مع ساعات الفجر الأولى مز الحاج مفتهن حبيته على سوم جربته، وبجانبه القهوة، وأمام ناظريه الإخضرار يملأ المكان، ومعه إذاعته أبو جلد وهي تشدو بنغمات أغنية الفنان العطروش: بالله أعطني من دهلك سبولة، واشارح، وكان الحاج مفتهن يدندن معها لهذه الكلمات المسلية، وهو يقول: الله يحد منا مشقوم، فلو جاء بايشقم اميوم علينا شقم، ومن بعيد جاء مشقوم وهو يردد ما يسمعه من إذاعة صاحبة مفتهن، ويحرك كشيدته في الجو، وهو يندرج فوق السوم، ويختمها بصوت مرتفع، واهابوي، ويرفع صوته مردداً بالله أعطني من دهلك سبولة واشارح. اقترب مشقوم من صاحبه مفتهن، وهو يرقص، ويغني، ومفتهن يقول له: اجلس اجلس، ومشقوم اندمج مع الأغنية، ومن شدة الحماس التوت رجله، وزبط الإذاعة، واتدرج معها إلى وسط الزرع، ومن شدة ارتباكه، كان يقلب الإذاعة لتشتغل، وإذا به يقع على قناة صنعاء، وفيها أغنية: قل لمن غاب عنا، وأختفى واحتجب، ومفتهن يردد: ما منك ولا من جايتك خير، قد لما شفتك اتعوذت من الشيطان، اطلع ولقني الإذاعة، ومشقوم يردد: عاد رجلي حانب في امدجر، تعال خالصني، رعني فازع إذا شي حنش، ومفتهن يردد: ماشي بايلفاك قدك كما امربل، ومشقوم يقول: قل ما شاء الله، قل ما شاء الله. اتخارج مشقوم وطلع، وهو يرقص ويردد: بالله أعطني من كتليك قهوة، ومفتهن يضحك، وهو يقول: لكنك خل امرقص، وإلا با تعدمنا امقهوة وامحب، رع ما من وجهك خير.، رع كأن بك زار. جلس مشقوم يتقهوى، وقال ما هذه امجربة رعها باتطرح ملء اموصر، قال له مفتهن: قل ما شاء الله، وعاد مشقوم ما نطقها إلا وهذه الغيمة التي غطت المكان، ومشقوم يردد: امجراد امجراد، ومفتهن يندب حظه، وهو يقول ما منك خير، ولا من وجهك، وحطت أسراب الجراد في امجربة، ومصتها، وما عاد خلت لمفتهن إلا امقرط قيام، وكان مفتهن يردد: أوووه لاعاد سرحت ولا عاد آويت يا مشقوم، شفت امجراد ما عاد ترك لنا إلا امقرط دي كما جنبك يابس، التفت مشقوم نحو صاحبه مفتهن وهو يردد مع رقصة وهزة الجسم: بالله أعطني من دهلك سبوله، واشارح، وما عاد كملها إلا وكدرة تملأ ثمه، دقه بها مفتهن، وهو يقول: اسرح لا عاد سرحت، وين هوه امسبول، ومشقوم يخرج امتراب من ثمه، وهو يضحك ويردد: بالله أعطني نشفه ماء لاصفي ثمي من امتراب وامفتهن، ومفتهن يضحك، وهو يردد: بايعوض علينا ربك غسل غسل ثمك، ما امسبول عدمناه كلنا. جلس مفتهن ومشقوم، وهما يتحاوران عن سبب انتشار الجراد، قال مفتهن، السبب الجهات المعنية التي لم تتخذ شيئاً لمكافحة الجراد، شفه قدامك يا مشقوم يبيض وبكرة سينتشر في كل مكان، والجهات المعنية تستلم المخصص، ولا مكافحة، ولا أية تدابير، ورفع الحاج مفتهن الإذاعة، ومازالت تلك الأغنية شغالة التي كلماتها: قل لمن غاب عنا، واختفى واحتجب، فقال مفتهن: هذا حال الجهات المختصة، اختفوا واحتجبوا ، ولا نحن دارين أيش السبب؟ التفت مشقوم لصاحبة، وهو يردد : بالله أعطني من دهلك سبولة، واشارح، وضحك الاثنان، وعادا، والجراد مازال يفترش المكان، ومازال يتكاثر، والجهات المعنية مختفية، ومحتجبة.