كانت اتفاقية الوحدة اليمنية والتي تم التوقيع عليها في عدن، بتاريخ 30 نوفمبر 1989 الموافق الأول من جمادى الأولى 1410 ه. من أبرز وثائق الكونفيدرالية القانونية اليمنية، والتي تم اعتمادها من قبل قيادتي الشطرين ممثلة بالأخوين العقيد علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، والسيد علي سالم البيض، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، تنفيذًا لما ورد في اتفاقية الكويت، وعلى أن تستكمل الإجراءات المتفق عليها في الاتفاقات السابقة، وعلى وجه الخصوص المواد ال 9 وال 10 وال 12 وال 13 من إتفاقية القاهرة . وقد نص الاتفاق على: تهيئة المناخ السلمي والديمقراطي اللازمين لإنجاز الخطوات الوحدوية وصولًا لدولة الوحدة وتأكيدًا على الالتزام بسياسة الحوار والتفاهم بين الشطرين وحماية الأمن والاستقرار ومواصلة للإتصال واللقاءات الوحدوية بين الشطرين. كما تمثل وثيقة العهد والاتفاق 1994 (مرجع كونفيدرالي قانوي آخر )، وهي إتفاقية تمت بعد قيام الوحدة اليمنية بأربع سنوات، في تاريخ 18 يناير 1994، في الأردن، وذلك لتسوية الأزمة السياسية بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ونائبهِ علي سالم البيض. وقد مثلت الكونفيدرالية بعدد من النقاط أهمها: 1. تدابير أمنية وعسكرية وأخرى تتعلق باللامركزية ( خالفها الشمال). 2. إصلاحات إدارية وسياسة وتعديل في الدستور اليمني (خالفها الشمال).
من هذا المنطلق فالكونفيدرالية تقدم حلًا عمليًا لإعادة بناء مؤسسات الدولة، في الشمال قبل الجنوب، على المدى الإستراتيجي البعيد. بالفعل الكونفيدرالية ستقدم قالب استقرار يربك فوضى الميليشيات في اليمن. هذا الطرح الجديد والذي يمثل أنموذج لسياسة مقارنة تسقط على حالة الفوضى الميليشاوية في اليمن.
الخوض في الكونفيدرالية اليمنية يجعلنا نوضح بأن المشكلة اليمنية ليست في شرعية وسلطة 21 فبراير 2012 بناء اتفاق المبادرة الخليجية في 23 فبراير 2011 فقط، بل في شرعية الجمهورية اليمنية ذاتها بعد حرب صيف (مايو-يوليو) 1994، ومخالفاتها لشروط تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 حتى وضعنا الواقعي اليوم.
يعزو ذلك لأن ( عدن )العاصمة تعد عدن الكوسموبوليتية أو عدن كوزموبوليتان، وما يعنى به اندماج شركاء متعددي الجنسيات، والتي أشارت إليها وثائق الأرشيف الوطني البريطاني، بناء الاحتلال البريطاني لعدن في 19 يناير 1839، وأرشفت صفحة خاصة عن ريف عدن والمسمى (بلدات وقرى الحجرية).
– مؤشرات الكونفيدرالية في اليمن 1.جمع شمال اليمن مشروعي الفوضى الخلاقة وفوضى الميليشيات، وهذا هو واقع اليمن اليوم، حدد بفوضى سياسية في الشمال منذ 11 فبراير 2011 ليقابلها ديناميكية الحرب الأهلية في الشمال، والتي بدأت في 21 سبتمبر 2014، وانتهت بتحرير كامل اليمن الجنوبي، وفي المجمل ماحدث في اليمن يمتلك توصيف قانوني دولي يعرف بميليشيات شمالية أسقطت الدولة اليمنية في الشمال والجنوب وعارضت الحكومة بفوضى سلاح وكتائب مقاتلة.
2. المعايير القانونية لسلطة الميليشيات في اليمن بأنها سلطة فوق الدولة، وبالتالي لابد من وجود دولة شرعية وسلطة معترف بها دوليًا ليتم دمج قوات الميليشيات في منظومتها، وإن كان الأصوب حلها، وهذا يعني بأنه لا توجد دولة في صنعاء والشمال، بل في الجنوب وتحديدًا العاصمة (عدن ) باعتراف أبناء الشمال أنفسهم.
