لم تكتف الولاياتالمتحدةالامريكية واسرائيل بصناعة واشعال نيران فتن الحروب والاقتال في البلدان العربية بل تصور رئيس الولاياتالمتحدة انه حان الوقت المناسب لكي يعلن قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس الذي طالما اخفت امريكا رغبتها في القيام بذلك وتقديهما خدمة -لا تملك الحق قانوني فيها- لحليفها الاول الكيان الصهيوني والذي كان لامريكا اليد الطولى في زرع بذرة هذا الكيان في قلب وطننا العربي ، فساعدته في تأسيس دولته على الارض الفلسطينية وقدمت له الدعم المادي والمعنوي كما اعلنت اعترافها الفوري به. لقد فات زمن التردد بالنسبة للرئيس الامريكي المغامر الذي قضى حياته في عقد الصفقات التجارية فاعتقد انها فرصة لتقديم القدس لاسرائيل ثمناً لصفقة بلوغه سدة الرئاسة فلا يجوز تفويتها ولم يعط اي اهمية للقانون الدولي ولم يبال بمشاعر الشعوب العربية والاسلامية، فاعلن صراحة اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي وتناسى انه راعي لعملية السلام بين العرب واسرائيل والقدس هي اهم نقطة في مباحثات الطرفين فهي عاصمة دولة فلسطين ولها قدسيتها عند العرب والمسلمين فلها اسرى ومنها عرج رسولنا الكريم ، وفيها المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين . لكن الظاهر ان مباحثات السلام فات زمنها وعملية التسوية لم تعد تهم اسرائيل ، حيث كان ذلك في الماضي حين كان العرب قوة تهدد وجودها، اما اليوم فالشعوب العربية قد انهكت من قبل مخططات ومؤامرات ، صناع الحروب والاقتتال وعلى رأسهم امريكا واسرائيل ، فسوريا اليوم مدمرة وشعبها مشرد بعد انتاج وتصدير فتنة الربيع العربي اليها ضمن مجموعة من الدول العربية ومحنتها طالت وتعقدت ولم تجد نهاية ولا حل لهذه الحرب فعلقت آمالها وسعت سلطة ومعارضة خلف منتجي وصناع الحروب لكي يفرشوا طاولات التفاوض من اجل وقف القتال واحلال السلام! ، والعراق محطمة ونسيجها الاجتماعي ممزق، بعد ان خدعت امريكا العالم بحجج وتهم واهية لخوض حرب ضد العراق فدخلت بقوتها العسكرية وسلاحها الفتاك مع حلفائها لتهد قوة العراق وتنتهك سيادته وتجعل ميزان القوى يختل لصالح اسرائيل ثم تركتها للصراع الطائفي لتجني ايران ثمار تعاونها وتسهيلها غزو العراق ومن اجل ان تطول فترة الحرب ويستمر اضطرام نيرانها ويصل تزامنه مع حروب الربيع العربي ادخلت القاعدة وداعش ارض العراق لتحتل جزء منها وتخلق مآسي وخطوب جديدة والمستفيد الاكبر من كل ذلك امريكا واسرائيل، اما مصر فهي منهكة حيث دخلت في صراع على السلطة بعد ثورة الربيع العربي وانقضاض السيسي على جماعة الاخوان المسلمين التي تربعت على قمة السلطة ، فلا زالت افرازات ذلك الصراع تثقل كاهلها كما ان جذوة نار الارهاب دخلت ارضها واشعلت بعض الحرائق وكان آخرها هجوم داعش في سيناء وقتلهم المصليين في بيت الله اثناء تادية صلاة الجمعة ... وليبيا عالقة في دوامة صراعها المستمر والمتجدد منذ انطلاقة ثورة الربيع العربي الى يومنا هذا لم تنعم بالاستقرار والسلام، واليمن غارقة في حربها العبثية التي احرقت الاخضر واليابس ولبنان كثرت خلافاته وفيه ما يكفيه. فكل ما حدث ويحدث في عالمنا العربي جدد حلم اسرائيل ومن خلفها امريكا في اغتصاب مدينة السلام وجعلها عاصمة لدولة اسرائيل ولكن هيهات ان يتحقق لها ذلك فهناك الشعب الفلسطيني الذي نهبت ارضه واستحلت مقدساته وهٌجّر جزء كبير من شعبه خارج وطنه لن يسكت ولن يخنع لبطش الكيان الصهيوني وتمادي امريكا وانتهاكها لحقوقه ، فالشعب الصابر اليوم ينتفض ويخرج الى الشارع بقضه وقضيضة يقاوم الاحتلال بالحجارة ليثبت للعالم بان هناك ابطال لن يسكتوا ولن يستكينوا وسيدافعون عن مقدساتهم مهما ضعفت همة العرب وتخاذل المسلمون الذين لم يعد بإمكانهم سوى التنديد والشجب والاحتجاج، فكفاح الشعب الفلسطيني الابي سيستمر وستقدم التضحيات من اجل حماية شرف وكرامة العرب والمسلمين ..فالقدس لها رب يحرسها وشعب يحميها.