الأوقاف توجه بتخصيص خطب الجمعة لإحياء معاني ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    يوم غضب في تعز.. توافد جماهيري استعدادا للتظاهر للمطالبة بضبط قتلة المشهري    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    مقتل امرأة برصاص مليشيا الحوثي الإرهابية في إب    إصابة 8 جنود صهاينة بانقلاب آلية عسكرية    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    متلازمة الفشل عند الإخوان!!    من حق أنصارالله أن يحتفلون.. وعلى لابسي العبايات أن يتحسرون    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟    عودة الوزراء المصابين الى اعمالهم    أحزاب المشترك: ثورة 21 سبتمبر محطة فارقة في استعادة القرار وإسقاط الوصاية    الترب يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    هولوكست القرن 21    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    بورصة مسقط تستأنف صعودها    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبده ذو سبعة ارواح !!
نشر في عدن الغد يوم 24 - 02 - 2013

قص علي صديقي حكاية جاره عبده الملقب ب" القط ذو السبع الانفس " فذات لحظة سليمانية قرر الرجل الرحيل من قريته الرابضة في بطن جبل سامق ؛ ككائن وديع استأنس وجوده بين ظهراني وحش ضخم مخيف وفتاك . غادر خلسة دون معرفة سعيدة " زوجته " ، ابتاع تذكرة طيران وصعد جالسا بمحاذاة جناح الطائرة ، أخذ يتطلع في وجوه الركاب المسافرين عله يعثر على أنيس يبدد كربه ويزيل هلعه وقلقه .

أقلعت الطائرة ماخرة عباب السماء ، نظرا شزرا في وجوه وجمة مُسفرة تغط بنوم عميق ، حدق وقتا في فناء كئيب قفر ؛ إلا من عمود يسبح في لجة سحابة بيضاء ، حمله طيف عابر لتذكر زوجته واولاده الذين تركهم دونما وداع ، فزعه القادم الذي يجهله ، تساءل : ماذا لو انه لم يجد قريبه بانتظاره في المطار ؟ ماذا لو ان سفرته هذه ليست ؛ إلا وهما عاشه ودفع لأجله ماله وعمره ؟؟ .

لم يحتمل سويعات الرحلة ؛ فغط في نوم ثقيل اوقظ كل من في جوف مقصورة المؤخرة ، أخذ يصدر شخيرا مزعجا ومعكرا لسكينة اللحظات ، مطبات الهواء أيقظت جميع ركاب الطائرة عدا عبده المستسلم لنوم كثيف ، هوت الطائرة بركابها وطاقمها الى قعر المحيط ، تخاطفت وكالات الانباء والقنوات والصحف خبر تحطم الطائرة ووفاة كافة ركاب الرحلة .

كل هذا وقع وعبده " القط ذو السبع انفس " في سبات وشخير الى ان ايقظته اصوات اناس غرباء اخذوا يرقصون ويهللون ويلهجون حول جثته المتوسدة ثرى المكان ، خيل له الامر وكأنه فرحة بنجاته العجيبة من هول كارثة ابتلعت جميع زملائه مبقية اياه وحيدا كناج قوم فرعون ؛ لكن أحدا منهم لم يسأل أو يكترث أو يعلم بما حل به وركاب الطائرة .

استفاق عبده من غيبوبته، وحين فاق وجد ذاته ملكا متوجا يتقرب له هؤلاء الغرباء ، فقبل ان يأتي به قدره الى تلكم الصخرة المنتصبة في التلة المحاذية للمحيط ، كان هؤلاء القوم قد انتظروا زمنا طويلا مبعث السلطان الذي سيتوقف في عهده نزيف دمهم المعفر بغزارة ، كما وسيعم في ظله العدل والخير ارجاء البلاد .

