القضية الجنوبية , قضية شعب وحق وأرض وهوية , قضية تضحيات قدمها الاجداد والأباء على مر سنين تاريخنا المعاصر , منذ أن بدئت المقاومة ضد الاحتلال البريطاني الى تحقيق الوحدة في عام 90 , وأعتقد الجميع أن ملف القضية الجنوبية أغلق بهذه الوحده وأن عصرا جديد قد بدء , حتى أنقلب نظام علي صالح وشن حرب الغدروالخيانه , وأنقلب على الوحده وبدء مسلسل الظلم والتهميش والاعتداء على الجنوب أرض وشعب وهوية . ألا أن شعب الجنوب لم يستكين ولم يقهر , ذلك الشعب الذي قاوم المحتل طوال 130 عاما , قرر المقاومة ضد الظلم والطغيان , ضد ظلم الاخ والجار , فخرج من خضم المعاناه الحراك الجنوبي , كأول حركة مقاومة سلمية هزت عرش علي صالح , وأصبحت ملهمة وديناموا ثورة 16 فبراير . الحراك الجنوبي , هذه الحركة الشعبية , التي قادها وأسسها رجال وشباب عاشوا بيننا وذاقوا من نفس الكأس الذي ذاقه الشعب الجنوبي , كأس القهر والظلم والهوان , هؤلاء الرجال ومن خلفهم النساء والاطفال , أشعلوا في الجنوب شعلة الحرية ونحتوا على صخور الجنوب قصة وقضية الا وهي القضية الجنوبية .
الا أن الامور تغيرت , وألاحوال تقلبت , والحراك ليس الحراك , والناس ليسوا ذالكم الناس ؟؟؟ , لقد خطفت القضية الجنوبية كما خطف علي صالح الوحده اليمنية , خطفت وخطف معها أمال وأحلام شعبها , وخطف معها أرواح الشهداء وأللام الجرحى , وخطفت معها أحزان الامهات و أهات الزوجات وبرائت الاطفال .
في عام 2007 م , أعلن رسميا عن وجود الحراك الجنوبي كقوه وحركة شعبية على أرض الجنوب , وكان زخم وقوة الحراك في تنامي حيرت طواغيت صنعاء , وأزدادت حيرتها مع بروز قيادات جديده لم تتعامل معها مسبقا وبعضها لا يربطة بالاشتراكية والنظام الشمولي للجنوب أي صله , وشباب نشىء وتعلم عقيدته ودينة قبل دنياه , وعرف الحق , الا أن نفس العام حمل للحراك والقضية الجنوبية بذور الفرقة , وتحديا حقيقا وهو عودة القادة المتمصلحون , الاشتراكيون , وما أن عادوا حتى بدئت معه عملية خطف القضية الجنوبية و تحجيمها بحيث تناسب أهدافهم التي عادوا من أجلها, الا وهي شهوه السلطه والرغبة بالقعود على كرسي الحكم ونزواتهم في التحكم والتسلط على الشعب في الجنوب , كما تسلطوا سابقا وقرورا دخول الوحده دون الرجوع الى الشعب , معتبرين الشعب الجنوبي مجموعة من الأغبياء والأميين , ومعطين لأنفسهم حق تقرير مصير شعب ودولة .
ووجد نظام علي صالح والقوى المتحالفه معه , أن الامور تجري لصالحهم وكما قال علي صالح عن القضية في الجنوب : (( أن هناك من يعمل لصالحنا في الجنوب مجانا )) , وقصد بذلك , أن عودة القادة الشموليون , وبطبيعة النظام والعقليات التي حكمت الجنوب سابقا , والتي قامت على الفردية المطلقه , من شئنها تمزيق الحراك عبر صراعات بين القاده أنفسهم , ومشاحنات , وبغضاء لا تخدم القضية , وهذا ما جرى فعلا .
وعمل القادة وبطاناتهم على خطف القضية , وتشكيلها , لتصبح القضية الجنوبية هي قضية وجودهم , فلا قضية الا بهم ولا جنوب الا هم , وما دون ذلك يجب أن يختفي ويتلاشى , عبر التشكيك والاقصاء ونشر الشائعات وشراء الذمم والتحالفات وأستخدام الاعلام لاهدافهم , وهذا بدورة أزاح قوى جنوبية شابه والسبب يعود الى نقاط عده : الاولى أفتقار الشباب للمال ووجودة بوفره مع القاده الشموليون (( مال الجنوب )) . الثانية أستخدام المناطقية التي يجيد أستخدامها القادة الشموليون (( ونتذكر حرب 86 )) الثالثه افتقار الشباب للخبرة الكافية والتعامل مع الشائعات والبيانات , وفي المقابل فأن القاده الشموليون قام نظامهم على الشائعات والاقصائات والحروب الداخلية رابعا افتقار الشباب للخبرة في أدارة الاعلام , وفي المقابل خبرة القاده الشموليون في أدارة الاعلام الموجه . ومن خلال هذه النقاط عملت الجماعات الخارجية وأضف معها دور القوى في صنعاء على تشتييت الحراك وبث الفرقة واخيرا خطف القضية الجنوبية .
