قالت صنعاء: متى نلتقي يا عدن؟ فأجابت عدن: بعد عام وحرب. صنعاء: ومتى تنتهي الحرب يا أختاه؟ عدن: لا اعلم ولكن قد تتأخر طالما من أبنائنا يمارسون العمالة والاسترزاق والفجور حريصون على إطالة أمد الحرب لإطالة فترة عقود استرزاقهم، وطالما جاراتنا يتسلى الطائشون من ابنائهن بتمويل مشاهد تحويل الرجال الى نمل يتصارع على قطعة طين وقطعة قماش ملونة، و ويضنون انه لا يمكن للمرء ان يكون بطلا دون ان يدمر الأرض. *صنعاء: نعم لقد تشتت الأبناء يا عدن وفلت الميزان، واختفى صوت القانون وسط صليل القصف و الانفجارات، تشعثت ثيابهم وعقولهم وفقدوا بوصلة طريق مستقبلهم وتشعثت قلوبنا يا أختاه. يضنون ان الحرب لعبة مباراة سيطلقون صفارة بدايتها في ساحل الحديدة أو ابين ويجهلون انهم قد لا يستطيعون إطلاق صفارة نهايتها والميت منهم من سيشهد نهايتها، يجهلون انها لن تحرق حاضرنا فقط بل سيستمر فينا رمادها الى ما بعد خمود حرائق الموت. عدن: أصبحت الحرب تدور بين ابنائنا لحساب أشخاص يتصافحون ولايقاتلون بعضهم بعضا، اسعروا الحرب في عقول وقلوب أبنائنا ليسعروها في أجواف مدافع الدمار بأرضنا. صنعاء: نعم لقد اصبح أبنائنا وقود لحربهم، انهم يرون ثمن الدمار رخيص، وثمن إعادة أعمار ما تدمره حربهم لا يوجد من يطالب به. عدن: اخبريني يا صنعاء عن ابنك الصغير الذي ترك التعليم وحارب في تعز ونجاء ؟ صنعاء: لا احد ينجو من الحرب يا اختاه، فهذا الناجي منهم مصاب بكسر في جمجمته ورضوض في زنده، وشظية عطلت احد كليتيه واخرى استقرت في مثانته. ومن نجاء من الشظايا منهم لن ينجو من الإحزان. عدن: نعم ولكن رغم انهم يعون ان لا احد ينجو او ينتصر في الحرب سوى الحرب نفسها وان الحرب هي التي تنتصر على الجميع وتأكل الجميع، الا انهم لازالوا يحشدون اليوم في ابين لمعركة جديدة اسموها بالحرب الأخيرة. صنعاء: لا يوجد ابدا معركة اخيرة فمتى بدأت الحرب فإنها لا تنتهي، فالحرب مثل الحريق، لا تنحصر في مكانها بل تتسع لتأكل الاخضر واليابس من حولها، وان من يستمتع اليوم بمشاهد الحرب عن بعد على الشاشات بالنظارات ثلاثية الإبعاد لن ينجو من حرارة لهيبها ومآسيها، انهم يصنعون المآسي باستغلال افضل ما لديهم ليلحقوا بأنفسهم و بالإنسانية اسوى ما لديهم. *عدن:* المؤسف يا صنعاء الحبيبة ان الحروب قد تحولت الى تجارة يقتات منها تجار البارود في العالم، اراهم اليوم يحركون اذرعهم ليحشدون البارود في ايدي أبنائنا في ابين، ويمولون قتل ابنائنا لبعضهم، لأنفسهم، لأهلهم، مدعين ان حربهم هي حرب على الإرهاب متناسين ان الحرب هي الإرهاب بعينه، فان لم تضع الإنسانية حدا لأذرعه الإرهاب والتجهيل والتخلف هذه فقد تقضي على الإنسانية. *صنعاء:* وهل بقيت إنسانية في الأرض يا عدن ؟! فمن يشاهدون الحرب والقصف الدموي للأطفال والمباني والطرق والمدارس والمصانع على شاشات التلفاز كل صباح ومساء، وأصبحت الحرب بالنسبة لهم مجرد فرجة لمباراة حماسية على الشاشات فقد ماتت إنسانيتهم. عدن: اعلام مسعور يا صنعاء اوهم العوام من ابنائنا انها حرب دينية مقدسة بين السنة والشيعة بينما هي حرب مصالح دول ضحيتها العوام من أبنائنا السنة والشيعة، والمؤسف ان اصبح من لم يشترك في ميدان هذه الحرب من العوام يشترك فيها بتأجيجه الإعلامي لأكاذيب الإعلام الحربي والصراخ المثير للكراهية بين الإخوة وبني الإنسان. صنعاء: أفعالهم على الواقع تناقض دعاية اعلام السلام الصاخبة التي تصور ان الحرب وشيكة، فلا يمكن منع الحرب والاستعداد لها في وقت واحد، ولا يمكن لهم ان يكونوا رواد العالم في السلام ورواد العالم في توريد أسلحة الحرب معا... فأخشى ان يطول البعاد يا عدن الحبيبة. عدن: سنلتقي مجددا يا صنعاء متى استيقظ دعاة السلام، وأوقفوا أوهام جنرالات الجشع، واعلموا طغاة الحروب والمستعمرين الجدد الطامعين في المكاسب انه قد مات طامعين البرتغاليون والانجليز والاحباش.... دون ان يشيدوا قصورهم على أراضينا ودون ان يستولون على حقوق شعبنا، وان ميراث الحرب دائما يذهب بددا، وان الانتصارات الحقيقية هي انتصارات السلام وليس الحرب، وان العدل اقل تكلفة من الظلم والأمن اقل كلفة من الحرب، وان الطغيان والباطل وتصنيع وتصدير سياسات الفساد والكراهية يهدم عروش العز والمجد لا يقويها.