الراتب الشهري هو مصدر الدخل الوحيد للغالبية العظمى من الموظفين، فذلك الدخل المحدود للموظف قد عبث به غول الغلاء الذي يتسع كرشه بصورة مستمرة وبالتوازي مع الإنهيار المتواصل للعملة المحلية، فيلتهم جزءاً كبير من ذلك الراتب الشهري الذي لم يعد بامكانه إتمام منتصف الشهر ،كما ان البعض يحتال على ذلك الراتب لبلوغ إربة وأمنية طالما حلم بها وهي اجتيازه منتصف الشهر بأمان!، لاسيّما وكثير من المرافق الحكومية في عدن قد توقف عملها منذ الحرب الاخيرة وحٌكِم على موظفيها بالبقاء في البيوت نتيجة إغلاق بوابات مرافقهم مثل إذاعة وتلفزيون عدن دون مبرر منطقي، وقد رافق ذلك الإجراء توقف وانقطاع جميع العلاوات الشهرية الداعمة للراتب والتي كانت تمثل للكثيرين رافداً هاماً في تدبير احتياجات الحياة المعيشية وضمان للعيش الكريم وعلى وجه الخصوص موظفي المرافق التي لم تحظ بهيكل مالي خاص. فما بال وزارة المالية تزيد الطين بلة، وتقوم بالمماطلة وتأخير صرف الرواتب لبعض المرافق الحكومية وهي تدرك أهمية ذلك الراتب وما ينتج عن تأخير إستلامه من قلق وضغط على نفسية الموظف المطالب بدفع إيجار منزل أو زيارة عيادة طبيب للعلاج، وخلاف ذلك تغطية اللوازم الأساسية للمعيشة. قد يطرح البعض أن ذلك التأخير يحدث في بداية كل عام، حيث يتأخر اطلاق صرف راتب شهر يناير، فحدوث تأخير في هذا الشهر ممكن في بعض الاحيان، ولكن ليس إلى هذا الحدّ، لذلك ينبغي على المسؤولين في مكتب ماليةعدن إعطاء مسألة ضبط هذه العملية جل الإهتمام والحرص الشديد على سير إجراءاتها بشكل طبيعي وسليم وبدون تأخير حتى لا يٌلقى اللوم على المالية بتقصيرها في نطاق عملها كما حدث هذا الشهر وما سببه الإهمال الواضح حين فقدت مذكرة تعزيز مرتبات الربع الاول من هذا العام لإذاعة وتلفزيون عدن وبعض المرافق الأخرى والذي أحدثت إرباك في عملية إطلاق تعزيز المرتبات، كما يتوجب عدم السماح للخلافات الداخلية التأثير على سلامة الإجراءات والمعاملات مع المرافق الأخرى وعلى الاخ نائب وزير المالية اتخاذ الحزم في حل الخلاف حتى تنجز المعاملات في وقتها انطلاقاً من المسؤولية الكبيرة التي يتحملها تجاه جميع موظفي الحكومة ومراعاته ايضاً للظروف المادية الصعبة للموظفين، كما لو نشأ خلاف مع بعض المرافق حول بند آخر يقتضي فصل مشكلة ذلك البند عن تعزيز المرتبات ومعالجة القضية في إطار المخصصات الأخرى، لكون مخصص المرتبات ثابت وواضح ولا فيه أي لبس وينبغي أن يسير في القنوات الطبيعية بسهولة ويسر وذلك من مكتب المالية إلى البنك المركزي وثم يتم تحويله شهرياً إلى الجهة المخولة بتسليم الموظفين مستحقاتهم المالية وبدون أي مماطلة فيكفي الموظف ما يحمله من هموم كثيرة وحياة قاسية في هذا الظرف الاستثنائي والصعب التي تمر به بلادنا، والله ولي التوفيق.