مواضيعنا في اليمن ليست بالخيالية ولا بالتعجيزية ولا بالأسطورية ومطالبنا في اليمن ليست إلا الضرورية لم نطلب مدينة جليدية ثلجية، ولا ناطحات سحاب، ولا إنترنتا سريعا مثل العالم، ولا طالبنا بتوفير الغاز للمنازل، ولا خرجنا مظاهرات لنطالب العالم كأي شعب بمستحقاتنا التشغيلية والتكميليلة، والثانوية.. موضوعنا أساسي تماما ومن آكد الضروريات: الكهرباء بالأمس كان يشكو إخواننا في القرى من كثرة الانقطاعات، فأبت إدارة الكهرباء إلا أن تجعلنا في خندق واحد، نخور كما يخور الكلب العاوي.. نستغيث.. نتوجع.. نواسي بعضنا، ثم نعود بخفي حنين نصيح بصوت واحد، ويعود صدى أصواتنا إلينا. المدير العام للودر -حفظه الله- صرح بها، وأعلنها مدوية: "لست راضيا عن إدارة الكهرباء، وأبلغت مكتب المحافظة بإقالته، فرفضوا ذلك". إن وراء الأكمة ما وراءها أيها الشعب الذكي. هاهو مدير المديرية مع الشعب، ترك السياسة والمحسوبيات جانبا، ووقف مع الشعب الكادح، كمواطن واحد، كشخص كفرد له ما لغيره من المواطنين من المطالب واللوازم والمستحقات.. لا أظن أن هناك صراحة بأكثر من هذه، ولا طهارة قلب بمثل هذا الابتذال والقوة. ماذا بقي؟ إدارة كهرباء فاسدة، ومافيا تشغيلية تعبث بكل ما هو ممكن ليصب في خدمة المدينة. اليوم وبالأمس وقبل شهر، وفي كل رمضان، وكل سنة.. ونحن نصيح بنفس الصدى : نريد كهرباء، نريد أن نعيش..نريد أن نرى، نريد أن نشاهد العالم، والتعليم. يا رعاة الإنسانية والاقتصاد: المسلمون ضحوا في شعيرة العيد قربانا لله، اشتروا أضاحيهم بأسعار جنونية. يا أيها الناس: والذي برأ النسمة، إن أغلب أصحاب الأضاحي رموا أضحياتهم من الثلاجات، لقد أتلفها انقطاع الكهرباء! يا رب هل يرضيك هذا الإجرام؟! يتعللون بأن الشبكة كثيرة الأعطال، وتارة: بأن المحطة بلا "فولترات" للمكائن.. وتارةبأن الشعب لا يسدد ما عليه... الشماعة التي كانوا يعلقون عليها أعذارهم هي مادة الديزل، وعاد الديزل، وعاد الوطن! ثم ماذا؟ أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي.. اليوم: لا متأخرون، ولا أتوا!. ضاع القليل، ومات الكثير. استطعتم أن تدمروا الشعب في أيام عيده، وروحانيته، ولحمته وأضاحيه.. شعب فقير بلا عيد، بلا أضحية مأكولة.. حسبه أنه ذبحها، وأكل منها يومه، ثم رماها! هكذا أردتم، وهكذا انتصرتم! أيها الفاسدون: نداء الشعب، لم يلبه أحد منكم! هذه الكرة وهذا المرمى، أما الجمهور فلا أحد، العبوا وانتصروا، وارفعوا الكأس، ولا أحد معكم.. نسيتم الشعب، وتجاهلتم الجمهور.. والشعب إذا ثار، فبركان لا يقف أمامه سوى البحر.. إإنه يلتهم كل شيء أمامه، إنه الشعب الجائع..! يا كبار البطون.. يا مرتزقة فتات الشعب، وحقوقه.. إذا الشعب ثار على الظالمين فلا بد أن يرحلوا أجمعين ولا بد لليل أن ينجلي ليهوي إلى أسفل السافلين ومن لا يلبي نداء الشعوب يثوروا عليه ولوا بعد حين .. هذا القيد الذي طوقتم به أعناق البسطاء لا بد له أن ينصهر، "ولا بد لليل أن ينكسر" والله إن الشعب إذا ثار فلن تقف أمامه جبال تهامة. الليلة كانت قاصمة الظهر لكم، لا أحد معكم يا إدارة الكهرباء الفاسدة، يا طاقمها التشغيلي المنطفئ، يا طاقمهاالتشغيلي التخريبي.. إذا كنتم تستندون إلى قوة، وتتكؤون على كتف يحميكم، فحسبكم أن الضعفاء نبذوكم، وتأذوا منكم، ونالوا من ظلمكم، ثم رفعوا أكفهم سهاما في الليل، كلهم ضراعات ومظالم يبثونها إلى أقوى الأقوياء.. جبار الأرض والسماء. وفي الحديث النبوي"إنما تنصرون بضعفائكم، بدعائهم، وصلاتهم، وإخلاصهم"، الشعب المظلوم يصلي ويدعو مخلصا، والشعب هذا الكادح الذي تستصغرونه وتحتقرونه إذا هب لن يقف، وأنتم تعلمون.. نحن لسنا مع التظاهرات، ولكن نطالبكم أن تكفوا المحرضين عنها باستقامتكم وصدقكم وأمانتكم.. ثم ماذا؟! دموع وصراخ وعويل تشهده البيوت في المدينة والله المستعان! أما آن لكم أن تتراجعوا؟! أما آن؟!