حتى لقب الشهيد مستكثر على أبناء الجنوب في صحف ومواقع وقنوات شمالية وان كان البعض منها خاص وحزبي، ويدعي المعارضة، فمن يقف على رئاسة تلك الوسائل شمالي الهوية والطباع، ونظرته لحراكنا السلمي هي نظرة ذلكم الزعيم والشيخ والمفتي .. يحاول البعض منهم تقمص دور الصحفي الإنسان صاحب الرسالة السامية الهدف النبيل والحرف الحر، المنتمي للحقوق والحريات وقيم الديمقراطية، غير انه وبلحظة ما ستخونه ابتسامة المتشفي حال سماعه بمقتل جنوبي بهذه الساحة أو تلك وستسمع عقله الباطن يقول (يستاهلوا ما يشتوا هؤلاء )، مع العلم أنني قد سمعتها أكثر من مرة تنطلق كالشرر من أفواه صحفيين شماليين وهم يلوكون الجمل (جلنا ما عاد زيد درينا مه يشتوا والله أنهم جد كثروا بها) .
قد يأمر رئيس تحرير هذه الصحيفة أو ذلك الموقع احد محرري وسيلته بكتابة خبر عن الحادث لكنه سيوجهه بخبث لضرب حركة الجنوب التحررية السلمية، وسيبدأ خبره بجملة (لقي شخص مصرعه أثر اشتباكات بين قوات الأمن وعناصر مسلحة تابعة للحراك في ساحة الشهداء بالمنصورة)..
لن نبحث هنا أو نتساءل لماذا حُرف الخبر بهذه الطريقة الفجة ونحن نعرف جيدا كم يكذبون ويدلسون وكم هم بارعون في فبركة الأخبار لان سياساتهم الإعلامية مستقاة من سياسة نظام قديم جديد يحاول جاهدا دفن شعب الجنوب حي، غير أننا سنقف أمام بعض الكلمات أو المصطلحات التي يستخدمونها وتنم عن حقد دفين يضمرونه لأبناء الجنوب ودعونا نوقف عند كلمة (مصرعه) التي كنا نسمعها ونقرأها زمان في وسائل الإعلام العربية القومية الأصيلة، حال تناولها للإحداث في الأراضي المحتلة وعادة ما تتقدم الخبر الذي يفيد بمقتل صهيوني بفعل (لقي جندي إسرائيلي مصرعه اثر حادث سير أو سقوط مبنى ) ولم تعد تستخدم اليوم إلا في وسائل إعلام حزب الإصلاح والمؤتمر إثناء تناولهم للإحداث في الجنوب، إذ أن اليهود لم يعودوا يقتلون او يموتون حتى با أحداث عارضة، وبالتالي ضاعت هذه المفردة من أرشيف الإعلام العربي ..
اليوم وبينما الشباب المعتصمون في ساحة المنصورة يغطون في نوم عميق هاجمهم مسلحون اجزم أنهم من مليشيات الإصلاح برصاص غادر وقتلوا الناشط "محمد حسن بكيري" البالغ من العمر 53 عام ويتولى قسم معرض الصور في الساحة ..
المواقع الجنوبية المعهود لها بالمهنية وتتبع الحقائق ونقلها من نشرت الخبر فقط، ولم تلتفت الأخرى المحسوبة على السلطة والتابعة لقيادات قبيلة وعسكرية شمالية من قريب او من بعيد للحادث، مع إن رؤوسا تحرير تلك الوسائل للأسف جنوبيون، والخبر وحده مريع ومفجع أن تقدم على قتل ثائر نائم في خيمة يتدثر همه ويفترش وجعه وبين جوانحه قلب يؤمن بقضية ويتوق لاسترداد وطن..
مواقع شمالية ذهبت إلى ابعد من تجاهل استشهاد ثائر اعزل في ساحة المنصورة وتقول إن (محمد حسن بكيري) من عناصر القاعدة وقتل إثناء الاشتباكات الدائرة في (التواهي) بين قوات الأمن ومسلحين من القاعدة ..اللعنة رحل محمد حسن بكيري شهيدا إلى جوار ربه بعد أن عجز المسعفون من إيصاله إلى المستشفى وسد جرحه الغائر..رحل قبل أن يسمع كلمة الاعتذار التي بشرت بها أمل الباشا المتحدثة باسم لجنة الحوار الوطني ..
وعلى ذكر الاعتذار للجنوب واحتساب شهداء الحراك الجنوبي شهداء لدى حكومة الوفاق، لم يعد اليوم مقبولا أو ذي جدوى لدى أبناء الجنوب، وان كانت في نظر من يحضرون للحوار جسر العبور إلى بوابة الحوار الوطني المزمع، إذ أن ما يريده أبناء الجنوب اليوم -قبل التحدث عن تفاوض وليس حوار- أن تنسحب كل القوات العسكرية والأمنية من مدن وقرى الجنوب، وان يطلق كل سجناء الحراك من سجون ومعتقلات صنعاء ..