يقع الجنوبيون دائما في أخطاء كثيرة بعضها قاتله سوى في خطابهم السياسي والإعلامي او في مستوى فهم قوة وقانونية حقهم في إستعادة دولتهم او التأصيل لقضيتهم العادلة وطريقة عرضها, تلك القضية العادلة التي لا تساويها قضيه راهنه في حجم المظلومية ومستوى الغبن الواقع عليهم والخيانة التي تعرضوا لها من قبل الشركاء المفترضين في الوحدة مع اليمن سوى قضية إجتياح وإحتلال الكويت من قبل العراق في العام 91م. _ ولعل من اهم هذه الأخطاء مساواة القضية الجنوبية بالقضية الكردية او حتى مع قضايا الأقليات العرقية الأخرى في إطار الدولة الأم سوى تلك التي وجدت طريقها للحل والإستقلال وقررت مصيرها بمساعده دوليه مثل تيمور الشرقية , إقليم كوسوفو وجنوب السودان او تلك التي لازالت تسعى له ولم تفلح مثل مشكلتي الصحراء الغربية وشبه جزيرة القرم بشمال البحر الأسود , الأمر الذي يؤثر معنويا بل ويضعف موقف الجنوبي العادي من هذا الاستحقاق القانوني والشرعي وبالتالي لا سمح الله ضياع( الحق وقوته)..!! - فالقضية الكردية مثلا تختلف تماما عن القضية الجنوبية كما ويختلف معهما تلقائيا عدويهما( اليمن بعصابة حكم سلاليه قبليه_ عسكرتارية فاسدة ومتخلفة تتمتع بمناعة كافيه من النظام والقانون درجت على إغتصاب السلطة في صنعاء "القرية الكبيرة " التي لم تعرف الدولة المؤسسية طوال تاريخها وتركيا صاحبة التأريخ الإستعماري الطويل وذي الدولة العصرية الحديثة الوازنة اقتصاديا , سياسيا وعسكريا بل وجيوسياسيا " ذلك الضرغام الرابض بين البحرين الأسود والأبيض المتوسط" ) الذي يعمل له أعداءه الف حساب وحساب , وتسند له مهمات امنية دوليه كثيرة عند نقطة إلتقاء الشرق والغرب.... - إذا, من الخطاء مساواة القضية الجنوبية التي لم يتجاوز عمرها عقدين ونيف ولم يجف بعد حبر التوقيع على عقد اتفاقية وحده تمت بين دولتين مستقلتين وبشخصيتين دوليتين اعتباريتين , اي "جسمين قانونين مستقلين" ممثلان في كل الهيئات والمنظمات الدولية ,ليس هذا فحسب بل ان احد طرفي عقد الوحدة ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) كانت تشغل عضوا مراقبا في مجلس الأمن الدولي عشية التوقيع على هذا العقد الدولي , "إتفاقية " شهدها وباركها المجتمع الدولي وللأسف تلكئ بل تهرب فتخلى ورفض احد طرفي هذا العقد تنفيذ اول بنوده كما وتاريخيا لم يجمع الطرفين (الجنوبواليمن) اي كيان سياسي او إداري واحد من قبل أكان وفقا لنظام قانوني بما يسمى بالدولة المركزية او الموحدة كالنظامين الإداريين لكل من فرنسا وبريطانيا او حتى على شكل اتحادا فيدراليا حيث تتوزع السلطة على المستويين الفيدرالي والمحلي وفقا لدستور ينظم ويوزع هذه السلطات والاتحاد الأمريكي نموذجا مثاليا لهذا الشكل من الاتحاد الفيدرالي او بالنظام الكونفدراليا الذي يجمع دولتين مستقلتين او اكثر حيث ينظم هذا الاتحاد وفق إتفاقية او معاهده توقع بين هذه الدول بموجب القانون الدولي والامثلة هنا كثيرة او اي شكل آخر من أشكال الاتحاد اوغيره كتلك التي وجدت في الإتحادات المختلفة على طول وعرض المعمورة مثل الإتحادين السوفياتي واليوغسلافي السابقين قبل تفككهما.... بل كانت المنطقة مثل باقي مناطق جنوب شبه الجزيرة العربية لمئات السنين عبارة عن دويلات , إمارات , مشيخات وسلطنات اي (جغرافيات مستقلة عن بعضها إداريا وسياسيا ) لا يجمعها جامع. - لا يجوز إذا ان تساوى بقضية قوميه مزمنة ( كالقضية الكردية ) عمرها الاف السنين لم يشفع لها التأريخ ولم تساعدها جغرافيا الجزر القومية مثل أصحابها على مدى قرون ولايزالون أقليات قوميه وعرقيه -إثنيه مشتته توزعت على بلدان كثيرة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال الخليج العربي ولم يعرف تاريخ المنطقة أبدا ان شهد قيام دوله كرديه على الرغم من الدعم الذي حصلوا عليه الأكراد خلال كل المنعطفات والمراحل التي مرت بها المنطقة منذ الامبراطوريتين الفارسية والعثمانية والمحاولات التي اتسمت بالنكاية بتركيا