هو ليس مجرد زي هو تربية وجدانية حينما يتم نسف آخر علاقة انتماء وجداني بين الطالب وبين المدرسة ،، فاعلم أن البلاد تتجه نحو عصر الظلمات بعد كل ذلك الاستهداف العنيف الذي مرت به العملية التعليمية طوال عقدين ونيف من الزمن . ابتدأ بالغش وتسهيله مرورآ بإضعاف مرتبات المعلمين وجعلها أسفل سلم المرتبات وادناها .. وإلغاء دور الموجهين وزياراتهم الميدانية للمدارس ومرورآ بتسريب أسئلة بعض المواد في امتحانات الشهادة الثانوية العامة .. اليوم نفاجىء بقرار مؤسف جدآ جدآ ان نصل إليه ومخزي جدآ لكل من يدافع عنه أو يبرره تحت أي عناوين . الزي المدرسي يا سيادة الوزير له رسائل وجدانية في نفس كل طالب خاصة طلاب المرحلة الابتدائية وهي مرحلة النشاء ومرحلة الأرض اللينة التي تزرع بها الأمم في قلوب وأرواح نشئها حب الوطن وحب الانتماء اليه . من منا لا يتذكر مرحلة الابتدائية في حياته ،، وفرحتنا بالنشطة الحديدة وعلبة الهندسة والشميز الأبيض والسروال القصير ابو لون كاكي والجزمة الشراع... تلك الفرحة وذلك الشعور هو ماكان يميز كل عام دراسي نستقبله. الزي المدرسي هو جزء من تربية وجدانية وجزء من شعور بالانتماء إلى مكان ما وموقع ما وهو تدريب يومي للنشاء على أن هناك شيء اسمه نظام يبدأ من الزي المدرسي ومن هيبة الوقوف تحت سارية العلم في طوابير منتظمة إلى الاستئذان حتى في الإجابة داخل الصف... الزي المدرسي هو إلغاء لأي تمييز اجتماعي قد يحرج طالب فقير إمام طالب مقتدر وهو ما يجعل طلاب الابتدائية يقبلون على بعضهم وينصهرون في الساحة يلعبون لانهم جميعا يرون أنفسهم بنفس المستوى وبنفس الهندام الموحد . أحوال المعيشة للمواطن لن تتغير يا سيادة الوزير هذه السنة ولا التي تليها في ظل هذه الحرب العبثية والرؤية الضبابية المشوشة .. فهل ستعلق في العام القادم الالتزام بالشنطة إضافة إلى الزي .!! فكان أولى بكم ( كوزارة ) ان كان هناك اهتمام حقيقي بعملية التعليم وبالفقير الذي أنهكته سياسات الحكومة ،كان الاولى ان يخصص بند عاجل لاستيراد من 8 الى 12 حاوية 40 قدم كلها ملابس مدرسية مختلفة الأعمار وتباع عبر منافذ بيعيه تخص الوزارة مباشرة أو عبر وكلاء لها بأسعار مخفضة ومدعومة ولو لهذا العام كدعم حكومي للطالب الفقير . هناك حلول كثيرة وأفكار اكثر ... لكن ليس من بينها بطبيعة الحال فكرة نسف تلك العلاقة وذلك الانتماء الذي يبشر بأن العملية التعليمية في بلادنا وصلت الى ادنى مستوياتها ... وهي كارثة بكل المقاييس... ولا تبررها أي ظرف سوى أن الحكومة باتت عاجزة حتى عن وضع حلول حقيقية مساعدة للمواطن الفقير على الأقل في شيء هام وليس فيه جدال وهو التعليم . مؤسف ما يحدث ... بل وخطير وله تبعات مستقبلية على اجيال قادمة لا أرى سوى أنهم يساقون إلى طريق آخر ليس فيه إنتماء وليس فيه شغف ومتعة تعليم ومثابرة... ولن يشعر الطالب حين يستفيق باكرآ بأي فرق أو تمييز يحفزه للقيام بفرح ونشاط خاصة طلاب اهم مرحلة.. الابتدائية... فيفقد الطالب الإحساس بالاختلاف.. فتصبح المدرسة عنده مثل الشارع أو السوق ... لا فرق بينهم . يبدوا ان العملية التعليمية الحكومية تعيش آخر مراحلها وهي في الرمق الاخير .. بعد سنوات طوال من استهدافها بالمناهج وكل ما مر بها من مراحل انهيار .. ومن_يدري لعلنا غدآ نتخلى عن المدارس ويذهب أطفالنا مع الواح الخشب وحبر الفحم والماء ليتلقوا التعليم تحت ظلال الأشجار . عمومآ هي سابقة لم يسبقكم فيها أحد على كوكب الأرض خاصة من الدول الفقيرة التي تتشابه معنا ،، فحتى بريطانيا في عز ما كانت تقصف في الحرب العالمية الثانية لم تغلق أبواب مدارسها ولم تلغي الزي الموحد ولم تلغي الحصص ولم تعلق الدراسة فيها يوم واحد .