عبدالله بن عامر كم نحن مهووسون بالحروب وكم يتلذذ بعضنا في إذكاء الصراعات تحت أي مسمى لا يهم .. المهم هو أن تظل الأعيرة النارية تضيء في السماء وأصوات القنابل مدوياً وأكاد أشفق على أولئك ممن أطلقنا عليهم وصف "تجار الحروب" وعلى ما يصيبهم من هوس وما يعتريهم من جنون إن هدأت النيران وكف المغاوير عن ممارسة طقوس القتل اليومي . أكاد أجزم أن أغلب القتلى من القبائل أو حتى الجنود في أغلب الصراعات يُقتلون وهم لا يعلمون لماذا يقتلون؟ أو ما هي الأسباب التي جعلتهم في ذلك المكان الذي لاقوا فيه حتفهم ؟ والمشكلة ليست في ذلك بل على العكس تماماً فالذي لا يعلم أخف جهلاً وغباءً من الذي ساق نفسه خلف صراعات يعلم عبثيتها ويدرك نتائجها وأنه فيها مجرد أداة ورقم هامشي لا أقل أو أكثر . الأيام تعيد إنتاج نفسها دون وميض أمل يزيح عنا كوابيس لعلعات الكواشف وهدير القذائف المندفعة بلا رحمة لاختراق الجسد اليمني وهدر دمه في محراب العمالة وزهق أنفاسه تقرباً لسيد خارجي أو متمرد داخلي . يُقتل اليمني كل يوم تبركاً لمشاريع بدرجات مختلفة أعلاه مشروع مكافحة الإرهاب وأدناها "مشروع صنع شيخ محلي" وبين هذا وذاك سلسلة طويلة من الأسماء التي تُنحر لها الذبائح وتسفك لأجلها الدماء ولأتفه الأسباب وأحقرها نمارس طقوس الإنتحار حتى وإن كانت لكسب ود عدو أو لإثبات ولاء لصديق . الجميع هُنا يثبت شرعيته بالقتل ويؤكد ولائه بالقتل أيضاً .. يعلن عن نفسه باللون الأحمر , يثبت حضوره على أشلاء الأجساد المتقطعة .. يبدأ رحلته بالموت وينهيها أيضاً بالموت .. تختلف الغايات وتتحد الوسائل .. هُناك موت آخر تحت مسميات مختلفة وذرائع عديدة .. المهم أن حياتك كيمني رخيصة فمن منا لم يمت له قريب أقصد موته غير طبيعية , كلنا أصبحنا ضحايا صناعة الموت لأن المغاوير لا يتحاورون .. الأطباء لا يتعلمون .. السائقين لا يتورعون .. اليمنيون لا يهتدون . في اليمن إن لم تمت في صراع قبلي أو ثارات أسرية فقد تموت بحرب عبثية يقودها النظام أو تقتل برصاصة طائشة لا تعلم من أين انطلقت .. قد تلقى حتفك على دبابة أو في أحد متارس الجبال أو خنادق الوديان .. فإن أفلت من كل تلك الموبقات فلن تفلت من الموت المعنوي الذي يجهض فيك العزيمة ويئد الإخلاص ويقتل الوطنية . قد تمتد إليك يد غادرة .. قد تصبح أحد ضحايا السرعة الجنونية .. قد تخضع لتجربة طبية بالطريقة اليمنية تؤدي بك للوفاة .. قد تصبح ضحية لحشرية معهودة فلا تفض اشتباك بين شخصين (لا تفارع) لانك يمني .. قد تتعرض للحرق لأنه لا فرق بينك والحيوان قد يقضي عليك مرضُ عضال .. قد يعلن اليأس نهايتك المحتومة .. قد تستفزك الظروف لتدفعك للانتحار .... المهم تعددت الأسباب والموت واحد في وطن لا يصنع الحياة بقدر ما يُبدع صناعة الموت .. - ضحايا حروب صعدة ومكافحة الإرهاب وقمع التمردات بالآلاف . - الثأرات والصراعات القبلية مئات الضحايا سنوياً . - نسب قتلى حوادث الطرقات الأعلى في الوطن العربي .. - على معدل وفيات سرطانات وأمراض مزمنة - تزايد ملحوظ في حالات الإنتحار بين الشباب - من أعلى معدل وفيات الحوامل أثناء الولادة -خطاء طبية في تزايد تؤدي الى الوفاة