بن بريك يهدد بعدم العودة لعدن دون منحه الصلاحيات التنفيذية الكاملة.    من يصدق ان بعض الحضارم دخلوا الفساد من اوسع ابوابه    بالوثائق .. رجل الأعمال عبدالكريم الشيباني يرد على الأكاذيب والافتراءات الباطله    أحزاب ومكونات ذمار تدين حملة الاختطافات الحوثية وتدعو للإفراج الفوري عنهم    مسير ومناورة لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في مبين بحجة    لقاء موسع لقبائل المطمة في الجوف تأكيدا على استمرار النفير    بري: العدوان الإسرائيلي على لبنان لا يمكن لجمه بالإدانة    كأس الرابطة : ليفربول يودع وتأهل أرسنال ومانشستر سيتي وتشيلسي    تنفيذية انتقالي العاصمة عدن تناقش الأداء التنظيمي والإداري بالهيئة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة المجاهد أحمد العفاد    محافظة إب.. مليشيا الحوثي تفتعل أزمة مياه خانقة في يريم    تعز ..تدشين انطلاق بطولة المشهري في جبل حبشي ..    منظمة التعاون الإسلامي تدين خرق الاحتلال الاسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    النفط يتراجع بعد تطورات تجارية بين الولايات المتحدة والصين    الحديدة.. حصى متناثرة تتسبب بحادث سير مروع في الزهرة    اختتام برنامج تدريبي بهيئة المواصفات حول نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة    تجاهل ميسي ورونالدو.. مودريتش يكشف قائمة أساطيره الخمسة    وفاة 9 اشخاص بحادث مروع في الحديدة    3 تفجيرات متتالية شمال كيلو 16 بالحديدة .. صور    وسائل التخفي الإخوانية.. تنظيم بلا ملامح ولا هوية    الوزير البكري يشيد بنجاح البطولة التأسيسية الأولى للدارتس    الحملة الأمنية بالصبيحة تضبط سيارة محمّلة بآلاف الحبوب المخدّرة بعد مطاردة مسلّحة    جغرافية الحنين    مكتب المبعوث الاممي يكشف عن نقاشات مسقط التي اجراها غروند برغ وشريم حول اليمن    الأرصاد ينبه المزارعين والقادمين من المحافظات الدافئة    مقتل شاب وجرح 3 آخرين في اشتباك مسلح بعمران    وفاة 3 فتيات شقيقات غرقا أثناء جلب المياه غربي تعز    "الأغذية العالمي" يعلن استئناف العمل في نقاط التوزيع التابعة له في غزة    حضرموت... الميزان الهادئ في معادلة الجنوب السياسية    الإمارات تنهب أحجار الشعاب المرجانية النادرة في سواحل سقطرى    راجح القدمي: ما يحدث في اختيارات الإعلاميين المرافقين لبعثات المنتخبات "أمر مؤسف"    عمالقة البريميرليغ وجها لوجه في ربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    أمن أبين يعلن القبض على أفراد نقطة تقطعت لمصري    بريطانيا رفضت استقبال علي سالم البيض خشية قيادته المعارضة من أراضيها(وثيقة)    مقتل 119 شخصا في أكبر عملية ضد تجار المخدرات في البرازيل    ضبط 397 جهاز اتصالات وإلكترونيات مهربة في ذمار    هل أخطأنا في الوجهة؟ (2)..متى أصبح ال "تيك توك" منبراً والمتنبي "مُتحفاً"؟    تصريح لميسي يثير ذعر الأرجنتينيين قبل مونديال 2026    إصلاح حضرموت يؤيد ميثاق قبائل حضرموت والمهرة ويثمّن موقفهم الوطني    عدن.. البنك المركزي يحذر من التصرف بممتلكات وعقارات البنوك في صنعاء    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    قراءة في نص "غصة ندم وجودية" ل"أحمد سيف حاشد"    اكتشاف اثري في ذمار ..!    فضيحة.. الاحهزة الامنية بتعز ترفض تامين محطة عصيفرة للكهرباء    تعز.. توجيهات بتفعيل إلزامية التعليم الأساسي ومعاقبة أولياء الأمور المخالفين    خبير يكشف عن عرض آثار يمنية بينهما تمثال نادر في مزاد أمريكي الشهر المقبل    فضيحة جديدة لمعمر الإرياني: 12 مليون دولار لموقع إلكتروني!    منظمة أمريكية: يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية تفشي الكوليرا في اليمن    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقاصيص من حضرموت ..( الحلقة الاولى)
نشر في عدن الغد يوم 19 - 11 - 2018


