قبائل جبل رأس والعدين ومقبنة في الحديدة تُعلن النفير العام    المنتخب اليمني يفتتح بطولة كأس الخليج بفوز مثير    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    الخارجية الفلسطينية ترحب ببيان قادة مجلس التعاون الخليجي    وزير الصناعة يتفقد أسواق مأرب ويشدد على ضبط الأسعار    منتخبنا الوطني يستهل مشواره في بطولة كأس الخليج بالفوز على العراق    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    الكثيري يتفقد جرحى القوات المسلحة الجنوبية في مستشفى سيئون العام    انتقالي أبين ينظم مسيرة جماهيرية بزنجبار احتفالاً بانتصارات القوات الجنوبية في حضرموت    دعوة للتركيز على المستقبل    مشروع جديد لصون المعالم الدينية والتاريخية في البيضاء    تحذيرات من انهيار جديد للدينارالعراقي وسط قفزات الدولار    صنعاء.. شركة الغاز تمهل مالكي المحطات لتحويلها إلى محطات نموذجية    العراق يصنف مليشيا الحوثي وحزب الله تنظيمات إرهابية ويقرر تجميد أصولهما المالية    البناء الدائري للسرد في رواية (نهاية رجل غاضب) ل"بسام شمس الدين"    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    المهرة .. أعلام الجنوب تعلن عودة الأرض لأهلها    الأرصاد يحذر من تشكّل الصقيع على أجزاء من المرتفعات    ضمن جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي.. تدشين المرحلة الثانية من حصاد القمح المحسن في جحانة بصنعاء    اتفاق المكلا حبر على ورق.. والنخبة تعلن السيطرة على المسيلة ومصير مجهول ل"ابن حبريش" و"العوبثاني"    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    ريال مدريد يعود لسكة الانتصارات ويواصل مطاردة برشلونة    أرسنال يعزز موقعه في القمة وتشلسي يسقط وليفربول يكتفي بالتعادل    سيئون.. مسرحية التقسيم وغياب القرار    المنتخب اليمني يواجه العراق في افتتاح كأس الخليج تحت 23 سنة    مصادرة الأصول الروسية تهدد الاتحاد الأوروبي بخسائر ضخمة تتجاوز 190 مليار دولار    ماذا وراء إسقاط حضرموت والمهرة    وكيل وزارة الكهرباء يلتقي فريق التوعية ومتابعة تفعيل الخط المجاني بهيئة مكافحة الفساد    عاجل: العمالقة الجنوبية تقتحم تحصينات اللواء 23 وتبدأ السيطرة على العبر    وثائقي خيوط الخيانة ..فتنة ديسمبر من التخطيط إلى التنفيذ والنهاية المخزية    فيضانات غير مسبوقة بدول آسيوية والخسائر لا تحصى    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    عاجل: مرتزقة الإصلاح يرافقون أسرى الشرعية الذين أفرج عنهم بن الوزير يعودون لمهاجمة معسكر عارين(صور)    قراءة تحليلية لنص "سوق الخميس والمجنون" ل"أحمد سيف حاشد"    اختتام الدورة التدريبية الخاصة بأمناء المخازن وموزعي الادوية في الشركات    صنعاء.. إصدار التعزيزات المالية بنصف مرتب أكتوبر 2025    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    وفاة رئيس اتحاد الأدباء في إب عبد الإله البعداني    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    عاجل: استشهاد أول أبطال القوات المسلحة الجنوبية في معركة تحرير وادي حضرموت    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث عدن .. انقلاب على السعودية ام على الرئيس هادي ؟؟ .
نشر في عدن الغد يوم 13 - 08 - 2019

