ترزح مدرسة العين أعرق مدارس مديرية لودر تحت وطأة الإهمال والفوضى والعبثية والتسيب, وتعاني من قصور كبير أوصلها إلى حالة من التأخر والتراجع لتتربع (عرش) البلادة والبلاهة دون منازع.. وتغرق في مستنقع الإهمال (المتعمد) من قبل الجميع لتصبح مدرسة العين وماضيها التليد في خبر كان,ونندبها كلما تذكرنا تلك العراقة والفخامة والأداء الوظيفي والمستوى الطلابي الذي كان يعانق السحاب (علواً) وزهوا وفخراً وبها.. بين عيشة وضحاها, وطرفة عين وإنتباهتها وبقدرة قادر بات الكل يذكر المدرسة بكل سوء ويتأفف من روائح اللعب المكشوف فيها دون أن تنتفض في أحد (حسرة) أو ضمير, ودون أن تتحرك تلك الدماء الراكدة في أوردتهم أكانوا أهالي أم معلمين أم جهات إختصاص, لتستمر المدرسة في سقوطها المدوي وضياع طلابها الذين لاناقة لهم ولا جمل في كل ما يحدث.. اليوم من يراقب اليوم وضع التعليم في مدرسة العين وحالها بشكل عام (بعين) المتفحص والمتألم سيجد أنها باتت تسير نحو هاوية الضياع بخطى حثيثة وبمباركة من قبل الكل, وتنذر بإنهيار ماتبقى من معالم (التعليم) الهش فيها, وإندثار آخر معاقل التعليم الحقيقي في المنطقة بعد أن تأمر الكل عليها لتصبح أطلالاً يندبها الجميع.. ورغم تلك المحاولات البائسة لإنتشال المدرسة من (جب) المعاناة ومستنقع الإهمال والفوضى إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل الذريع ولم تؤتي ثمارها كما كان يخطط البعض, بل كان حالهم كزارع الورد في (صحراء) قاحلة لا حياة فيها ولا ماء, فإما يتركها فتموت, أو يستمر معها فيهلك الجميع.. وإذا حاولنا أن نسبر أغوار هذه المدرسة والغوص عميقاً بين ثنايا الوجع المتراكم منذ آخر سنوات البهاء والسمو والذكاء لوجدنا أنها تعاني من مشاكل جمة ومن عراقيل كثير لا حصر لها,بدأت حينما إنتزع الضمير والإنسانية والأمانة من دواخل من كنا (نعول) عليهم النهوض بالمدرسة والإرتقاء بها في علياء العلم والمعرفة..
التوظيف العشوائي ولعل بديات السقوط لهذا الصرح التعليمي العريق وإنهيار المنظومة التعليمية بدأت حينما بات مكتب التربية والتعليم ملجأ لكل من تقطع بهم السُبل أكانوا مؤهلين أم لايحملون مؤهلات لتنال مدرسة العين نصيب (الأسد) في هذا التوظيف العشوائي ويزج بجميع (القُصر) فيها ومن لايحملون أي مؤهلات علمية أو أدبية وسحب جميع القوة من المؤهلين والخرجين وذوي الخبر منها وتفريغهم أو تحويلهم إلى مدارس أخرى, لتبدأ المدرسة مرحلة البحث عن الوجود في كادر لا يجيد (فك) طلاسم الكلمة والحرف, ولا يجيد أبجديات اللغة العربية ناهيك عن المواد العلمية التي تحولت بقدرة قادر إلى مواد فكاهية خرج القائمون فيها عن المضمون والمتعارف عليه في قانون التربية والتعليم الذي (شُيع) جثمانه الثرى بعد أن أنتحر الضمير في دواخل الكثيرين مخافة من الله.. تدني مستوى الطلاب ليس هذا وحسب بل أن الحال لم يتوقف عند حد معين ليصل (لفلذات) الأكباد والطلاب الذين