( 1 ) ريموت كنترول
اعتكف أمام التلفاز .. قلّب بريموته الكنترول شتى الفضائيات .. أحبّ الأخبار .. العادي منها والعاجل .. تتبّعها تتبع النحلة للرحيق .. امتلأ رأسه الفارغ بأنواع التحليلات .. ضيّع وقته الثمين .. تقلبت مقلتاه دوماً .. في وجوه المذيعين والمذيعات .. نقل قناعات المحللين وأفكارهم .. في المقاهي .. المنتديات .. والدكك .. صدّق الهراء والأكاذيب .. واقتات منها كل حين .. وقف على أطلال السياسة .. أحيا زيف السياسيين .. دافع عنهم .. استمرّ على مرائه سنين .. ثم استوعب الدرس .. أخيراً .. ها هو اليوم يقبع في أحد المقاهي .. وفمه محكم الإغلاق .

( 2 ) جامع سوق

قُضيت صلاة الجمعة .. انصرف الإمام بالتسليم .. رأى القومَ تتجمّع على هيئة حلقات .. ليس لمذاكرة العلم .. لا للذكر أو التسبيح .. إنما للقيل والقال .. وأخبار الرياضة .. صار المسجد في ضوضائهم .. كسوقٍ للقات .. نعم .. كسوق للقات .. هيصة .. كلام .. ضحك .. وتنكيت .. تعجّب .. أهكذا يفعل المسلمون في بيوت الله .. ؟ لو فُعل في بيوتهم ما رآه .. لقامت قيامة أرباب البيوت .. !! إذاً .. كيف يرتضون .. ويصمتون .. !!

صمت الجميع صمت القبور .. !! لم يتكلم مخلوق .. لم ينهَ عن المنكر أحد .. بل ربما شارك الجميع في الهوشات .. تألم قلبُه من دون كلمات .. وفي الجامع خرج مسرعاً .. لم يتقاسم اللغو .. لم يتشارك الغيبة .. والهراء .. خاطب نفسه : " ما يحدث.. طقس معيب .. يجب أن يتوقف " .. ألقى سهمه الأسود .. ليقتل الصمت .. وليبرأ أمام الله عند الحساب .. ألقاه في فضاء الافتراض .. حيث الكلمات تغرز في خاصرة الصمت الكبير .

( 3 ) صراع

شبّت نيران الخلاف بينهم .. تفرقت عوائلهم .. تعقّدت علاقاتهم .. وصاروا كالعهن المنفوش .. ساد بينهم النزاع .. واشتعل أواره .. أتى على الأخضر واليابس .. مدّت سنين البَين أذرعَها .. وتطاولت .. جاءهم مصلح .. لا يبتغي أيّ مصلحة .. شدّ حبال التواصل .. وجبّر المكسور .. شدّ المرخي .. وأرخى المشدود .. كشعرة معاوية .. فُتحت أحضان المحبة .. امتدّت أيدي التصافح .. والتسامح .. ذاب جليد الكُرة .. وساح شمع التفرق والحنق .. عادت مياه الجوار إلى مجاريها .. وزغردت حناجر الفرح .. " لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ".

( 4 ) قصة حضرموت

ساروا على الدرب فما وصلوا .. سهروا الليالي وما بلغوا المعالي .. رأى أرضهم بالخير عامرة، تتفجر الثروات من جنباتها .. بالرغم من ثرائهم .. وجدهم لا يحتفون بالحياة .. آمالهم .. أموالهم .. أرضهم .. نفطهم .. جميعها تُسرق .. بينما يعيشون في الظلام .. ولماذا إن ساروا على الدرب ما وصلوا .. ؟ " تساءل " أجابه شيطان الواقع : لأن الخلاف نشب بينهم أظفاره .. تلك قصة حضرموت.

( 5 ) تاكسي ( إنجيز )

أشارت بيدها البضّة مراراً لاستيقاف تاكسي ( إنجيز ) .. كانت وحيدة .. لكنها بدت متجملة .. متعطرة .. متبرجة .. ركبت في الخلف .. ومضت عينيها ومضات براقة على مرآة السيارة .. برموشها السوداء سحرت السائق .. أشارت إليه بوجهتها .. كانت المسافة تبعد ربع ساعة على التقريب .. المسافة كانت كافية لأن يقتنع السائق .. بهدفه الخبيث .. أصرّ على استغلال الفرصة حينما وجدها معه دون مرافق .. وفي لمح ثانية .. حوّل وجهة الطريق .. ظنت أنه سلك سبيلاً آخر مختصراً .. لذا غاصت في لجّة الصمت ولم تتكلم!!
بعد عشر دقائق .. تداخلت عليها ملامح الطريق .. لم تعلم في أيّ مكان هي .. شعرت أن شيئاً يتهدّدها .. وأن أمراً يوشك أن يحدث .. نظرت إلى السائق .. لفحتها حرارة عينيه .. كان يفور فوراناً .. تململت في كرسيّها .. أرادت أن تسأله عن الطريق .. وعندما همّت .. رأت يديه تمتدان بعنف .. ورفرف قلبها .. دار في خلدها أن الأمر لا يعدو تحرّشاً .. لكنْ هناك .. داخل السيارة .. حدث ما لم يكن في حسبانها.