لابد اولا من فهم ابرز دوافع العقلية التي تهورت باتجاه تفجير المشهد العسكري في عدن عصر 7 أغسطس الحالي بتحويل مناسبة تشييع منير(ابو اليمامة) وزملائه إلى حرب شاملة وظالمة , على الجميع ضد الكل , وكان ضحيتها أكثر من 200 شهيد وقتيل في صفوف العسكريين و700 معاقا وجريحا , و15 شهيدا من المدنيين وعشرات الجرحى.
فهناك عقدتان يواجهها مجلس ما يسمى(انتقالي جنوبي).
ألأولى : عدم تعاطي المجتمع الدولي الجاد مع مشروع الانفصال ورفضه تماما .
ألثانية : أنه لم يتم الإعتراف الدولي والاقليمي ب(الانتقالي) أو التعاطي معه كممثل مزعوم وطرف وحيد لشعارات مسمى القضية الجنوبية.
والمشكلة الأعمق ليست في عدم اعتراف المجتمع الدولي بالقضية ولكن في رفض المكونات الجنوبية الأخرى السياسية السلمية (الفاعلة) ادعاء تمثيلها والسطو على إرادة ورغبة وكرامة ونضال غالبية أبناء الجنوب بالمدرعات والأسلحة الإماراتية.
والذين كذبوا على الانتقاليين وقالوا لهم إنه بالقوة والعنف والتخريب سيفرضون شروطهم على الداخل الجنوبي واليمني وعلى دول الإقليم والعالم نسوا أن ينصحوهم أيضا أنهم مجرد عدة قرى متناثرة لا تمثل إرادة وخيارات كل الجنوب اليمني وأن العميد الشهيد محمد صالح طماح اليافعي الذي كان اكثرهم حماسة لمشروعهم تركهم بكل ثقله القبلي والعسكري وانخرط في صفوف عقلاء الجنوب قبل اغتياله في معسكر العند بطائرة مسيرة للحوثيين.
هذه المرة في الانقلاب الاخير7 أغسطس 2019 م استهدفوا السعودية وليس سلطة عبدربه منصور وحكومته التي كانت فقط مجرد ذرائع وغطاء اعلامي لما هو أبعد وأسوأ.
توقيت الانقلاب كان مع بدء تواجد السعوديين على الأرض بكل ثقلهم العسكري في عدن خلال الأسبوعين الماضيين كشريك مقابل وبديل محتمل للتواجد الإماراتي.
استعجل الانتقاليون بضربة مباغتة للجميع , وموهوا على تجهيزاتهم العسكرية بغطاء ومشهد التحشيد لتشييع (ابو اليمامة) واستغلوا ذلك بتوزيع الميليشيات القروية والتخفي في معظم مناطق المواجهات اللاحقة.
ورغم دعوة نائب رئيس المجلس(المراوغة) قبيل دفن القتلى للزحف لإسقاط حكومة قصر معاشيق (سلميا بالمصفحات) لكنهم باشروا بإطلاق النار في العصر على بوابة القصر الخارجية وقتلوا ضابط الحراسة وجندي آخر ..
وبالرد القوي عليهم الذي حصد 3 منهم وأصاب آخرين زعموا أنهم ليسوا البادىء , فكان لذلك التحرش والتربص ما بعده .. وتلتها ليلة من صمت مريب يدبر لمكيدة في الظلام وتطمئن الطرف الآخر .. سرعان ما كشفها في المساء نفسه بيان مصور لهاني بن بريك (المدخلي) وحوله جوقة من (الملخجين) في قيادة المجلس يدعون إلى النفير العام الذي بدأ فعلا قبل ذلك ليل الثلاثاء بوصول مليشيات (التشييع) من القرى وتوزعها على حواري وازقة عدن.
وتفجرت الأوضاع ولكن النتيحة ليست كما خططوا وتوقعوا .. ولا داعي لوصف الحقائق كما كانت فعلا على الأرض حتى صبيحة السبت 10 أغسطس والتي اضطر معها السعوديون الى ضرب معسكرات الشرعية بالطيران لاجبارها على التراجع والانسحاب , ومنها اللواء 39 بدر , واللواء الثالث حماية رئاسية لؤي الزامكي , ولم تتوقف المواجهات او تسقط معسكرات النقل والرابع حماية رئاسية في دار سعد كما زعموا لأنها التزمت بوقف إطلاق النار مع بدء المفاوضات التي رعاها التحالف صباح الجمعة والسبت 9 و10 أغسطس 2019 م وأعادت الانتشار فقط .. وتدخل طيران التحالف لضرب التعزيزات الكبيرة التي حشدها محافظ ابين اللواء ابوبكر حسين ومدير أمن المحافظة ابو مشعل الكازمي باتجاه عدن مساء الجمعة وصبيحة السبت .. ولم يتوقف إطلاق النار فعلا إلا في السادسة مساء السبت(وقفة عرفة) بعد توقيع ممثلي الطرفين على اتفاق وقف إطلاق النار وانسحابهم الى مواقعهم السابقة.. وإلا ما معنى أن بيان التحالف العربي أكد على وقف إطلاق النار بين الطرفين اعتبارا من الساعة الواحدة صبيحة يوم الاحد 11 أغسطس 2019 م فيما زعم الانتقاليون سيطرتهم على كل المواقع والمعسكرات المزعومة صبيحة يوم الجمعة!!.
وجاء الهجوم على منزل الخصم الشرس نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المهندس احمد الميسري الذي تلقى التزاما من الطرف الآخر بالانسحاب من منطقة سكنه ثم نقل بمصفحات سعودية مع صالح الجبواني وزير النقل وفضل حسن قائد المنطقة الرابعة الى مقر قيادة التحالف بالبريقة للتفاوض صبيحة الجمعة ..
اما معسكر الحماية الرئاسية(معسكر مهران القباطي) وكذلك لواء النقل حماية ( أمجد خالد) في دار سعد فلم تتوقف الاشتباكات المتقطعة مع الطرف الآخر إلا في السادسة مساء عشية العيد.
وتكفي كلمة رئيس مسمى الانتقالي عيدروس الزبيدي اول أيام العيد للتعبير عن مفاجأة الرد الصاعق التي تلقتها ميليشياته في معسكره(اللواء الأول مشاة) المعروف ب(لواء الجن) الذي اكلته ( أم الصبيان) بعد وقوعه بين فكي كماشة معسكري بدر(عبدالله الصبيحي) والثالث حماية رئاسية(لؤي الزامكي).

