من حق شعب الأمارات العربية المتحدة واصدقائها واشقائها أن يفتخروا وأن يحتفلوا بالذكرى الأربعين لتأسيس دولة الأمارات العربية المتحدة ' هذا النموذج الملهم في المنطقة العربية التي عاشت ولا تزال ردحا من الزمن تحت عباية الحكم المركزي الاوتقراطي العتيد وحكم تلك الحقب الاستعمارية التي حكمت المنطقة من عواصمها في لندن وباريس بموجب معاهدة سايسبيكو نتاج الحرب العالمية الأولى وورثت الرجل العثماني المريض الذي حكم المنطقة كوريث للامبراطوريات الأسلامية المتعاقبة . في الخمسينيات والسيتينيات من القرن الماضي وكمحصلة لنتائج الحرب العالمية الثانية وبوجود معسكرين في العالم أحدهما ( الاشتراكي ) والأخر ( الرأسمالي ) شهدنا فترة انحسار حقب الاستعمار القديم وظهور حركات التحرر الوطني وحصول بلداننا على استقلالها الوطني . كانت أحلامنا واحلام الشباب الثائر في تلك الفترة من القرن الماضي لا تنحصر في الحصول على هذا الاستقلال وانما في الطموح نحو توحيد الأمة التي شهدت التمزق والتشرذم والهوان في عهود الحقب الاستعمارية السابقة وجأت المساهمات النضالية والفكرية والعملية من مختلف اقطار الأمة لتحقيق هذا الهدف والاهداف اللاحقة بعضها اخفقت لعوامل ذاتية وموضوعية معروفة وبعضها استمر لفترة من الزمن وبعضها رافقه النجاح لأسباب ايضا ذاتية تتمثل في حكمة ورشد ونزاهة القيادة واعتدال وعقلانية السياسة الداخلية والخارجية ومنها هذا النموذج الملهم الذي يحتفل به اشقائنا في دولة الأمارات العربية المتحدة التي تقوم على نظام اتحادي طوعي بين 7 امارات كان للمؤسس القائد الانسان صاحب السمو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان واخوانه الشيوخ الكرام الدور الرئيسي في بناء هذا الكيان الذي وحد ولم يمزق جمع ولم يفرق في اطار علاقات مثلى من التكافؤ والاحترام المتبادل والعمل السوي والجماعي نحو بناء دولة حديثة متطورة يحكمها النظام والقانون ويشمل ربوعها الأمن والأمان والعدالة واستدام التنمية والسير الحثيث والمواظب نحو البناء المؤسساتي والحضاري وسط صحراء العرب التي شهدت العواصف والرمال المتحركة والتحديات والأزمات الاقتصادية والمالية العالمية خلال العقود الماضية منها حرب الخليج الأولى والثانية وبتلك التدخلات الخارجية الهوجاء وما رافقها من تأمر على سلامة دول الخليج المسالمة الأمنة ومنها دولة الأمارات العربية المتحدة الشقيقة ..
مثل هكذا نموذج هو محل احترام وتقدير كافة الشعوب المتطلعة الى الحرية والسيادة واحترام حقوق الانسان مثلما هو محل تقدير واحترام كافة الشعوب المؤمنة بالحرية والتقدم واحترام حقوق الانسان . اننا بانتظار ما ستفضي به الأيام بعد انتصار الربيع العربي على تلك الأنظمة الديكتاتورية العسكرية التي عاشتها معظم بلداننا العربية وهو التلاحم والتضامن والعطاء المتبادل مع هذا النموذج ومع كافة واحات الخليج ليشكل اللوحة الجديدة التي طمح الى رسمها اولئك القادة العظام الذين اسسو ووضعوا الفكرة من موقع وموقف اخلاقي رفيع تمثل بالصدق مع النفس والصدق مع شعوبهم بعيدا عن الغرور وروح التسلط والكذب والأدعاء الزائف وهو ما ميزهم وميز حكمهم عن اولئك ( العسكر ) الذين قفزوا للسلطة اما عن طريق التأمر والقتل او الانقلاب ' وقهروا شعوبهم وصولا الى قهر انفسهم وأولادهم واتباعهم في نهايات درامية محزنة كان يمكن تجنبها لو اتجهو الى حب الناس وحب اوطانهم وخلق علاقات متكافئة اساسها احترام حقوق الانسان في بلدانهم التي مارسوا فيها ابشع صور الاذلال والاستبداد والقهر والظلم تحت مسميات وطنية وثورية وقومية ليست لها علاقة لامن قريب أو بعيد بهذا المسلك المشين لهذا او بذاك الديكتاتور .
إن الاحتفال باليوبيلية الأربعينية لهذا النموذج الجميل هو مناسبة أمل وفرح وابتهاج لكل الرواد الذين اشتركوا وساهموا وحلموا بانتصاره وتوهجه وتألقه وهو مناسبة جميلة وتاريخية في أن نهدي أجمل التهاني مرفقة بالورد والفل والياسمين لمن هو ساهر على تطوير واكمال المسيرة رئيس الدولة سمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان وأخوانه الشيوخ ولاخواننا شعب الأمارات منا ومن الرواد الاوائل ومن شعوبنا التي تتطلع الى نموذج هكذا بنى وهكذا صمد وهكذا استمر تشاهده العين المجردة في الانجازات المذهلة لأمارة أبوظبي ودبي والشارقة وزميلاتها الأربع تلك الدرر المتلالئة في صحراء وسماء العرب .. انها تمثل التعويض المعنوي والسياسي للرواد و للشعوب التي اصابتها خيبة الأمل لفشل التجارب العربية القسرية في الوحدة هذا العوض مع العوض القادم في انتصار الربيع العربي سيكون الفرح الأكبر في الاحتفالات القادمة بإذن الله وتوفيقه ..