اليوم يعلن هادي حربه الثالثة على الجنوب؛ ففي حرب 94 كان هادي وزير دفاع صالح وقائد العمليات الحربية الرئيسي والمباشر، فكان لقواته السبق في دخول عدن وفي هزيمة الجنوب وتمكين نظام صنعاء من احتلاله. وفي حرب 2015 والمستمرة حتى اللحظة، كان هادي هو محورها؛ فمباشرة وبعد هروبه الغامض من صنعاء (والذي ما زال يثير الكثير من التساؤلات والشكوك) ووصوله إلى عدن، أعلنت صنعاء حربها الثانية على الجنوب لملاحقة هادي الذي يزعمون أنه يسعى لانفصال الجنوب، ولمحاربة الإرهاب كما يدعون. واليوم يشعل هادي نيران حربه الثالثة على الجنوب، والتي كان قد بدأها منذ وقت مبكر حينما كانت الحرب الثانية والمستمرة في أوج استعارها، وذلك بتعيينه بن دغر رئيساً للحكومة ومقرها عدن كعاصمة مؤقتة. فصالح الذي أطاحت به ثورة 17 فبراير، يشكل الخصم المشترك لشعبي الشمال والجنوب معاً. وبن دغر هو أحد الرفاق المخلصين والمقربين لصالح والذي كان يظهر دائماً ملازماً له في ميدان السبعين وفي كل الأماكن والمناسبات، في الوقت الذي كانت تراق فيه دماء ثوار فبراير وشباب الحراك الجنوبي في صنعاء وفي عدن وفي مختلف مدن وساحات الشمال والجنوب. وتعيين بن دغر رئيساً لحكومة الشرعية يمثل استخفافاً بتضحيات الشعب ودماء الشهداء، كما يمثل إهانة كبيرة لشعب الجنوب الذي ما زالت دماء أبنائه تراق في جبهات الحرب على يد قوات صالح، بينما وكيله بن دغر يتحكم في مصائر الأحياء منهم في عدن. وكما عمل هادي على تفكيك الحراك الجنوبي، فإنه وبنفس الطرق والوسائل، قد عمل على تفتيت وإضعاف المقاومة الجنوبية التي احتضنته واستماتت في الدفاع عنه؛ كما عمل أيضاً على احتواء بعض قيادات المقاومة بما يتبعها من عناصر بشرية ورعايتها وتعزيزها بشرياً وتسليحياً، ويشكل منها ما أصبح يعرف ب"ألوية الحماية الرئاسية"، والتي قد تكون إحدى أدوات هادي في حربه الثالثة على الجنوب. وتمثل إقالة عيدروس الزبيدي، وما يتوقع أن يليها من إقالات مماثلة لقيادات جنوبية أخرى، تمثل تصعيداً آخر في حرب هادي الثالثة على الجنوب؛ فقد عرف الزبيدي بتصديه الحازم للجماعات الإرهابية، فحقق نجاحات كبيرة بهذا الصدد. وإبعاد الزبيدي، والذي ظل على الدوام مطلباً ملحاً لأطراف يمنية ترعى الإرهاب، يعني عودة النشاط الإرهابي وبشكل أوسع وأعنف، في عدن خاصة، والجنوب بشكل عام. وليس ببعيد أن يأمر هادي ما يتبعه من قوات، بما في ذلك قوات المقدشي، بالتوجه إلى الجنوب لتطهيرها من القاعدة، وهو نفس الشعار الذي رفعته صنعاء في حربها الثانية والمستمرة على الجنوب. وهذا يعني عودة السيطرة الفعلية والتامة لصنعاء على الجنوب، وهي السيطرة التي ظل هادي يحافظ عليها ويرعاها، وإن بصورة غير مباشرة وغير منظورة أو مرئية. واليوم وبعد صدور هذا الإعلان التأريخي للرابع من مايو 2017 ، أتوقع تصعيداً جديداً وواسعاً في الحرب على الجنوب، سواء من قبل أطراف الحرب الثانية أو الثالثة والذين يصعب الفصل بينهم. إن هذه الأمور، ما يظهر منها وما يخفى (وهو الأعظم والأخطر)، تثير الكثير من التساؤلات والشكوك حول هوية شرعية هادي، أو معظم أطرافها على الأقل، وخاصة فيما يتصل بعلاقاتها بالإرهاب وبالقوى المسيطرة في صنعاء. إننا نجد توافقاً، بل وتطابقاً في الرؤى والمواقف بين الشرعية وصنعاء في كل ما يتصل بالجنوب. هناك من يقول أن الكثير من هذه الأمور تجري بدون علم هادي أو تفرض عليه، ولكن هذا لا يعفيه من المسؤولية في نظر كل المواطنين والمتابعين؛ فهادي هو الرئيس وهو المسؤول عن كل شيء في نظر العالم.