تحضر المناطقية بكل تفاصيلها، والعصبية بكل عنفوانها، والحماقة تعمي الإبصار ، والضغينة تنبعث ،والحقد يفوح،والجاهلية تعلن حالة الاستنفار، والعنصرية تتزعم الموقف وتصبح سيدة الموقف..
يقطعون كل الروابط ، وكل القواسم المشتركة ،وكل الجسور الممتدة، ويضعون كل العراقيل والحواجز والأسلاك الشائكة والمكهربة والفواصل فيما بينهم.
يختلفوا من اجل وطنهم ومستقبله..
من اجل وأمنه واستقراره ومستقبله .
ولأكن في خلافهم العقيم وتفكيرهم الضيق يحولوا هذا الخلاف الى تدمير وحرب تعيدهم نقطة البداية.
فيهدموا كل ما بُني وكل ما أسس من سابق وكل ما تعمر.
فيختلفوا على وضع الحجر الأخيرة في مبناهم وبيتهم المستقبلي والأزلي.
وفي ساعة غضب يقومون بهدم البيت وكل جدرانه على رؤؤسهم ورؤؤس أطفالهم من اجل حجرة واحدة كانت ان تكون في هذا الاتجاه او ذاك.
يختلفون على اتجاه الحجر الأخيرة من المنزل كيف يكون اتجاهها فيهدموا المنزل بأكمله فوق رؤؤسهم.
ويضحون بكل العناء والتعب ، وبكل الآمال والأمنيات ، وبكل والآلام والأثمان الباهظة التي دفعتها الأجيال بعد جيل.
لا أحد يسمع الأخر او يريد إن يسمعه او يحاول ان يسمعه.
ماذا يقول ؟ وعن ماذا يتحدث؟
حتى ولو كان حديث الطرف الأخر هو الاعتذار فلا يسمح لعصبيته ان تسمعه ويظنه شتم وسب واتهام.
لا يوجد في قاموسهم قواسم مشتركه. او مصير مشترك او مصلحه عليا وخطوط حمراء.
لايوجد في قاموسهم طاولة حوار، او لجنة تواصل، او لقاء تشاوري ، او حوار بناء وشفاف ، او مكاشفه اخويه.
او ماهو الافضل؟ وما هو الأنسب؟ وما هو السليم؟
لايوجد في قاموسهم شي مقدس اومور محرمه او مخاطر وعواقب وخيمه تؤذي الكل .
يتناسون كل شي ويتركون كل شي خلف ظهورهم ويتناسون شي اسمه وطن ، او مواطن، او مصير، او ضمير، او رجوله، او شهامة، اوقبيلة، او محبه ،او مخوه، او معزه، او تسامح، او تراحم ، او تنازل ..
الكل يضحي بالكل الكل يريد كلمته ان تنفذ ،ومنصبه ان يبقى، ومقترحه ان يطبق ، ونظريته ورؤيته الذي لا يمكن تجاوزها.
فليذهب الوطن والمواطن والمستقبل الى الجحيم.
ولا يمكن ان تذهب مقترحاتنا او مناصبنا او مواقعنا الى الاخ او الى الشريك والرفيق.
عكس القوى الشمالية وقادتها الذي يضحون من اجل المصلحه العليا ومن اجل ألا يشمت بها العدو والغريب تضحي بكل غالي ورخيص ،وبكل آنفه وكبرياء ورفعه وسمو .
ويتنازلون على كل شي من اجل وحدتهم الداخلية وصفوفهم ومصلحتهم العليا.
والسؤال هو متى سيتعض القادة الجنوبيون من الماضي الاسود؟