كنا نناقش الرفيق / عبدالفتاح إسماعيل (رحمه الله ) عندما (قيل أنه) أخرج فكرة (مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية) ! .. وقلنا أنها مرحلة انتقالية من وضع عرف ذلك الوقت بأنه ... لا هو نظام اقتصادي / سياسي اشتراكي و لا هو رأسمالي .. وكان (رحمه الله ) يؤكد أن ما كان عليه نظام (اليمن الديمقراطي ) حينها ما هو لا نظام (الكمبرادور ) ! .. والكمبرادور كما كان يفسّره العارفون في ذلك الزمن بأنه النظام الاقتصادي المعتمد على السوق العالمي والسوق المحلي .. أو هو السوق الوسيط بين النظام الرأسمالي الخارجي والسوق المحلي !.. ولا جدال في أن ما كان يدور حول (مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية) من سلب أو إيجاب إلا أن هناك كان من يوضح ويشرح لمن أتفق أو أختلف حول تلك التجربة ... أي أن هناك وضوحاً كافياً حول تلك التجربة ؟! .. ورغم ما كانت عليه الملاحظات حول تلك التجربة من سلب أو إيجاب فأن القيادات حينها لا تبخل على المواطن في توضيح أي لبس يواجهه في سياسة البلاد حينها؟... هذا ما كان عليه وضعنا في ذلك الزمن وفي ظل النظام القائم في ( اليمن الديمقراطي ) ؟!.. ولكن نحن هذه الأيام نواجهه تجربة جديدة ... محضور الحديث حولها ... أو عدم السماح لأي كائن كان أن يخوض في ثناياها .. لأنها مبهمة وغير واضحة المعالم .. تلك التجربة الجديدة هي ( المجلس الانتقالي ) ! .. هذا المجلس فكرته ( كما يبدوا) بأنه مرحلة انتقالية من وضع سياسي /اقتصادي إلى وضع جديد ( مُبهم الملامح) ؟!.. فمن المفروض توضيح كلمة ( الانتقالي ) .. يعني ننتقل من ماذا ؟ ... وإلى ماذا ؟! . كل من يتابع سير مجلسنا الانتقالي وسياساته ومواجهاته للأمور الخاصة والعامة للجنوب يقف في حيرة من ما يواجهه عند خطوات عمل هذا المجلس في تحركات عمله حيث تظهر في خطواته المتعثرة ثغرات سببها عدم وضوح الرؤية لمسار هذا المجلس ... هل هو مجلس مبني على مؤسسات تم إشهارها ويعتمد عليها في تسييره لأمور البلاد ؟ .. أم هو مجلس ثوري لأزال يصارع في القضاء على مخلفات الوضع الذي سببته الحروب اللعينة وأعداء شعب الجنوب الذين لا يزالون يتربصون بهذا المجلس ومن ورائه كل من تعلق به من الناس المؤيدين أو حتى الناس الذين لا زالوا يجهلون هوية هذا المجلس ؟!
لقد وقع هذا المجلس في أخطاء قد نوهنا لها في مقالات سابقة .. وهذه الأخطاء كانت سبباً في الإرباك الذي عانى ولازال يعاني منه ! .. فان كان هذا المجلس مؤسسي يضع نصب عينيه المؤسسات التي أشهرها وأعلن عنها وأصبحت معروفة للناس بأنها هيئات تشريعية تقع على المجلس الانتقالي مسئولية تمرير قراراته عبر هذه الهيئات !.. لكن ما نراه ونسمعه في أكثر من موقع يصدمنا بانسحاب بعض أعضاء تلك الهيئات بسبب عدم استشارة الهيئات التشريعية وعدم أخذ موافقتها لأي قرار يتخذه المجلس ؟!.. كما إن هناك تسرع في تشكيل هيئات وطنية ماتت في المهد !!.. ألا نذكر الحكومات المُصغّرة ..والمكّبرة..وألم نسمع عن حكومة الحرب التي أعلن عنها ولم نرى لها موقف في مواجهة الحرب (الباردة والحامية) التي يشنها أعداء الجنوب من بقايا (عفاش ) و (الحوثي ) ؟!... لماذا لا ولم نسمع رأي المجلس فيما نعيشه هذه الأيام من حملات وعمليات إجرامية تطول أبناء عدن والجنوب الشرفاء ... ومجلسنا المؤقر وحكومة الحرب ساكنه وهامدة ولا كأن ما يحدث من إجرام بحق أبناء الجنوب لا يعنيها .
