حدث معي موقف مبكي... اليوم وأنا أقضي عملي عصرا وبجانب أحد الأسواق التجارية رأيت مدرسي (بضم الميم ) واقف على بسطه يبيع في الشارع ملابس أطفال شعبيه والعرق يتصبب من جبينه وشكله مهموم ومرهق، مدرسي لم ألتقيه منذ 15 سنه مضت مدرسي الذي أتذكره ممشوقا بقامته وله هيبته وحضوره واحترامه وكما درسنا في مدارسنا بل مدارسكم الحكومة : (قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا) ما زلت أتذكره كان يحضر يوميا المدرسة لم يتغيب ولم يهمل في وظيفته ويهتم بطلابه ولديه طريقه مميزه في الشرح وبأسلوب رائع وسلس وهذا كان حال مدرسينا الأفاضل ومدرساتنا الفاضلات.. جزاهم الله عنا خيرا.. وقفت في حيره من أمري هل أذهب إليه لمصافحته!!! وإذا ذهبت أليه هل سيتذكرني؟؟ موقف لا نحسد عليه كلينا.. وإذا افترضنا أنها عادت ذاكرته المنهكة وتذكر بأنه كان مدرس لي يوما ما، هل سأعيد أليه ذكريات جميله؟ هل سيكون هناك مجال للذكريات؟ أم سيحضر معنا الواقع الحالي فقط. الواقع المؤلم ومعاناته وجميعكم يعلم أنها ليست معاناته لوحده فهذا حال الكثيرين من الذين عملوا في الوظيفة الحكومية مدنيه كانت أو عسكريه وخدموا هذه البلاد لعشرات السنوات قضوا جل أعمارهم وريعان شبابهم في خدمه الوطن والمواطن ومن ثم تنكرت الحكومات المتعاقبة لهم ولدورهم الوطني وصار منهم سائق التاكسي وبائع القات والبقال والدلال وغيرها من الأعمال الشريفة ولكنها لا تناسب أعمارهم الكبيرة وحالتهم الصحية والبعض منهم أختار العزلة في المنزل يعانون من أمراض العصر من قلب وضغط وسكري، ناهيكم عن حالة البعض منهم والذين يعانون من حالات نفسيه شفاهم الله جميعا.. هم شرفاء واختاروا طريق الشرف والعزة واللقمة الحلال بعملهم، ما نريده هو تكريمهم وتقدير دورهم وعدم ظلهم أو الانتقاص منهم ومن كرامتهم وإعطائهم حقوقهم وترتيب أوضاعهم وصرف مرتباتهم عبر المصارف وبشكل يسير بدون طوابير وهذا ليس بالصعب لمن أراد العمل والتغيير.. للأسف أينما ذهبنا الفساد هو سيد الموقف في بلدي الجريح بلدي الذي مازال ينزف ولم تندمل جروحه الذي زادوه لصوص اليوم جراحا فوق جروحه السابقة... والله لن ينصلح حال هذه البلاد إذا لم ننصر الفئه المظلومة والمهمشة أكان مازال على عمله أو أحيل للتقاعد والذي أصبح مرتبه لا يكفي لشراء ضروريات الحياه.. أخترت اليوم متحسرا ومتألما أن أكمل طريقي ولم أسلم على مدرسي الفاضل ولكني سأستجمع قواي وأعود باحثا عليه بإذن الله رغم الحيرة التي ما زلت فيها، كيف سأبدأ معه الحديث؟ وكيف سينتهي لقائنا؟ لا حول ولا قوة الا بالله اللهم عليك بكل فاسد أستباح المال العام وأوصل أحوال البلاد لهذا الوضع وكان سبب فيما نحن فيه..