3. الواقع في الشمال اليمني بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014 عبارة عن هجوم سياسي واستحواذ على مناصب سياسية.
4. الوضع القانوني لليمن الموحد لابد ونزع سلطة الميليشيات لتعود اليمن دولة موحدة، وتنتهي الفوضى بديل الديكتاتورية، وكلاهما عدو للاستقرار في اليمن.
5. الشرعية الحالية في اليمن عبارة عن فساد مستشري، وغياب لسلطة القانون، وذلك يصعب من أن تعود يمن موحد مركزي أو فيدرالي، وأن يتحقق حلم دولة القانون في المقام الأول.
6.شكل السيادة في الشمال نمط دبلوماسية الميليشيات، وغياب دبلوماسية الدولة، وتغول طائفية سياسية لاشرعية، ولا قانونية،تمارس إعتداء على الدولة الشرعية ونهب للمال العام.
7. الشعب والحرص عليه عبر تجنيب الجنوب والمناطق المحررة من فوضىالأجندة الشمالية، وحماية القوى الثورية التي تمتلك رغبة صادقة في تغيير اليمن للأفضل،بعيدًا عن الديكتاتوريات القمعية، والجنرلات العسكرية، واللصوص، والمجرمين، والمتطرفين، والميليشاوين، والمرتزقة.
بموجب ماسبق فتقدم الكونفيدرالية في اليمن عرض حل شامل واقعي للمشكلة اليمنية، عبر المحاور والنقاط التالية: أولا:ً اليمن كمؤسسة دولية. 1.زاوية دولية. تعتمد هذة الفكرة على إرساء الأمن والإستقرار في باب المندب، وكامل محيطة السكاني، وصولًا لخلق بيئة استثمارية ساحلية بطول 2500كم في كل اليمن الكونفيدرالي. 2.زاوية محلية. اليمن تمر بمرحلةصناعة الدولة، لكن هكذا صناعة لابد وتسلم بالواقع، وبكل ما رتب عن ممارسات نظام الحكم في الشمال حتى اليوم، وما يعرف عن الشمال بأنه إما دولة مستبدة أو لا دولة (فوضى). دومًا الشمال إما مستبد سياسيًأ أوعسكريًا، لقد فشل في بناء شراكة وطنية مع الجنوب، لاسيما واستخدامه لأسلوب ماكر في منح بعض القيادات الجنوبية واجهة سلطة كذوبة، والتي لا تمثل رقمًا للقضية الجنوبية، بقدر ما تمثل منصبًا سياسيًا، وبابًا للثروة، والإثراء، والانتفاع.
-كيف نصنع بلدًا مختلفًا في اليمن؟ لابد ونوجز سرد تاريخي مدعم بالوثائق عن العلاقة مابين الشمال والجنوب، حيث كانت القوة الخشنة التي يجيدها الشمال ضد أبناء الجنوب، وحدها التي قادت الرئيس علي سالم البيض ودفعته لإعلان الإنفصال في 21مايو 1994. تؤكد الحقائق التاريخية بأن الرئيس علي سالم البيض تعرض للخيانة من قبل شركائه في الشمال، ولقد كانت جريمة سياسية بامتياز شنها الشمال بحق أبناء الجنوب، وبحق أقرب المقربين إليه، والحديث عن الرئيس الجنوبي علي سالم البيض، وقد مثلت يومها جماعة الإخوان المسلمين الذراع العسكري الديني عمدًا إلى اجتياح الجنوب، برفقة عدد من القيادات الجنوبية، والتي يمن بها أبناء الشمال على الجنوب بأنها في قمة هرم السلطة حتى اليوم، أضحوكة اسمها حكم الجنوب من قبل الشمال، ومن قبل أراجوزات جنوبية يتم تحريكها حسب الحاجة حتى اليوم. بالفغل كان ما كان من حرب صيف 1994، والتي اجتيح فيها كل شيء في الجنوب: الإنسان والأرض والثروة.