و لا حتى هيئات المجلس التشريعية ولا حكوماته المصغرة والمكبرة , وعناصر الظلام الإجرامية تغيب عنا أفضل كوادرنا في الأمن والجيش والمؤسسات القضائية وعلماء الين وأئمة المساجد الخ .. هل كل هذا ألعبت لم يصل إلى مهام وواجبات المجلس وهيئاته وحكوماته التي لا تحصى ؟!... نحن مع فكرة المرحلة الانتقالية بهيئة ومجلس على مستوى هذه المرحلة .. ونحن نتعطش لسماع تفسير شافي وكافي وشامل من قبل قيادة المجلس وهيئاته ؟! فلا جدال في إن المجلس لا يسمع ما تتناقله إلالسن والأقوال التي تشتاط غضباً فيما تراه الأمة من عبت وإرهاب بحق الناس الشرفاء بعدن والجنوب !!... لا لشيء سوى أن المجلس وهئياتة على درجة عالية من الاهتمام بالشأن الخارجي الذي يتلاعب بنا وبأمورنا ويعشمونا بالأمل المفقود !.. لكن لو أن هذا المجلس وهائياته نزلوا إلى الشارع وليس إلى المليونيات التي لم تعد ذات حضور هذه الأيام .. ولم نعد نسمع عنها وعن إخبارها شيئاً يذكر !؟... فلو لبس عضو المجلس الانتقالي( طاقية الإخفاء ) ونزل إلى الشارع ليسمع ما هو عند الناس ستكون هناك فائدة عظيمة .. ولا يمنع ان يشتغل المجلس مع الخارج .. لكن الداخل أهم ؟..
( بالمناسبة ) ... مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية هي تجربة خلقها بوعي راقي جداً الرجل النقابي الشجاع الذي ألهم الطبقة العاملة السودانية طٌرق في النضال والكفاح المرير .. ذلك هو الشهيد / أحمد الشيخ ( الشفيع ) رحمه الله .. الذي حدد معالم هذه المرحلة في الكتاب الرائع بعنوان ( الشفيع .. احمد الشيخ .. والحركة النقابية والوطنية السودانية .. ومؤلف الكتاب الاستاذ / عبدالمنعم الغزالي !.. ولأ ننا لا نقراً ...أو أن أصحابنا في قيادات الحزب والدولة .. حينها لا يقراون ليعرفوا من هم الذين يؤسسون بصدق لنضال وكفاح الشعوب !!.. أتمنى من الجميع العودة لهذا الكتاب القيم جداً وللصفحة (124) من الكتاب المذكورة .. وتحديداً الفقرة الأولى من الصفحة وفي السطور رقم (6 إلى 7) !! ومن يقرأ هذا الكتاب سيتعلم الطرق الانتقالية بوعي وليس قفز على الواقع كما كنا عليه .. ولازلنا في زنازينة المظلمة ؟.. لنعرف ويعر ف الجميع ماتعنيه الانتقالية .. وكيف يتم التخطيط للانتقال من / إلى مرحلة جديدة واضحة المعالم .. وبأي قوى تتم عمليات الأنتقال .. حتى لا ( نجي كرس ) .. وتروح رؤوس وكيانات وكوادر وكفاءات .. والذي منه ؟!
وقبل ان أقول .. ولنا لقاء .. أهديك عزيزي القارئ هذه الأبيات هدية لزوجة ( الشفيع ) الفاضلة ( فاطمة ).. فيقول الشاعر (( يا أم الضفائر قودي الرسن .. واهتفي فليحيا الوطن ) .. ولنا لقاء .