اعتقاد مرده قصص واساطير ومرويات قديمة رسخت في اذهان اجيال وطنت هذه البقعة وما فتأت منتظرة اللحظة المباركة التي سيظهر فيها ملكها العادل نائما قرب الصخرة ملتحفا ظل شجرة ضخمة عتيقة عمرها يربو عن ألف سنة ، طائفة من خلق الله يشبهون السبعية أو الواقفية التي لم تكل جماعتها او تفتر من وقفتها أمام سرداب المهدي المنتظر .

ادرك الآن فقط انه الملك المنتظر الذي في كنفه سيعم الخير والسلام ، وينعم الجميع بالعدل والمساواة والرفاهية ، لم ينبت بشفه إزاء حقيقة وجوده ، اعتقاد راسخ عمره قرونا يستحيل محوه بيقين لحظات ، قال في سريرته : مُلك بعد ممات خير من هلاك بعيد نجاة ! .

شاع نبأ الملك المبعوث ، بقى الرجل في مكانه مندهشا فاغرا فاه مما يشاهده حواليه من مظاهر احتفاء وبهجة وتهليل وتصفيق وترحاب وود لم يحظ به انسان في هذا الزمن المتوج بالمآسي والويلات والخذلان والبغض والانانية والحروب والظلم ووالخ .
كل من في الامصار تدافعوا الى البقعة المقدسة علَّهم يظفروا ببركة رؤية ملكهم الذي طال انتظاره ، أو سينالهم حظا من بركاته وتقواه ، وضِع على ناصية رأسه اكليل من الماس المطرز بالياقوت والعقيق وبلورات فضية متلألئة ، ارتدى لباس الملوك المحاك من اجود وافخر انواع الحرير ، امسك بصولجان من الذهب الخالص ، مشى على سجاد فارسي يشع بكل الالوان الزاهية وينتهي طرفه عند بلاط ملكي وثير ظل يحتفظ برونقه ومهابته طوال قرون من الانتظار .

كان حلمه بسيطا ؛ وها هو ينصب ملكا ! كانت رحلته كدرة وسؤومه وكارثية ؛ وها هو ينفض حزنه وكآبته ومأساته بصخب وفرحة ومتعة لا نظير لها حتى في الاحلام ، حياة مترفة بكل متاع الدنيا اذهبت عن كاهله قترة الرجل القروي ، النساء الغواني يحفن به ، يرقصن له ، ينتظرن سبابة يده ، الحشم والخدم والمال والسلطان تحت أمرته ، ورهن اشارته ، من قروي اشعث عليه غبرة قوم ثمود الى ملك متوج يفيض جمالا والقا وذهبا .

جلس في كرسيه الوثير ، نادى على حجاب قصره المنيف قائلا : انا ربكم فأمركم بطاعة سلطاني وبعبادة مقامي .. أجلبوا ما لذ وطاب من الاكل والشراب ، اقبلوا بالراقصات الجميلات ،وبأساطين الشعر والغناء والعزف والفكاهة والنفاق ، وزعوا المال على الجُند والعوام ، معدتي خاوية نهمة لطعام بلاد ، نفسي عليلة جامحة للرقص واللهو والمتعة ، سأنسي الليلة عبده القروي البائس الهزيل الفار من اهله ! يكفي انني حيا ، وسلطان يلهو ويعبث فيما رفاق رحلتي المشؤومة اشلاء ممزقة في بطون حيتان المحيط .

نعم ؛ اريد نسيانك يا سعيدة المدبرة ، قالها وزاد كررها وبصوت مرتفع : صرت ملكا يا سعيدة الشقية الكئيبة ، يا وجه النكد والشؤم واللسان القاذع ، وبينما هو في غمرة هياجه ونشوته يتسلل الى اذنه صوت سعيدة من الحجرة المحاذية لبلاطة مجيبة : ماذا بك وقط بسبعة ارواح ؟ يستفق هنا عبده فزعا من صوت زوجته ، يكتشف أنه في بيته ، فلم يغادر من متكأه مطلقا !!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.