ابنك على مشارف الموت ! صاعقة نزلت منتصف إحدى الليالي على الحاج أمين ثابت علي الأثوري -عبر اتصال هاتفي لتخور قواه بعدها وهو لا يكاد يصدق ما يسمع عن فلذة كبده . أيها القراء جميعا تدركون ماذا يعني فلذة كبدك ، ضناك ، روحك ، نن عيونك ، سندك ، نواره بيتك "- مازالت سماعة الهاتف مفتوحة وحشرجات تتسع يتمالك الحاج أمين كل قواه ليستبين إن كان هذا الخبر مجرد مزحة في منتصف هذه الليلة ، يتسأل : ابني وضاح محط إعجاب الناس وحبهم ولا هنالك من أعداء له فلا اصدق هذه المزحة ،؟ في الطرف الأخر تمتد السماعة من يد أحد أقارب الحاج أمين لولده الأخر أديب -الذي كان برفقه اخيه الشهيد وضاح وناله من الاعتداء الأثم الكثير والكثير ومن فجيعته بإستشهاد اخيه- بصوت مكلوم يؤكد لوالده حقيقة الفاجعة ولكن بتخفيف مفاده ان الشهيد مازال في العناية المركزة ، ليغلق الحاج امين السماعة راكضآ نحو سيارة تقله من عدن صوب عاصمة "الموت" صنعاء .
تتباعد الدروب وعقارب الساعة كسلى وهذا القلب يعتصر وجعآ وتترائى أمام العين صور وضاح ، ضاحكآ مبتسمآ ، متفائلآ ، باحثآ عما يسعد الآخرين ، يصل بشق النفس صنعاء ليجد أن فلذة كبده جثة هامدة وبرودة جسده ترتجف لها الأبدان. وتبدأ من هنا فصول العذاب وتحديات الصبر ومرحلة التحدي في إحقاق العدل والانتصار للتشريعات الدينية والقوانين الإنسانية .
الحاج أمين لم يكن يعلم إن انتصار ابنه لمبادئ إنسانية خلاقة سيدفع ثمنها تلكم الروح الغالية التي لا يساويها شيء في الحياة -سوى كرمزية وامتثال لشرع الله - ان يرى عدالة الله محققة بالقصاص من القاتل.
الأب المفجوع لا يعلم حقيقية كيف قتل فلذه كبده وماهي الدوافع لذلك ؟ يروي الحاج أمين ثابت :" كان ولدي الشهيد وضاح مهندس متفوقآ في دراسته وأخلاقه وفي مجال عمله في وزارة الدفاع ، بدأ بتجهيز شقته التي استأجرها من عمه إستعدادآ لزواجه الذي قتل قبل موعده بشهرين , وفي الحارة التي انتقل اليها كانت هناك مجاميع تتقطع طريق الاطفال والصبيان لتستلب ما لديهم وكأنها جزية المرور وتتحرش بالفتيات دون ان تجد هذه العصابة ما يردعها فأدى هذا الخنوع إلى استعلاء وإستقواء هذه العصابة فأصبحت تسلب المارة مالديهم باساليب البلطجة ,وكان الشهيد وضاح حرآ فلم ينذل يومآ لمخلوق ولم تستطع هذه العصابة أن تستلبه كرامته وحريته ومات فداء لكرامة الضعفاء وإنتصار للحق المغيب واسس لمرحلة جديدة من إستعادة حرية الأخرين الذين لم يستطيعوا الانتصار لانفسهم رغم رتبهم العسكرية . "
تتصاعد التنهدات من قلب الحاج امين الذي يتفوق على الصبر في صبره ويتابع : "في 21 مايو 2010م - قبل استشهادة بخمسة ايام ، وبعد ترصد طويل تحاول العصابة إبتزاز رؤوف ابن عم وضاح الذي كان برفقته اثناء عودتهما والتعرض لسيارتهما ، فشلت محاولة وضاح السلمية النابعة من ذكاءه وعلمه وهندسة حياته بالتعامل مع معترض المشاكل ، لكن قامت العصابة ب إخراجهم من السيارة وحدث اشتباكات بالأيدي تعرض خلالها وضاح لطعنة ب خنجر . وبعد إنتقالهم لقسم الشرطة يتم الصلح بينهما بحضور والد القاتل وعمه اي -والد رؤوف -الفندم مصطفى ويتعهد القاتل بعدم التعرض لأي من وضاح ورؤوف ويتنازل العم عن قضية ابن اخية الذي طعن وفيما بعد قتل.
مرت خمسة ايام في حياة العصابة التي يتزعمها القاتل يخططون في التخلص من وضاح الذي بمقدمه للحارة قص جناحي الشر فيها لشجاعته ونصرته للحق ، فما عادوا يستطيعون استلاب احد أو التحرش ب أنثى كما كانوا يفعلون دوما ، مرت الخمسة الأيام وهم ينتظرون اللحظة للتخلص من المهندس وضاح الشوكة التي وقفت في حلق بلطجتهم . وفي يوم ال 26/ مايو /2010 وبإثناء عودة الشهيد وضاح وأخيه المهندس اديب وابن عمهما اذ تعرضت العصابة بزعامة "أحمد مفضل أحمد مفضل" وتقطعت للسيارة لانزال الشهيد واخيه وانهالا عليهما بالضرب وتم التركيز على الشهيد وضاح الذي رفض ان تستلب كرامة الناس من قبل أي عصابة , وتم رشق رأسه بالحجارة وأدوات حادة أودت به إلى الموت تنفيذا لمخططهم.
ثم يتابع قتل ابني لانه انتصر لكرامة ابناء حارته الذين استستلموا وتعاونوا مع القاتل ولا يستبعد أبدا ان تكون هذه الأطراف هي من حرضت على قتله بطرق مباشرة وغير مباشره ". وبعد مرور عامين على مقتل ابني , لم تصفني العدالة , ولم يعترف بولدي الشهيد بعمله بوزارة الدفاع - مهندس شبكات – وهو الذي تفانى في عمله وغدر به وهو عائدا من عمله ".
يضيف الحاج امين: "حتى اقرب الناس لي ومن قدموا ولدي فداء لكرامتهم تخلوا عني في اول المشوار ولم يحضروا معي دفنه بعد ان تفاجات وانا اخرج ابني من ثلاجة الموتى الذي ظل بها ثمانية اشهر بان تكلفة العمليات الاستكشافية التي اجريت للشهيد ما زالت مقيده عليه ولم تدفع بعد ".
والى الآن وقرابة العامين مرت والحاج أمين ثابت ينتظر العدالة ان تبت في أمر مقتل ولده وإحقاق العدل وقد تحمل فوق حزنه العناء والمشقة في مواجهة لوبي من عصابات امتهنت التقطع ولا تمتلك أي وازع أخلاقي فمازال وحيدا وحزنه يدفع به الى ان يتم تنفيذ حكم شرع الله .. ويناشد رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي , والنائب العام في إنصافه من قتله ولده بعد ان أرهق متنقلا بين مكان أقامته في عدن والعاصمة صنعاء . ويناشد وزير الدفاع بصرف راتب ولده الذي اوقف منذ مقتله .