاطاته، وجدنا بأن هناك قصور واضح من قبل مسئولي الجامعة بإهمالهم لهذه المؤسسة البحثية على الرغم من أهمية دورها العلمي، حيث يواجه استمرار نشاط المركز صعوبات مادية، مما أدى إلى تراجع عمله بصفة ملحوظة، حيث يفتقد إلى الموازنة التشغيلية، كما يواجه صعوبة في الحصول على احتياجاته من المواد الضرورية التي تشكل بنيته الأساسية من تجهيزات وأثاث وغيرها، إلى جانب ما قيل بأن حافلة "باص" المركز لنقل الموظفين محتجز من قبل احد سائقي الجامعة منذ انتهاء الحرب الأمر الذي تعذر من خلاله حضور الموظفين الساكنين إلى عملهم، كل تلك الصعوبات لا يمكننا المقارنة في وضعيته الحالية مع نظرائه من المراكز البحثية في كثير من الدول.
يتولى إدارة المركز حاليا د. خالد عبدالله طوحل، مستعرضا لصحيفة "عدن الغد" عن أهمية ودور المركز وما يواجه نشاطه قائلا: " المركز من أقدم المراكز في جامعة عدن ارتبط اسمه باسم أستاذ اللغة العربية والتاريخ د. جعفر الظفاري وذلك وفق قرار مجلس الجامعة رقم (457) لسنة 2009م الذي تم بموجبه تسمية المركز بأسمه تكريما لدوره الكبير في تأيس المركز، يقدم هذا المركز خدماته للطلاب والدارسين في الدراسات العليا ، ويوجد فيه أكثر من 15000 عنوان من أقدم وأفضل الكتب بما فيها سلسلة مجلدات "انجرامس"، كما يوجد في المركز أكثر من خمسة آلاف وثيقة سياسية وأكثر من 500 فيلم "ميكرو فيلم" وثائقي، وأفضل أعداد الصحف القديمة منها مجلدات اليمن التي كانت تصدر في الصحافة المصرية ابان عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ".
ونوه رئيس المركز د. طوحل، إلى الإشكاليات المطروحة والصعوبات التي تنعكس على سير عمل المركز وحاجته إلى الدعم والمساعدة قائلا: " ان المركز بحاجة إلى ميزانية فعلية له، حيث لا توجد ميزانية خاصه به منذ انتهاء الحرب الظالمة على الجنوب في 2015م حتى يتمكن من القيام بدوره على أكمل وجه وكذا سعيه في الحصول على أجهزة حديثة مثل الحاسوب والطابعات ".
كما أوضح د. طوحل " بأن المركز تعرض للسطو ابان فترة الحرب الأخيرة وانه لم يتم اصلاح ما خرب على بعض اجهزته واثاثه المكتبية، وكل ما لديه في المركز بعض الأجهزة القديمة والتالفة، كل هذا لن يأتِ إلا بتوفير ميزانية له لكي يستطيع ان يلبي احتياجاته، كما انه بحاجه إلى بعض الأثاث المكتبي وأجهزة حاسوب وطابعات ليزر وآلات تصوير واشلاف وأجهزة تكييف وثلاجة ماء مكتبي وكراسي وطاولات للقراءة بالإضافة إلى بعض الترميمات من نوافذ وأبواب وبلاط أرضي لبعض الغرف، ناهيك عن حاجته إلى دعم مجلته "اليمن" الفصلية ليعيد إصدارها حيث كان أخر عدد من اصداراته (35) وعليه ينتظر تقديم الدعم والمساعدة لطباعة (3) اعداد من تلك المجلة المتوقفة (38، 39، 40) بالإضافة إلى بعض الكتب والإصدارات للمركز مع انه هناك عددين موجودين في مطبعة الجامعة 36 و37 لم تطبع منذ قبل الحرب، والثلاثة المذكورة هي في طاولتنا ننتظر الافراج عن العددين السابقين حتى يتم تسلم الاعداد اللاحقة ". وأشار إلى " ان المركز تلقى وعود من رئيس الجامعة بالدعم ويتنظر لما سيقدمه، وسبق لنا ان تقدمنا للجهات الحكومية ممثلة برئيس الوزراء وكذا وزير التعليم العالي بطلب تعاونهم بدعم المركز، باعتباره من أقدم مراكز الجامعة فهو يقدم خدمات كثيرة للأساتذة وطلاب الدراسات العليا في مجال الدراسات والبحوث اليمنية ". وتابع د. طوحل حديثه: " كذلك المركز بصدد تحضيره ندوة علمية عن المؤرخ عبدالله محيرز والتي تحدد عقدها في شهر سبتمبر القادم وهو يسعى جاهدا في حصوله على الدعم من قبل المعنيين لإنجاح هذه الندوة ".
ولعل من نافلة القول ان نقل المركز من ديوان عام جامعة عدن بخورمكسر إلى مبنى نيابة شئون الطلاب في مدينة الشعب وفقا لقرار رئيس الجامعة آنذاك د. عبدالعزيز بن حبتور، في عام 2009م بحجة إقامة معهد لتدريس اللغة الألمانية قد ترك اثرا سلبيا واستياءً كبيرا سواءً لدى شريحة الباحثين والمهتمين بشئون المركز وطلبة الجامعة ذوي الاهتمام بالبحوث والدراسات بسبب تلاشي الاهتمام بالمركز إضافة إلى البعد المكاني، علما ان المراكز البحثية عموما في كثير من الدول عادة ما يكون موقعها في دواوين الجامعات لتكون تحت مجهر الرعاية الدائمة والتطوير المستمر من القائمين عليها والمشاركين وذوي الاهتمام ومن يختص بالدراسات بمختلف مجالاتها ولكن رئاسة الجامعة حينها ربما كانت تتبع منهجية تدمير لكل ماهو جميل ونترك الأمر إلى القراء من النخبة والأكاديميين والطلبة فهل ما نرمي اليه صحيحا أم لأحدكم رؤية أخرى إذ انه لا يمكن أن نبني الفرد ومن ثم المجتمع ما لم نهتم بالجانب العلمي والتنويري فقد اهتمت كثير من البلدان بالكتاب وتجربة المراكز البحثية هي خير دليل.
أخيرا.. نتمنى من الجهات المسئولة في الجامعة وكذا وزارة التعليم العالي والجهات الحكومية ذات الاختصاص إيلاء المركز العناية والاهتمام والعمل على تذليل الصعوبات التي تواجهه حتى يتمكن من مواصلة نشاطه وقيامه بمهام عمله على اكمل وجه بالإضافة إلى إعادته لمكانه الطبيعي في مبنى ديوان الجامعة لينهض ويزدهر كما كان في عهده.