منذ الاستقلال والجنوبيون يسلخ بعضهم بعضاً ويسحل بعضهم بعضاً، ويجلدون ظهورهم بأيديهم، ويقتلون أنفسهم بأنفسهم، فالمستعمر قد حمل كل شيء له في الجنوب وتركنا نتناحر ونتقاتل، تارة باسم الرجعية ومرة باسم الشيوعية، وأخرى باسم العلمانية، ولكن كل حروبنا كانت باسم المناطقية . لقد مر الجنوب بمنعطفات سياسية خطيرة، فتارة تراه في أقصى اليسار وأخرى في أقاصي اليمين، فكل دورة حرب يذهب الأبرياء والكوادر حتى أثخنت الحروب الجسم الجنوبي، ولقد صفى الجنوبيون كوادرهم في سبعينات القرن الماضي ومن تبقى منهم جرفتهم حرب التصفية بالبطاقة في ثمانينات القرن الماضي، وجاءت الوحدة ورفض جنوبيو الطقمة جنوبيي الزمرة، وجاءت حرب الانفصال وتخلص جنوبيو الزمرة من ضدهم في الجنوب، فذنوب الجنوب مازالت مستمرة، ولعنة القتل بالبطاقة والمنطقة والانتماء مازالت آثارها ولعنتها مستمرة، ففي الآونة الأخيرة راحت ضحايا جنوبية وفاحت رائحة المناطقية وتعالى صوتها، وتقزم شعار التصالح والتسامح. فيا ويلهم كم قتلوا وكم سحلوا وكم شردوا، ولقد تمدد الذنب الجنوبي إلى أن وصل إلى يومنا هذا، فالجنوبي دمه برقبة أخيه الجنوبي، وكل القتل هو بسبب الذنوب التي اقترفها الجنوبيون بأيمانهم وشمائلهم. ستستمر لعنة الدم الجنوبي والذنب الجنوبي الذي سُفك بغير حق، وسيظل الجنوبيون يقتتلون ويحتربون فيما بينهم، إلا أن يتداركهم الله برحمته، ويعلنون تصالحهم وتسامحهم، ويقبل بعضهم ببعض ويرضى الكل بالجميع، فالجميع والكل جنوبي، فلماذا القتل والإسراف فيه؟ لماذا كل فترة من الزمن دورة حرب؟ متى سيتعقل الجنوبيون؟ فالجنوبيون هم الرئيس، وهم الحكومة بحذافيرها، فلماذا لا يرضون ببعضهم؟ ولماذا لا يساعدون أنفسهم للتخلص من الذنوب؟ ياليت شعري متى سيتطهر الجنوبيون من الدم؟ متى سيغسلون أيديهم من دماء بعضهم؟ وهل كُتِبَ على الجنوبيين القتل؟ ربما تستمر لعنة الذنوب إذا لم يتعقل الجنوبيون، فالجنوب به ذنوب، وذنوبه كثيرة ، فاللهم سلم سلم .