ومع ذلك لم يتوقف الشعب الجنوبي عن تبني مطالبه باستعادة دولة الجنوب، والتي عبرت عنها انتفاضة الحراك الجنوبي في المكلاء 2007، وكان ما كان فيها من قمع من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وتختصرها جرائم قوات الديكتاتور القمعي علي عبد الله صالح عفاش، وتوثق الذاكرة الجنوبية همجية قمع مظاهرات الحراك الجنوبي في المكلاء، بالرغم من كل أساليب القمع، فلم يستكن الشارع الجنوبي في نضاله استعادة دولته المغتصبة، وبرز ذلك بوضوح بما يسمى العصيان المدني في كامل مدن الجنوب 2013.
رغم كل وسائل وأساليب الترغيب لم تتوقف جرائم الشمال في الجنوب بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، بل تطور الأمر ليقوم المؤتمر الشعبي العام، عبر عددمن قادته العسكريين، باعتقال وقتل أبناء الجنوب، وسيناريو متكرر لنهب الأراضي، والنفط، وقمع للحريات، واستمرار لمصادرة القرار الجنوبي النضالي، والحقوقي، وكذلك الصوت الشعبي.
لقد استمر مسلسل جرائم الشمال بحق أبناء الجنوب، لتكون باكورة تلك الجرائم، ما سمي بأول اجتياح لميليشيا الحوثي لعدن2015.
بناء على كل ما سبق، فتتضح مجمل الحقائق، بأن الشمال لا ينظر للجنوب إلا تابع بالقوة، ولا لغة غير القوة، وإذا كان ثمة أساليب ماكرة سياسية، وما يسمى باستقطاب قيادات جنوبية فهي لذر الرماد على العيون، بل كانت ومازالت مرفوضة من أبناء الجنوب، ولا تجد نفسها إلا شماعة تبرر جرائم الشمال.
راهن البعض بأن مخرجات الحوار الوطني الشامل كفيلة بمعالجة مطالب الجنوبيين، وذلك تحت بند (القضية الجنوبية)، لكن الكارثة بأنها في الأساس، أي مخرجات الحوار الوطني الشامل، لم يقبلها رواد السلطة في الشمال، وخصوصًا من قام بانقلاب 21 سبتمبر 2014، وهم جماعة حزب المؤتمر الشعبي العام، وجماعة الحوثي الميليشاوية المتمردة، في حين أوكلت مهة وأد الحراك الجنوبي للتجمع اليمني للأصلاح،لكن تحت مسمى سلطة شرعية، وتستمر تلك العقلية المقيتة في تبادل الأدوار، والحديث ليس عن الشعب اليمني في الشمال،بل مراكز القوى في الشمال.
الحكاية باختصار، بأن الشمال لم يتمكن من حلحلة خلافاته الداخلية على السلطة، ما بين مراكز القوى المتصارعة في الشمال، والتي لم تستطع استعادة ما يسمى الجمهورية اليمنية، في حين تتفق بأن الجنوب لابد وأن يخضع سياسيًا، أو عسكريًا، للشمال غير المستقر.
يتضح بأن الشمال أولى به حل خلافاته، واستعادة دولته الموحدة، أو على الأقل كيان فيدرالي، ليتمكن من تقديم نفسه كشريك للجنوب، وفي الحدود الدنيا كيان كونفيدرالي.
تتجدد آمال أبناء الجنوب بكيانة الجديد الجامع مع الشمال ( الكونفيدرالي)، والذي يمثل المزاج الجنوبي، تحت مسمى المجلس اانتقالي الجنوبي، لكن تبقى الكونفيدرالية في اليمن محكومة بعدد من القضايا الهامة أبرزها الحدود التشطيرية (البرية والبحرية )، لما قبل الوحدة في مايو 1990، والتي تمس الشعب اليمني، ومصالحة، ولاعلاقة لها بمراكز القوى المتصارعة في الشمال، أو ممثليها الصفريين في الجنوب، وتوجز بالتالي: 1.تسهيل حركة المواطنين ما بين الشمال والجنوب. 2.تسهيل حركة استثمار وتدوير رؤوس الأموال. 3.عدن الكوسموبوليتية أو عدن كوزموبوليتان.