لاناقة لهم ولا جمل في كل مايحدث, لتحل عليهم (لعنة) هذا الوضع المزري والبائس ويصبحوا (أميين) مع مرتبة الشرف ودون منازع, بعد أن حكم عليهم الجميع بتعلم مبادئ الأمية في مدرسة سادت زمناً ثم بادت, ويصبح الطالب هو الطرف الخاسر في هذه المعادلة القذرة التي (جنت) على الطلاب حتى أن الواحد منهم لايستطيع كتابة أسمه أو (فك) أحرف أي كلمة, دون أن يستشعر الكل إبتدأ من الهرم التربوي حتى أصغر معلم بحجم هذا الخطر الداهم الذي يعيشه طلاب أعرق المدارس علماً وأدباً وأخلاقاً.. فتجد معظم الطلاب إن لم يكن كلهم غير قادرين على إستيعاب أي شيء من المواد والمقرر الدراسي, وتمضي سفينة التعليم (الهش) في طريقها دون حِراك أو صحوة ضمير من أحد, ويكأن المعنيون لا ينظرون للكيف بقدر ما ينظرون (للكم).. مدرسة البنات والمعلم البديل ولم يتوقف الإهمال عند هذا بل تجاوز ذلك ليصل إلى مدرسة (البنات) التي هي جزء لايتجزأ من مدرسة الذكور وحرمانها من الكادر (النسائي) رغم كثافة الطالبات فيها والذي بلغ عددهن مايقارب (700) طالبة بعد عملية الفصل بين (الجنسين), لتظل مدرسة البنات ترزح تحت وطأة المعلمات البديلات, ورغم مستوى معظم المعلمات البديلات اللأتي يحمل معظمهن مؤهلات الثانوية العامة إلا عدم وجود كادر رسمي أسوة بباقي مدارس المديرية ظل هاجس يشغل الكثير ممن ينظر لواقع التعليم الذي بات من السيئ للأسىوء.. فهل يعقل أن يكون قوام مدرسة مايقارب(700) طالبة ولا توجد لها كادر نسائي مؤهل ورسمي أسوة بباقي مدارس المديرية التي تعج جميعها بالكادر النسائي؟ المسمار الأخير المتابع لواقع المدرسة وللوضع التعليمي فيها والوضع العام سيدرك أن المدرسة باتت على سرير الموت وتلفظ (أنفاسها) الأخيرة, ولن تجد نفعاً أي حلول (ترقيعية) من قبل المعنيين في مكتب التربية مالم يتبع كل تلك الحلول المطروحة على طاولة الإدارة (المتنافرة) خطوات عملية فعلية ومتابعة دائمة ومستمرة إن كان هناك توجه حقيقي نحو هذا (الصرح) التعليمي الذي يعده البعض (البقرة) الحلوب والمرتع الخصب, ولم يتحرك المعنيون لتحريك المياه الراكدة التي باتت تعرقل العملية التعليمية في المدرسة وتضع (عثرات) كثيرة في طريق كل من حاول أن يسبر أغوار المدرسة ويجد حلول مثلى لهذا الواقع البائس والذي لايحتمل أن يطرق فيه (المسمار) الأخير والذي سيكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهر المدرسة.. همسة: ماكتبته هو غيض من فيض المعاناة التي نعاقرها في هذا الصرح التعليمي العريق والذي لم يعد كذلك, وما كتبته لن يعجب الكثيرين ولكن هي كلمة حق أقولها بعد أن أيقنت أن الإصلاح فيها بات من المستحيل, ولن تجدي نفعاً كل المحاولات في مواجهة هذا الإعصار الذي يقتلع في طريقه كل شيء.. ما كتبته هو مقدمة لتقارير بإذن الله ستتبعها أخرى عن المدرسة لعل وعسى أن يتغير حالها ويثور من لازال بداخله ذرة من ضمير وإحساس تجاه هذا الصرح التعليمي العريق..