علامات ضعف وتفكك الحراك :
أن من أهم علامات تفكك وضعف الحراك تفكك القواعد الشعبية , حيث أصبحت القواعد الشعبية تتبع شخصيات أما بمناطقية وعصبية جاهلية أو تتبعها حزبيا , مع عدم ألتزام القواعد الشعبية بقياداتها وتجلى هذا عبر اقتحام مؤتمرات وندوات لشخصيات سياسية وقيادية وتعطيل هذه الفعاليات أو بطرد بعض القيادات مثل ما جرى مع الاستاذ احمد الحسني ومن أهم العلامات , عقد مؤتمرات , تخص القضية , وهذه المؤتمرات منسقة لجهة معينة وترفضها وتقاطعها جهات أخرى , وفي الاخير , يضل السؤال , هل من في المؤتمر هم من يمثل القضية الجنوبية ؟ وهذا التشتت يعود لعدم أجتماع القاده جميعا في أي مؤتمر يخص القضية ؟؟ ومن العلامات ايضا عدم تواجد القاده جميعا في أي لقاء نظمتها جهات خارجية , مثل لقاءات المبعوث الاممي ولقاءات سفراء الاتحاد الاروبي وغيرها ؟ ومن العلامات أنعدام الشفافية بين القاده والشارع وأقصاء الشباب من أي دور قيادي وحواري , و أختفاء شخصيات قيادية وبروز شخصيات أخرى بصورة درامية ؟ وهذا بدورة يشتت الشارع ويقسمه .
من الطبيعي أن يكون هناك حل نهائي للقضية وفي أقرب فرصة , لكن في حقيقة الامر فأن هناك قوى لا تريد ذلك ومنها :
القوى المستفيده ماليا : وهي قوى استثمرت الحراك لصالحها عبر جمع أموال التبرعات , أكانت هذه التبرعات من الشارع أو من التجار او أموال الجنوب لدى القاده الشموليون , وبالتالي حل القضية يعني اغلاق منابع هذه الاموال .
القوى السياسية : بعض القوى التي تستثمر بقاء الاشكاليات في الجنوب لبقاء عدم الاستقرار وأستخدامه كورقة ضغط علىالدول الاقليمية وورقة ضغط وتشتيت للداخل وواستغلال هذا لتحقيق مكاسب سياسية ووسيلة ضغط في المساومات
قوى القواعد الاقتصادية : حيث بقاء الفوضى عموما في اليمن , والجنوب من أهم أسباب بقاء الفوضى والخلل الامني , حيث يمكن هذه القوى من الكسب السريع عبر التهريب والاتجار الغير مشروع والسوق السوداء
قوى فئوية : وهي قوى لها مشكلات خاصة ولا يهمها غير حل قضاياها الخاصة وبقاء القضية والخلل يساعد في أبتزاز الدولة .
لا بد من تحكيم العقل والمنطق :
أننا اليوم في مرحلة لا بد منها من تحكيم العقل , ودراسة الوضع بشكل مفصل ورؤية الامور من زوايا مختلفه , وأخص الشباب , لأن الشباب هم المستقبل وهم من سيتأثر في المقام الاول , أما من قد بلغ منهم العمر عتيا , فقد عاشوا زمانهم وعليهم أن يعطوا الفرصة للشباب . أن علينا أن نحكم عقولنا , ونقرء الواقع , ونعرف ما نريد , وما نحتاج , وأن نخرج من خنادق التعصب والعاطفه , فواجبنا أن نستعيد حقوقنا وهويتنا , وواجبنا أن نختار قادتنا وبعناية , وأن نسمع للجميع ونقيم حوارتهم وندواتهم وفي الاخير فأن القرار للشعب . وعلينا أن نوصل رساله واضحه وهي ان الشعب تحرر من الوصايا , ولا نحتاج لها , وأن الشارع من يقرر من يمثله وبصورة حضارية بعيدا عن التجريح والبلطجة في الندوات والمؤتمرات , حيث يحق لكل فصيل سياسي طرح رؤيته وبشفافية وسلمية , والصندوق من يحكم ,
اخيرا , طرحت ما طرحت , وقد يتفق البعض معي وقد يختلف البعض , ومجرد أن نتفق أو نختلف , فأن هذا يفتح باب للنقاش الحر وتقيم الحقائق التي على الارض , وتحريك العقول واخراجها من الجمود . والله من وراء القصد [email protected]