* أهداف الانقلاب الخفية*

كان الهدف البعيد غير المعلن لانقلاب الانتقالي الأخير في عدن هو كسر عظم السعوديين الذين وصلوا إلى المدينة (ساخنين) للتو على طريقة (أضرب الحديد وهو ساخن) بهدف ارغامهم على الإعتراف بالانتقاليين اسوة بالاماراتيين(المراوغين) باعتبارهم طرفا وحيدا لا شريك له في اي تفاوض او مباحثات حول مستقبل الجنوب وانتزاع توقيع وتفاهمات مبدئية بذلك باستعراض القوة والفتوة وخلط الأوراق وارباك السعوديين في مهمتهم ومخططاتهم التي جاءوا من أجلها من اول لحظة .. وفعلا نجح قادة الانتقالي في إثبات استعدادهم للتفريط بأي شيء في صفقات ثنائية مربحة مشبوهة مع السعوديين كما فعلوا ذلك مع الإماراتيين الذين افسحوا للسعوديين تجريب حظوظهم مع مجاذيب (الجنون العربي) حيث كان الانقلاب الأول الفاشل قبل عام ونصف في يناير 2018 م هو أيضا لابتزاز الاماراتيين واستكشاف نواياهم الحقيقية ومصداقيتهم في دعم مشروع الانفصال المزمع , وبلغت أزمة الثقة بين الطرفين حينها الى درجة اتهم فيها رئيس الدائرة السياسية للانتقالي ناصر الخبجي الإمارات قبل عشرة أيام من ذلك بالمراوغة والتهرب وسؤ النوايا !!.
لكن أي تقارب حقيقي مع سادة عدن الجدد (الرياض) لم يثبت حتى الآن خصوصا بعد علقة الطيران الساخنة التي تلقوها صباح يوم العيد أمس الأحد 11 أغسطس 2019 م عندما تجاوزا حدود الدور المرسوم للانتقالي في تمثيلية التقاط صور تذكارية دعائية في معاشيق (ليلا) كما فعلوا أمام بعض معسكرات الشرعية الأخرى التي لم تمتثل لوقف النار .. فالسعوديون أيضا لديهم خبرة كافية بمرضى ومهووسي ركز الاعلام ونصبها وموالعة الصور التذكارية ورفع الشعارات الجوفاء وعبادتها , وكل طقوس (الجنون العربي) الاخرى فأمروا حرس اللواء الاول حماية رئاسية باعادة التموضع على التباب المحيطة بالقصر ومراقبة الموقف واجازوا لهم التقاط صور شبيهة على التباب !!.

