هناك مشكلة قديمة جديدة وعلى ما يبدو أنها دائمة الحدوث عند البعض من اللذين يمارسون المصانعة والمخادعة كذباً وتدليساً بدافع هاجس "الخوف" الذي يفقدهم "الثقة" لدرجة الانهيار! والذي يميط اللثام عن الحقيقة التي لطالما أخفوها وقد ينهاروا في أبسط نزال ولو كان نقاش على هامش لقاء عابر صنعته الصدفة! ولكن بعد أن تكتشف مراراً وتكراراً لا يدع معه مجالاً للشك أنك أمام أناس عندهم رأي آخر عن الهوية والانتماء! لا تملك حياله إلا الصمت والصمت فقط!!
ومع هذا فلا تخلو الذاكرة من الأسئلة ؟؟وأحاول أن أعيد التفكير في الأمر أكثر من مرة وفي كل مرة أصل إلى نوعٍ ما من الحسم المؤكد في ظاهرية الرؤية التي وللأسف تتجدد في كل موقف يشبه الذي سبقه! وفحوى تلكم "الرؤيه" أن هناك إشكالية عميقة في الهوية والانتماء والولاء!!! عند أولئك البعض اللذين يحملون في نفسياتهم وثقافتهم وتفكيرهم مزدوجين "متناقضين"!!
وذلك أنه ذات يوم دعاني أحد الأصدقاء لحضور عرس أحد أقربائه ولبيت دعوته.. ووصلنا إلى هناك وتناولنا وجبة الغداء على المأدبة -التي لاحظت أنها اقتصرت على أقارب العريس ومحبيه -وما أن فرغنا تجاذبنا أطراف الحديث الذي تطور إلى أن بلغ ذروته وقد ولجنا من حيث لا ندري للحديث عن ظاهرة "البسط" على الأراضي والتي استشرت بشكل ملفت مؤخراً ، وما كان مني عندما سألني أحد الموجودين عن رأيي ؟ إلى أن أدلو بدلوي فتحدثت ويبدو أنني اوغلت في الإسهاب على أن الظاهره دخيلة على مجتمعنا وأنها تعزز السلوكيات التي تعيدنا إلى جاهلية عصبوية القبيلة المتخلفة وإلى ما إلى ذلك..
وعندها بادرني أحدهم بالسؤال أنت من وين أيش "أصلك" يا أخي ؟ قلت له مازحاً وهذا السؤال أيضاً أحد أوبئة الظواهر الدخيلة علينا.. فضحك الحضور.. ثم قاطعني وقال لا مش كذا بس فضول مش أكثر! فأجبته أنا أصلي من أبين يا عم! تبسم وقال لي لا أنت مش من أبين ،قلت بلى ولكن لماذا ؟ قال اصلاً أصحاب أبين أهل "فيد"!! وضحكت وضحك الحاضرين معي وقلت ياعم لم يعد"بعض" أهل أبين وحدهم أهلًا للفيد!.. اليوم للأسف كل أجناس الجنوبيين "متفيدين"!! قال لي تقصد من ؟؟ وعندها تملكني الصمت قليلاً تحسباً من باب الكياسة أن يكون في جوابي ما لا يوافق رأي صاحبنا! وأسعفته بالجواب وهو يمعن النظر في ترقب وقلت كل الجنوبيين يا والد؟! قال لي لا لا عيال عدن "العدنيين"! ما يسووش كذا !
وقبل أن أتفوه بحرف كي أجيبه حتى كفاني عناء الرد صوت من الطرف الآخر للمجلس صادحاً لا لا يا " آبه"! لا تقوليش عيال عدن ما يسووش كذا!! ولله العيال أمس عاده دا الكلام بسطوا على حوش قالوا إنه ملكية حق الدولة !! فضحكنا جميعاً بدون توقف وقلت (وشهد شاهدٌ من أهلها) وبينما كنا نضحك حتى نهض الرجل جاراً الولد من قميصه وانهال عليه يكيل له السباب والشتائم وقد أصابنا الذهول وهو يوبخه انته أهبل مكان(.....)أهبل تشمت وتسمع بنا "الغرب"!! ولله أنتوا ما فتحستوش زينا احنا وخرج والولد مازال في قبضته إلى الخارج! ولم أستوعب ومن كانوا معي بعد ما حدث! فبادر أحد الأخوة ملطفاً الجو يا أخي اعذرنا شف عنده ضغط وسكري وأحيان كذا يتنرفز.. وفعلاً نجح صاحبنا في تلطيف الأجواء وجرنا إلى حديث آخر.. وبعدها همست لصديقي بأن علينا أن نغادر وقد تملكتني أفكاري الحائرة وأنا أردد في نفسي باستغراب من هم "الغرب"؟؟ وقطع علي صاحبي استرسال تلك الحيرة وصعدنا السيارة وقال مالك منه هذا(....) وأردف بحده وكمان"عنصري"! قلت محاولاً أن لا أبدي له اهتمامي تقصد من ؟ قال العاقل اللي كنتوا تتناقشوا انته وياته أول ولا عليك يا صديقي.. نظرت إليه وقلت أشهدك الله أليسوا "العدنيين جنوبيين" ؟؟ قال نعم..قلت إذاً لماذا الى اليوم مازالوا عدنيين..?!