أساسا والى حد ما إيران المانعين الرئيسيين لقيام دوله كرديه في المنطقة وليس العرب وحتى يومنا هذا والذي كان آخره الدعم السوفياتي للأكراد في شمال العراق(كردستان العراق) حتى صار البعض يسمونها بالجمهورية السابعة عشر المرتقبة بعد أفغانستان او على الأقل هكذا كان يأمل الأكراد من هذا الدعم وبما يمثله من حساسية تركية تجاه ما يسمى بالمد الشيوعي وعلى وجه الخصوص اليساريون منهم بداية تشكل نواه لدوله كرديه تجمع شتاتهم في المنطقة حتى بلغت نسبة عدد الأكراد ثلاثة أرباع منتسبي الحزب الشيوعي العراقي حينها ولم تخلو قرية كرديه من منظمات وخلايا الحزب السرية وكذلك تلاه الدعم الغربي الجاري الآن على قدم وساق منذ ما بعد نهاية الحرب الباردة ( بريطاني_فرنسي _وأمريكي) وحتى الإسرائيلي ايضا , الا ان لا احد من هؤلاء الكبار يجرؤ ان يفصح عن دعما علنيا جديا لقيام دوله كرديه سوى داخل تركيا او خارجها لأنهم يدركون جيدا ان ثمنه سيكون مكلف لعل اوله خسارة حليف إستراتيجي قوي في منطقه هامه ومحوريه... - هذا , وربما لو حصل ان تمكنت اقليه كرديه من استغلال الهشاشة العربية الحالية لإنشاء كيان مستقل في اي منطقه عربيه لأمتدت لها اليد التركية الى خارج حدود جغرافيا الجوار التركي ولن يستطع احدا ان يوقفها فقد رأينا المذابح التركية للأرمن عام 1915 ومعها لم نر اونسمع سوى شذرات انتقادات المنظمات الحقوقية الغربية وعلى إستحياء وشهدنا ايضا حملات"raids" الاعتداءات العسكرية التركية الجوية والبرية المتكررة على الأكراد في الاناضول وطالت الريف والحضر الكردي بما فيها العاصمة ديار بكر على مدى تاريخ طويل وكانت أحيانا تمتد هذه الإعتداءات الى داخل العمق السوري والعراقي في كردستان بشمال العراق وشهدنا أيضا كم كانت اليد التركية طويلة في ملاحقة اي نشاط كردي والضغط على بعض الدول العربية التي تأوي المعارضين الأكراد وخاصة سوريه التي تستمر جارتها "الجائرة " تركيا في ظم وإلحاق لواءها الخامس عشر (إسكندرون) منذ العام 1939م والواقع على خليج إسكندرون الى الشمال من محافظة حلب دون ان تقبل لا من العرب "الأشقاء "ولا من غيرهم حتى بمجرد الحديث عن ظروف وملابسات هذا الضم والإلحاق..وواصلت الملاحقة للمعارضين حتى أدغال إفريقيا عندما تعاونت معها أطراف إستخباراتية عده في البحث عن القائد الكردي الهارب رئيس حزب العمال الكردي عبدالله أوجلان والتي انتهت بالقبض عليه... -وفي سياق آخر متصل صار امرا معلوما وعلى مدى تاريخ طويل كم هي التجاوزات التركية لحقوق الإنسان ولكن لم نسمع ان اتخذ بحقها قرارا او عقوبة دوليه...!!! - خلاصة وبيت القصيد وحتى لا يضيع الحق الجنوبي في غياهب جب جهل بعض اهله لمشروعيته وقوته القانونية فإنه يتأتى على القائمين على إدارة وتوجيه الفعل الجنوبي التركيز على تحصين الوعي الجمعي ليس فقط لحمايته من المؤامرات الهادفة الى تمزيق الصف وإجهاض وحرف الثورة عن مسارها بل لترسيخ مفهوم قوة وقانونية هذا الحق وخصوصية القضية , وعليه فإن مساواة القضية الجنوبية بالكردية وبالتالي عدويهما من قبل البعض فيه ما يكفيه من الظلم والإجحاف والقصور في فهم تفاصيل قوة الحق ومسانده القانونية ما يخدم عادة مشاريع اعداءهم ووضع هذا الحق في مهب الضياع دون ان يشعرون وكذلك الحال تضخيم الاقزام ووضعهم بمصاف الأقوياء...!!! - لم تعد هناك موانع جوهريه تعيق سير القضية الجنوبية نحو الحل العادل الذي يرتضيه اهل الأرض ولم يبق امام الجنوبيين غير المزيد من جهود تعزيز وحدة الأداء وتوجيه أكثر وأدق للواقع الجنوبي المنتفض المنتصر لحقه في استعادة دولته وترشيد الخطاب الجنوبي مع قليلا من ضبط بوصلته وإيقاع فعله وإستمرار التمسك القوي بالحق بما يضمن الوصول الى تحقيق أهداف الثورة من خلال إستفتاء للجنوبيين في تقرير مصيرهم بإشراف دولي كطريق قانوني صحيح لحل المشكلة بعد تحقيق الإستقرار الإداري , الأمني والمعيشي في الجنوب كمنطقه محرره يمكن من خلاله الجنوبيين من مؤسساتهم وثرواتهم.