( 6 ) للأيتام فقط ..
كان عاملاً بسيطاً .. يكدّ بيديه ورجليه من أجل لقمة العيش لأسرة كريمة .. تعتريه في أحايين كثيرة فترات من الإفلاس وقلة العمل .. جيرانه كانوا من الأيتام .. يكبرهم فتىً شارف على البلوغ .. يعيشون مع أمهم الأرملة .. جارهم كان يعيش ظروفاً صعبة .. تقوقع الأب في زاوية خفية في البيت .. بكى من قلة ذات اليد .. سكب الدموع على سوء حاله .. كم خجل إذ سأله أولاده ريالات للعصر .. في حين لا يملك إلا الضروري من المال .. جارة الفتى اليتيم .. يملك دراجة ذات طراز فاخر .. وجوالاً متميزاً بكاميرا ولوحة لمس .. تنهال على الأيتام في كل حين .. الصدقات والزكوات .. الأعطيات والمساعدات .. الكفالات والحسنات .. ولا يصل للجار المسكين منها شيء.
عارك الحياة .. متطلباتها .. كم بكى من تكاليف رمضان .. وملابس العيد .. بينما الناس فرحين .. كان يبكي في هاتيك المناسبات السعيدة .. رمى جيرانه التمور لفسادها من طول التخزين .. باعوا القمح قبل أن يدول .. نظر الجار المسكين بعين الحُرقة والألم .. لم يكنْ يوماً يحسد جيرانه على ما آتاهم الله من فضله .. غير أنه بات يتساءل في دخيلة نفسه : " ما بال الأيتام يعيشون آمنين .. !! ما بال الأيدي البيضاء لا تربت بأكفِّ الرحمة إلا على أكتافهم .. !! بينما غيرهم في لجج الفقر يغرقون .. ؟!!
( 7 ) مخدرات..
صنع لنفسه طقساً لتعاطي المخدّر .. سقط في حمأته السوداء وتوارى خلف جُدُر الخوف .. كل يوم دماؤه تجري على مذابح الفقر والدموع .. دموع أسرته تُسكب كلما جاء إلى البيت منتصف الليل .. يحدث هذا كلما تجددت الشمس .. أو غابت من عينيه حمرة الشفق .. مَضغة .. قات .. مهدئات و أدوية نفسية .. أعقبها مخدر .. فانحدَر أضحت أطلال نفسه مهجورة منذ زمن طويل .. وعلى طريق الهلاك تهاوى.
( 8 ) بُشرى..
أسند ظهره، بثّ البشرى .. كان في مقابلة هامة رنَت إليها أبصار الشعب المظلوم ، ساق بشراه : أنّ دعم الديزل والمازوت سيتواصل.. بشّرهم أن الكهرباء لن تنقطع مجدداً .. فجأة تسيّد الظلام .. توقفت المقابلة .. انقطعت الكهرباء.
( 9 ) قوت قمامة!!
جلسَت مقرفصة وسط كومة من الأجساد الصغيرة النائمة .. كان الإعياء قد نال منهم، بدت أصواتهم ضعيفة لقلة الاستخدام .. تساقطت أجفانهم من الجوع .. وها هم صرعى لأحلام لا ترحم .. خافت أن يستقيظوا ولا يجدوا بين يديها شيئاً ليأكلوه .. تناولت خمارها وتدثرت .. انطلقت لأكوام القمامة وبراميلها ، بحثت في كل شبر منها .. أخيراً وجدت ما يسدّ الرمق.

كان الوقت فجراً .. صادفتها أثناء خروجه لصلاة الفجر في المسجد .. آلمني صراخها الصامت .. بدأت الريح تثور .. تساقطت الأمطار بكثافة .. ما أرحمك يا رب .. لا زلت تمطرنا برحمتك .. وقد أمسكنا رحماتنا عن مثل هذه الأم.

نلتقي في الحلقة الثانية من أقاصيص من حضرموت.

***


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.