* أصابع الاتهامات المزدوجة*

ثوابت المناورات السياسية المرسومة والمتكررة المتبعة للانتقاليين عند كل ازمة او منعطف هي افتعال وخلق اي ذرائع او مواقف تشحن وتغذي بها الانصار لإبقاء ولائهم الاعمى والمطلق للقيادات والقضية المعلقة , وانتهاز الفرص واستغلال الاحداث وتوجيه تبعات اخفاقاتهم ضد الخصوم , وترحيل ألازمات والانقسامات الداخلية التي قد تعصف بالهرم القيادي في اي لحظة , وتصديرها نحو مكونات أو قضايا أخرى او خصومة مفتعلة , لكنها في النهاية تخدم غاية وهدف سراب (دولة مستقلة).
كل ذلك حدث في مناسبات كثيرة من انقلاب يناير 2018 م. الى انقلاب اغسطس 2019 م.
ومن المفارقات إن الموقف من قوات طارق عفاش كان حاضرا بقوة في كلا الانقلابين , ففي الأول انقسمت قيادات المقاومة الجنوبية ووقف 99% منها ضد تواجد اي قوات او معسكرات لعفاش في عدن .. وعندما اعتبر الشارع الجنوبي ذلك تواطؤا واستهانة بالتضحيات لصالح خصمهم الذي اجتاح عدن وقتل مئات الابرياء في أبريل 2015 أصدر عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك (المدخلي) الداعمون لطارق بيانا مدسوسا باسم كل أطياف المقاومة يزعم (بالعمل الى جنب مع اي جماعة او قوى شمالية تقاتل الحوثيين) وشكل ذلك يومها صدمة عميقة لوجدان كل الجنوبيين , وخصم من الرصيد الشعبي للانتقاليين وجرح عدالة قضيتهم.
ولتفادي سقوط السقف على رؤوس عيدروس والخبجي وصالح بن فريد وأحمد لملس وأحمد سعيد بن بريك وبامعلم ورمزو , غير المتجانسين في الموقف من آل عفاش وغيرهم , قرروا فجأة دون مقدمات او مبررات حرف مسار السخط الشعبي عليهم وصرف انظار انصارهم عن دماء شهداء عدن بالتحشيد في البيان نفسه إلى إسقاط حكومة احمد بن دغر وجماعة عبدربه التي ظنوا إنها ان لم تكن المستفيد فهي من حرض وحرك المعارضين ضدهم .. وكانت محاولة الانقلاب ايضا جس نبض لحلفائهم الإماراتيين وبروفة لاختبار قوة الطرف الاخر ( الشرعية) في حالة حدوث انقلاب نهائي بالفعل .. ولم يكن التحالف مع طارق عفاش ليحدث لو أن الذين قضوا في عدن على يد قوات الصالح والحوثيين من ابناء الضالع وردفان وشبوة .. وحدث ما حدث أواخر يناير 2018 م في تظاهرة بدت سلمية في الشكل اخمدتها صرامة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية احمد الميسري ويقظة وتفاني الجنود , خصوصا بعد اطلاق النار على قوات الامن , وانتهت بعد ساعة بانقلاب عسكري مبيت للواء الجن ومليشيات مدرعات بن زايد , حصد في ثلاثة أيام أكثر من 100 شهيد وقتيل (بأي ذنب قتلت ) و 500 جريح بينهم 150 معاقا (ولا تحسبن الله غافل عما يفعل الظالمون).
كان منير محمود اليافعي(ابو اليمامة) قائد اللواء الأول دعم وإسناد وهاني بن بريك نائب رئيس الانتقالي في مقدمة حماية موكب أسرة وعائلات آل عفاش التي نزحت في موكب كبير الى عدن قبل ظهور طارق من مخبئه , وهو موقف إنساني مشرف منهم رغم تمرغ سمعة الأخير بالوحل .. وتصريحات ابو اليمامة قبل أشهر على مقتله ( سوف نخرج طارق عفاش من عدن كما دخلها) مجرد امتصاص لنقمة الشارع الغاضب على الانتقاليين (العدارسة) لا ترقى إلى ترميم العلاقة المتصدعة مع المجتمع المطعون في ظهره .. وليس دقيقا ما يشاع إن الإماراتيين تآمروا على تصفيته لتصريحاته تلك أو غيرها فصورة الصاروخ الباليستي نوع زلزال الذي أطلقه الحوثيون واضحة وبقاياه موجودة , إلا أن الانتقالي الذي وعد بإعلان نتائج التحقيق بالجريمة في مؤتمر صحفي لا يزال يبحث عن طريقة لالصاق الاتهامات بخصوم داخليين , لانه محتمل جدا أيضا تنسيق مقربين مع الحوثيين لتحديد ساعة الصفر , وذلك فعلا ما ظهر فعلا يوم أمس اول أيام العيد عندما زعم عيدروس الزبيدي في استعراضه لما حدث ( أنهم هم بدأوا في مخطط اغتيالنا ثم انهاء وجودنا ومحاولة تصفية قضيتنا , إننا تعرضنا في يوم واحد بتاريخ 1 اغسطس 2019 م الى ثلاث عمليات ارهابية) وذكر واقعة مقتل منير محمود اليافعي (ابو اليمامة) ومعه 50 من جنود معسكر الجلاء , وعملية المحفد(أبين) التي قتل فيها 20 من قوات الحزام الأمني , كما زعم عيدروس أيضا استهدافهم بتفجير الطابور الصباحي لشرطة الشيخ عثمان (التابع لوزارة الميسري) بسيارة مفخخة عن بعد وليست (عملية انتحارية) واستشهاد 18 جنديا (غير مقاتلين) وبصمات مرتكبي هذه الجريمة مردودة عليهم .. وما لحق ذلك من ضحايا وجرحى بينهم مدنيون وأضرار بمنازل مجاورة , وكل تلك الاتهامات فقط للتغطية على أهداف الانقلاب الثاني الفاشل وتبريره!!.