بينما الكونفيدرالية الجنوبية، والحدود البحرية، محكومة باستيعاب أبناء ريف عدن، والذين تم حصرهم بما يسمى الحجرية، والتي تشمل مناطق خدير والصلو وحيفان وسامع والشمايتين (التربة ) والمندب (ذوباب)، المواسط وجبل حبشي والمعافر والوازعية والمقاطرة والقبيطة، فهذه المناطق كانت جزء لا يتجزء من النسيج الاجتماعي العدني، ودومًا كانت مع الجنوب ضد كل عدو يهدد أمن وسلامة أراضي الجنوب، وليس من يومنا هذا، بل منذ منذ ااحتلال البريطاني لعدن.
ثانيًا: اليمن على الصعيد والوضع القانوني. 1.قرارات مجلس الأمن الدولي سنة 1994 ضد المخالفات الشمالية ويمثل بقرارين: قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم ( 924 ) لعام 1994 الصادر في تاريخ 1 يونيو 1994. قرار مجلس الأمن الرقم (931) لعام 1994م الصادر في 29 يونيو 1994. حيث أكدت الفقرة (6) قرر إبقاء المسألة قيد النظر الفعلي.
2.قرارات مجلس الأمن 14 أبريل (نيسان) 2015 وما بعده، وكلها تشمل تجاوزات ومخالفات مكونات شمالية. مجلس الأمن يعتمد مشروع القرار العربي بشأن اليمن تحت الفصل السابع. مجلس الأمن يقر مشروع قرار خليجيا بشأن اليمن. مجلس الأمن يتبنى مشروع القرار الخليجي حول اليمن.
ثالثًا: السيادة الدولية اليمنية والسيادة الداخلية. الحديث هنا عن سيادة مطلقة للشعب اليمني، بعيدًا عن الأجندات السياسية، وتقديم حقوق المواطن في الشمال والجنوب فوق كل الإعتبارات. لكل ما سبق، فالكونقيدرالية الجديدة، تعد رؤية واقعية للقالب الذي يستقل به الشمال عن الجنوب، مع دمج مصلحة الشعبين.
رابعًا : مصلحة الشعب اليمني في ضوء القوى المهيمنة، ومعايير التصنيف المناطقي، والسلالي، والنخبوي… إلخ. تعاني اليمن من مهزلة دولة الأحزاب، دون الاكتراث للسقف الزمني للأحداث، وهو ما يجعلنا ننظر برؤية جدية وجديدة، لعلها تنجح في حفظ مصلحة الشعب اليمني، لذلك فالكونفيدرالية تمنح الحد الأدنى من الحماية لمن يؤيد الوحدة، أو يرفضها، لمن يقف مع الشرعية الدستورية لسنة 2012، أو انقلب عليها، وكل من ذهب إلى الوقوف مع ثورة التغيير، وساندها، أو تصدى لها، بثورة مضادة.
لذلك، وبناء كل ما سبق، فتجليات السياسة في اليمن، تتحدث عن موت الدولة المركزية، إما كدولة 22 مايو 1990، أو دولة اليمن الاتحادي الفيدرالي 25 يناير 2014، تحت غطاء مخرجات الحوار الوطني الشامل، نظرًا لأن الساسة في اليمن لا تعدو أن تكون صراع (المشاريع)، ومشروع الحزب الحاكم، والحزب المعارض، وصراع الأقاليم، وانتقلوا إلى صراع الأشخاص، فمن فر من الجنوب في صراع فاشل لسفك الدماء، يلجأ إلى الشمال، ومن فر من الشمال لجأ إلى الجنوب، بعد معارك طاحنة ودامية، وتكون حكاية الوحدة ما بين الشمال والجنوب، هي سقوط مؤقت للنخب الحاكمة، وبذور الاستبداد، في مقابل إعادة تدوير للاستبداد، والجنرالات العسكرية، والديكتاتوريات القمعية، والكهنوت الديني، من بوابة الوحدة اليمنية.