عبدالقوي الشامي هل ما يستحقه ابن جنوب السودان, الذي رفع علم جنوبه في 9 يوليو الماضي, بحضور سوداني ودولي لافت, لا يستحقه ابن جنوب اليمن, في حين ان تاريخ الاول لم يعرف علم خاص ولا دولة على مدى تاريخه, فيما الأمر معاكس تمامآ لدى الثاني, فالاغلبية الساحقة ان لم نقل جميع الجنوبيين عايشين على امل استرجاع حقهم في الدوله التي بقدر ما غيبت من المحافل الدولية في اكبر عملية نصب واحتيال, شهدها القرن العشرين, بقدر ما ترسخت في نفوسهم اكثر مما كانت عليه عندما كانت حقيقة واقعة, امر كهذا يتجلى في مظاهر الرفض للوجود العسكري والاداري الشمالي في الجنوب وحماس المواطنين حراكآ منذ العام 2006م, كي تعود دولتهم المستقله, ويعودوا معها للحياة الطبيعية ليس حبآ في الدولة وانما حبآ في الحياة.
طوال الخمس السنوات الماضية والحوارات مكثفة حول ماذا يعني ان تكون جنوبي ؟؟ .. فترة اكثر من كافية لبلورة تصور جامع يجيب على هذا السئوال المحوري, سئوال الأسئلة, المطروح بقوة على جدول أعمال الجنوبيين قاطبة.. الا ان هناك من الأجابات ذات الصبغة الايدلوجية ما انفكت, تلتف على السئوال المحوري بل تكاد تسقطة احيانآ لصالح اجندة الايديلوجيا, ففي الوقت الذي كاد الناس يتنفسون الهواء غير المضغوط بايدلوجيا اليسار, ها هي ايديلوجيا الأتجاه الأخر, تحاول ادخالنا, ومن خلال ذات النوايا الحسنة في ذات الجحر الكئيب وبذات الأدوات, وان كان هناك فرق فهو في المدخل بدلآ من اليسار نعاود الدخول من الباب اليمين وبدلآ من نائب رئيس منزوع الدسم سيكون لنا رئيس منزوع الريش والجناح, معزز مكرم في بيته (مع كامل التبجيل والاحترام للاشخاص).
وها هم يقدمون الدليل تلو الدليل على الأمعان في امتهان وازدراء كل ما هو جنوبي حتى وان كان رجل مناضل بقامة وتاريخ حسن احمد باعوم صاحب المقولة الشهيرة (من يكرم من؟؟) .. التي رفض بها الحضور الى القصر في صنعاء لاستلام وسام الثورة, ليس رفضآ للوسام وانما لأن من سيقلده اياه: هو علي عبدالله صالح, وان كان ذلك في بداية تسعينات القرن الماضي الا ان صالح, لم ينسى لباعوم انه كان من الاوائل الذين اماطوا اللثام عن نزعات السيطرة والاحتلال التي كانت وراء اندفاعه صوب الوحدة وهذا ما يفسر الملاحقة الأمنية والحصارالمتوصل لهذا الرجل الصلب الشامخ كالطود منذ ما بعد الوحدة حتى وهو على فراش المرض .. فتحية لهذا الرجل الذي يؤكد لنا دائمآ بأن الرجولة موقف واعتزاز بالكرامة.
فشرارة الربيع العربي التي اسقطت عروشآ وتكاد تفعلها بأخرى اشعلتها صفعة شرطية لبائع متجول في مدينة (سيدي بوزيد) التونسية فكانت الصاعق الذي فجر ثورة الكرامة تلك, فكيف هو الحال عندما يتم (التفل) في وجه شعبنا الجنوبي؟؟؟ او يشردوه ويقتلوا ابنائه بأسم محاربة الارهاب, اليس في كل ما يدور مدعاة لاعادة النظر في الخروج من دائرة الايدلوجيا اليسارية او اليمينية المدمرتان للأوطان, فالحقائق سيئة وذكرها مدعاة للكآبة ..
حقائق لا تشهد فقط على ضعضعت الاوضاع السياسية, الأجتماعية والاقتصادية في البلد وانما تؤكد ايضآ على عجزنا في ادراك حقيقة أن من يحكمنا هم اشخاص على شاكلة (طريق), (قيران) وبينهما (مقولة) اكانوا حليقين الذقن او ملتحين, فالاحداث تتطور في ضوء الية: مربعات ومناطق, عسكرية كانت ام مدنية, كالحارة, القرية, المدينة, المديرية, المحافظة او المحور.
يتحكمون بنا من خلالها, بشكل مطلق الصلاحيات, وكل مسئول مدني او عسكري اي كانت مرتبته العسكرية او المدنية, ما يتجاوز (الشريجة) يتحول اما الى (شيخ) او (أفندم) تحركه رغبة التحكم ونزعة الهيمنة والتملك والبيع والشراء في كل ما هو جنوبي وان اقتضى الامر, لا يتردد في القتل على الهوية, حتى وان كان داخل الزنزانة في السجن, دون حسيب او رقيب, فهم السادة ولا يريدون لأي جنوبي ان يكون اكثر من تابع طيع منفذ لأمر (الشيخ) او (الأفندم)
فهذا ديدنهم وهذه ثقافتهم وان تدثروا بلبوس الديمقراطية او اردفوا المدنية على اكتافهم, وحتى وان نزلوا الحكم من السبعين الى الستين او نقلوه الى الحصبة .. سيظل الحكم يدار بذات العقلية وبنفس الأسلوب وبالريموت كنترول .. اي انه ليس للمترددين فينا من خيار فاما ننتصر جميعآ لحقوقنا بالطريقة االتي نجمع عليها, او نعيش بفعل تردد بعضنا, حالة البدون ورمضان كريم على الجميع.