*ذرائع انقلاب عدن الثاني *

عندما قتل أبو اليمامة في 31 يوليو 2019 م الماضي بصاروخ للحوثيين على حفل تخرج متدربين في معسكر الجلاء توجهت أصابع الإتهام بالتخابر مباشرة الى أفراد محتملين من معسكر طارق عفاش , فتوسع شرخ أزمة الثقة اكثر بين قيادات الانتقالي نفسها وتململ انصارهم وعلا سقف مخاوف ضياع الانفصال .. ولا تفسر حماسة هاني بن بريك مؤخرا ودعوته في فيديو الى النفير العام وحمل السلاح لإسقاط سلطة الشرعية أكثر من غيره من القيادات الاخرى سوى محاولته صرف الأنظار عن شبهات موجهة إليه شخصيا في مقتل (ابو اليمامة) .. ويوجد فيديو مصور يظهر بعد الواقعة مباشرة ملاحقة حراسات حفل معسكر الجلاء لإحدى العربات وندائهم باللاسلكي بوابة المعسكر (يارعدواحد , معك رعد اثنين) منع خروج ( المصفحة البيضاء) وحاولوا منعها لكنها فحطت بمغادرة مسرح الاحتفال فورا دون إبطاء , وعلى متنها أحد شيوخ السلفية المحسوبين على هاني واسمه (ع. اليافعي) وهو الذي كان جالسا في المحفل على يسار (ابو اليمامة) , وهو من ناوله الهاتف للرد على مكالمة طارئة قبل ثوان قليلة على الضربة!!.
لكنني لا اوزع الاتهامات فقط نوضح الشبهات , وما مصلحة الولد هاني في صرف الرأي العام بمنشورات بعد ذلك الى التحريض ومداهمات اصحاب المطاعم ومحلات الدحابشة التجارية والبسطات لاغلاقها ونهبها وتهجير أصحابها وغيرهم , وهو الذي أعلن في منشور قبل ذلك باسبوع ( اننا سوف نحمي ممتلكات الشماليين في الجنوب) وكان يقصد بها فقط ممتلكات اتباع طارق التي تعرض بعضها للاعتداء , وظهرت حماسته اكثر في قراءة بيان النفير العام والدعوة الى الاقتتال الاهلي في محاولة لإبراز ولائه وصرف الاشتباه به الى اهتمامات وقضايا أسوأ هي تفجير الانقلاب وإسقاط سقف المعبد على رؤوس الكل ضد الجميع.

* الاتهامات الموجهة للشرعية *

ويتوسع أسلوب إنتاج وتوظيف الذرائع وتبرير الانقلاب الأخير , فالبيان الأول للانتقالي الذي صدر الأربعاء الماضي عقب مواجهات بوابة قصر معاشيق يتهم قيادة الشرعية وحزب الإصلاح ضمنا بتدبير فخ عسكري محكم لقوات المجلس الانتقالي واستنزافها في معركة طويلة غير محسوبة العواقب مع الحوثيين في جبهة الضالع التي اشتعلت في وجوههم فجأة ولم تهدأ منذ رمضان الماضي داخل خط الحدود الجنوبية القديمة في الازارق وحجر بعد أن كان الحوثة في حدود أب , ما دفع الانتقاليين الى تعجيل الانقلاب الأخير وفرض امر واقع جديد قد يعترف لهم بدولة مستقلة عاجلا قبل أن يسقط رهانهم على قوة عسكرية مترنحة ومبعثرة بعد فوات الأوان .. لذلك لم ينتقموا ل(ابو اليمامة) من ضربة الحوثيين الصاروخية ولا يضمنون أيضا إمكانية الانتصار او حتى الصمود على حدود الضالع , فكان الطريق الاقصر هو تدبير انقلاب عدن الأخير 7 أغسطس 2019 م نحو القصر الجمهوري واختصار طريق الوصول إلى السلطة في الجنوب أولا والتفاوض والمساومة لاحقا على خطوات إعلان سراب واوهام الاستقلال الناجز مع المجتمع الدولي الذي يرفض أفعالهم وادانها مقدما , لكنهم كما قال هاني بن بريك في خطبة اول العيد امس يرفضون الجلوس للحوار على مائدة التحالف تحت التهديد , وإنهم سيمضون على النهج نفسه الذي رسمه الحوثيون لأنفسهم (نهج قتلة ابو اليمامة ورفاقه) ..

* العقدة الفكرية وخطورتها *

يرد هاني في تغريدة أخيرة له أيضا على دعوة السفير السعودي لهم مع باقي الاطراف الى الحوار في الرياض إن ما حدث لم يكن انقلابا وإنما كانوا يقاتلون الإرهابيين والكفرة وهذا بالضبط هو منهج (المداخلة) في تكفير وتفسيق وتبديع مخالفيهم وصناعة اعداء وانتاجهم من العدم .. ويستدل الولد لذلك بآية قرآنية محكمة ودليل قطعي نزل في وجوب قتال الكفار والمشركين المحاربين للدعوة ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ... الآية) اي أنه أمر بقتل جنود جنوبيين كفرة ثم كذب اكثر مثل اخيه في الله عيدروس الزبيدي بزعمه إن الطرف الآخر هو من بدأ القتال !!.
والفتنة المذكورة في الآية كما يجمع العلماء تعني (الشرك بالله) , لكن هذا هو منهج المداخلة في تحريف القرآن الكريم وتأوله .. وهم فرقة دينية ضالة أسسها الشيخ السعودي الطاعن هادي بن ربيع المدخلي في مكة وعمره تجاوز ال90 عاما وله اتباع وتلامذة عديدون في اليمن أبرزهم كما وصفه شيخه ( الضال المضل الحزبي) هاني بن بريك الذي حذر منه هادي المدخلي نفسه مؤخرا في عدة بيانات واعتبره مدسوسا في صفوف السلفيين , ومن الحزبيين المتلونين أصحاب الدرهم والدينار , وحذر منه ومن ضلالاته وأفكاره ودعا إلى مقاطعة السلفيين له , فيبدو ان التلميذ أصبح أسوأ من أستاذه وهذا ربما ما اغاض شيخه .. إلا أن خطورة الموضوع تنحصر على الانتقاليين أنفسهم الذين التقى على مائدتهم فجأة اليساري مع اليميني , والشيوعي مع الشيعي والسلفي التكفيري مع السلفي التفجيري وأم الجن مع ام الصبيان , ما يجعل المجلس الانتقالي فكرا ومنهجا ورؤية سياسية (خلطة ملطة) معزولا عن اي حاضنة اجتماعية وشعبية مستقرة .. إلا من تحالفات لحظوية مؤقتة هشة مشوبة بشكوك مكوناتها وانعدام الثقة بين رؤوسها .. وخطاب الانتقالي المتذبذب الهجين جزء من هذه التناقضات عدا حالة الحذر والارتياب الشخصية بين أفراد الصف القيادي الأول لانغماس بعضهم حتى النخاع في مسلسل ( لعبة الدم الحرام) واعتيادهم عليها , والسلفيون أمثال محمد رمزو واحمد المعلم وهاني بريك (الشيوخ) الذين حرفوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل ( دم المسلم على المسلم حرام) الى : دم الجنوبي على الجنوبي حرام) هم الذين افتوا مؤخرا ومن قبل بقتل الجنود الجنوبيين بعضهم البعض واباحوا اقتتالهم , واهدروا دم المخالفين الآخرين لهم ظلما وعدوانا , وكله ليس مستغربا , وما يجمع الشامي على المغربي والقاسم المشترك هو منهاج التطرف وتزاوج العقليات الشيطانية لاصحابها , وهو ما يفسر خطورة هيمنة مذهب المداخلة على الانتقاليين كجماعة سياسية اشتراكية قبلية مناطقية , بتحالفها أيضا مع مفرزة الإرهاب نفسها حين يأتمرون وينقادون في قراراتهم المصيرية لمرجعية شيوخ الخراب والقلاقل والفتن .. ولا يكفي ادراج نائب هاني بن بريك (هاشم السيد) وغيره على صدارة لائحة المطلوبين دوليا لأن الأخطر هم شيوخ الفتوى والافتاء الجهلة أنفسهم , فلم يكن معروفا عن الانتقاليين ذلك إلا بعد اندساس المداخلة الذين دخلوا وتداخلوا وتبرطعوا وافرغوا كل عاهاتهم وتشوهاتهم في صفوفهم , واكلهم ثوم إعدام أمجد عبدالرحمن وعمر باطويل وبعض خطباء وأئمة المساجد(35 شخصا) بافواه شلال شائع وعيدروس الزبيدي المعروفين بسلميتهم في الغالب رغم تهورهم وخطأ حساباتهم السياسية في الانقلابات.

*مخاوف لا تنتهي *

تراكمات فكرية وتناقضات نهجوية كثيرة وخلط أوراق وارتباك واضطراب في توجهات وحسابات وتصرفات قيادة الانتقالي .. فالشيخ عبدالرب النقيب اليافعي القيادي في المجلس وأشهر شيوخ يافع وأكثرهم نفوذا وعقلانية يشكو من تهميشه , والشيخ صالح بن فريد العولقي الشبواني أبرز مؤسسي الحراك يرفض انجرار أبناء شبوة للاقتتال الداخلي لقضايا باطلة , والشيخ عمرو بن حبريش زعيم قبائل مؤتمر حضرموت الجامع يعارض إقحام الوادي والساحل في صراعات عبثية تمزق وحدة نسيج المجتمع الحضرمي , وأبناء وشيوخ سقطرى والمهرة وحتى من الضالع وردفان الذين يقتلون فيها مخالفيهم يوجد كثيرون على خطى التعقل ذاته إلا أن تأثيرهم مفقود لغلبة القلة المتسلطة على رقابهم وتكالب المتاجرين بالقضايا من خلف ظهور أصحابها .
وباقي مكونات الحراك الجنوبي السلمي والثوري والأئتلاف الوطني الجنوبي وجماعات السلفية السياسية والحزبية , والأغلبية الصامتة المتذمرة كلها مع الحلول السلمية للصراع على السلطة في عدن وضد افتعال وتصدير الأزمات والتهور السياسي الذي يعمق شرخ وتهتك النسيج الاجتماعي القابل للاشتعال في أي لحظة.

* خيارات ضد انقلاب عدن*

خلاصة مواقف الانقلابيين في عدن المعلنة بالامس واليوم أنهم سوف يشاركون في حوار جدة الذي دعا اليه العاهل السعودي الملك سلمان , ولكن باعتبارهم طرفا مسيطرا على الارض وعلى السعودية ان تتعامل معهم كشريك وحيد فريد وبديل عن الشرعية وليس حتى كطرف او ند او شريك .. ولا يخجلون من تجيير تضحيات غيرهم مع التحالف في كل الجبهات لأنفسهم طوال أكثر من أربع سنوات ونصف .. ويزعمون أنهم جاءوا بالرئيس وسلموه الشرعية والسلطة ولم يحرر عدن إلا ابناؤها وكل الاطياف الأخرى بما فيها تنظيمات القاعدة وداعش والراهدة والإصلاح وسلفية(ولي الأمر) والصومال والهنود ودحابشة الجنوب وأبناء الصبيحة ويافع وأبين , فيما كان بن هاني بن بريك يوزع (قراطيس البانهيس وعصير يماني) أواخر رمضان 2015 م على المداخلة , وقد جاءت الآن على عبدربه منصور دورة التسليم واعادة حق الحكم القروي المناطقي لاهله !!. ونسي شلال وعيدروس إن اصحابهم وصلوا إلى عدن متأخرين جدا في الحرب على تحالف صالح الحوثي لانشغالهم بتحرير قراهم في , الضالع وأنهم عندما تجمعوا للمقيل في ملعب 22 مايو في السبعة أيام الأخيرة من معركة تحرير عدن نصحنا بعض من نعرفهم منهم بمغادرة الملعب فورا , ثم امطرته قوات صالح الحوثي بالكاتيوشا بعد خروجهم بقليل .. وأنهم توزعوا بعد ذلك لمواصلة المقيل والتكية في فرزة الهاشمي بالشيخ عثمان وفرزة لحج ابين يافع بما فيهم الشهيد سيف سكرة الذي قضى رحمه الله قبل 3 أشهر في اولى المعارك البطولية بالضالع مع الحوثيين وليس في قتال إخوته المسالمين .. وبعد ذلك وسوس لهم شياطين السلفية والمدخلية وادخلوهم في جحر الشيطان.
ويتحدثون هذه اللحظات في القنوات الفضائية عن شرعية الرئيس هادي لحاجتهم الى إضفاء مشروعية على انقلابهم عليه وأنهم خلصوه من ولائه لنفسه وحكومته التي عينها , كما أعادوا إليه كرامته المختطفة من حزب الإصلاح الاخونجي والافرنجي والزنجي والفشنجي والكفار والمسلمين والنصارى والارهابيين , الى منتهى الشماعات التي لا تتسع , يتذرعون بها ويستخفون ويضحكون بها على العوام.
والآن سوف يماطلون ويخادعون ويتلاعبون بالوقت دون حضور اجتماع جدة او جدتي , كما فعلوا ذلك الى الآن بعدم التزامهم باتفاق الانسحاب من معسكرات ومؤسسات الدولة الذي وقعوه في عدن صبيحة 10 اغسطس الجاري بحضور ممثلي التحالف والطرف الآخر(الشرعية).
وسوف يتمادون بعد ذلك برفض الإعتراف بدول التحالف نفسها والاستخفاف بقدرتها على الردع ثم إعلان الانفصال حتى بدون حاجة الى اعتراف أو غطاء اقليمي ودولي او اعتبار حتى لرفض الجنوبيين لهم بالاجماع ليحشروا الجميع في زاوية الخيارات السيئة .. وبتسطيح وسذاجة اكثر يعتقدون ان المجتمع الدولي سيظطر بعدها إلى الانصياع لهم كما فعل مع الحوثيين .. ونسيوا إن قرينهم في صنعاء يخضع لصميل البند السابع , وأن للجنون حدود واي مساومات او مغامرات بأرواح المدنيين واتخاذهم كرهائن في عدن بوجه خاص أمام المجتمع الدولي لن يثني العالم عن ردعهم بأسرع مما يتصورون ..
والأخطر من كل ذلك أن الحرب على الحوثيين سوف تصبح غير ذات معنى او جدوى سوى أنها عرضت وتعرض أمن السعودية والملاحة الدولية والتجارة العالمية في البحر الاحمر وباب المندب وبحر العرب للخطر اكثر من قبل في وجود فكي كماشة عدن صنعاء , وقد يضطر ذلك الشرعية والتحالف إعادة النظر بحجم ونوع العمليات القتالية ضد الحوثيين طالما والصداع الجديد بحاجة إلى عناية مركزة خاصة.
أما الخيارات أمام المجتمع اليمني والاقليمي والدولي أولا :
-- سرعة توفير الحماية الطارئة للمدنيين وأجبار المليشيات المتقاتلة في عدن وطوقها بالخروج ومغادرة المدينة.
- التهيئة الفورية لقرارات حاسمة باتة قابلة للتنفيذ لا تقبل المساومة والتأجيل بوضع حد لانزلاق اليمن والمنطقة أكثر نحو هاوية الخراب الداخلي الأشمل , وتحمي حقوق الناس في العيش الآمن والمستقر ..
فالذي يزعم إنه يكافح الإرهاب واستلم أضعاف ثمن خدماته لا يتحول هو الى حاضنة ومنتج ومصدر رسمي بديل لكل انواع الشرور والأوبئة السياسية والاجتماعية .. ومن يزعم إنه صاحب الامتياز والحق في قطف ثمار النضال الجمعي للآخرين في الشمال والجنوب عليه ادراك مقداره وحجمه الحقيقي بدلا من حالة الهوس والهذيان الكاذب.
وإن لم يشبعوا شهوات القتل والمال عليهم أن يتركوا عباد الله ومخلوقاته في حفظه وأمنه , فلا تمنوا على الناس بفضل الله عليهم وإحسانه وليس بقدراتكم التي اذاقكم الله بها بأس بعضكم فقط دون عبرة او عظة .. فاذكروا قدرة الله وجبروته وبطشه فلا يغرنكم زهو وتجبر وطغيان ساعة !!.
والله المستعان هو حسبنا ونعم الوكيل وحصننا المنيع من كيد الأشرار الظالمين.
وكل عام واليمن أرضا وانسانا في عزة ومجد ونصر وتمكين.
ولينصرن الله من ينصره ورسله بالغيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.