في موقف صعب ولحظات مهيبة مفعمة بالحزن والأسى ودعنا في الأيام الماضية شخص عزيز علينا وقريب إلى روحنا ووجداننا إنه فقيدنا السيد/عبدالقادر بن أبوبكر بن عبدالقادر بلفقية ((أبو عدنان)) عن عمر ناهز ال79 عاماً . والفقيد رحل عنا دون ضجيج ... وبهدوء عالٍ ليضرب لنا مثلاً في معنى أن يكون المرء فارساً حقيقياً يحترم فروسيته ومكانته وإنسانيته . فقد كانت وفاته أكبر صدمة لنا جميعاً وودعناه وخانتنا الكلمات ولم تسعفنا حينها أبسط العبارات للتعبير عن شديد الحزن والأسى الذي المّ بنا لرحيله فذرفت الدموعُ فعبّرت عن ذلك ابلغ تعبيرٍ ودّعناك يا ((أبا عدنان)) بدمعة وإطراقة طويلة وماذا يمكن أن نقول ؟ وهل ستفي العبارات قدرك ؟ وهل ستخفف عنا بعض ما المّ بنا لفقدانك ؟ لقد كان رحيلك فاجعةً كبيرةً لنا . وكان رحيل السيد/عبدالقادر بلفقية عن دنيانا الفانية خسارة فادحة مُنيت بها الأوساط الأدبية والفنية والثقافية والاجتماعية والإنسانية والشبابية والرياضية والشعبية في الداخل والخارج وحضرموت على وجه الخصوص ، والحقيقة إننا نشعر ونحس بحجم الفراغ الكبير الذي تركه لنا رحيله والخسارة الجسيمة ونتحسر على ذلك ويعترضنا الألم ولكن عزائنا في ذلك إنها إرادة الله في خلقه الذي إذا قضى أمراً أن يقول له كن فيكون . وقد خسر الوطن برحيله فارساً مغواراً وهامة وقامة أدبية وفنية وثقافية واجتماعية ومهنية وإنسانية وخيرية متميزة ورمزاً من رموزه وعلماً منيراً من أعلامه ولا أكون مبالغاً إذا قلت إن أبا عدنان مدرسة أنموذجية في الأخلاق العالية وفي المجال الأدبي والفني والثقافي والاجتماعي والمهني والإنساني والخيري والشبابي والرياضي والشعبي فريدة لم يسبقه أحدٌ من قبل ولكنني أدعوا الله أن يمن علينا وفي القريب العاجل بمن يحل محله ويحمل هذا العلم . والفقيد أبا عدنان شخصية معروفة وغنية عن التعريف كيف لا وهو أحد الرواد الأوائل والعمالقة الذين لهم الفضل بعد الله في وضع المداميك الأولى لشركة عبداللطيف جميل لسيارات تويوتا في المملكة العربية السعودية . كما إن الفقيد فنان وشاعر وملحن يمني كبير وله بصماته الكبيرة ومساهماته الجليلة في تطوير وتوثيق وإبراز الأغنية اليمنية في الساحة اليمنية والعربية وعلى رأسها الأغنية الحضرمية والدان الحضرمي الأصيل من خلال كلمات أشعاره وألحانه الجميلة والرائعة الذي تغنى بها العديد من الفنانين الكبار في دول الخليج العربي واليمن ، وكان أول من تغنى من كلماته هو الفنان الكبير المعروف صاحب الصوت الشجي والعزف المرهف/حسن السري وهو أكثر من تغنى له وشكل ثنائياً معه حينها كما أنه اول من لحن للفقيد وابرز الكثير من قصائده في الكثير من المحافل في بداية مشواره الفني ولازمه كثيراً كما له الفضل في الاحتفاظ بالكثير من أشعارة التي كادت ان تفقد ، كما تغنى من كلماته أيضاً عدد كبير من الفنانين على رأسهم الموسيقار/احمد فتحي , الفنان/علي الصقير , الفنان المرحوم/هود العيدروس , وديع هائل , ناصر فدعق والفنان اليمني المخضرم المرحوم/صالح مبارك سالمين والفنان اليمني المخضرم والملحن العربي الكبير الأستاذ/حسن باحشوان وغيرهم الكثير ، كما إن الفقيد يعد أحد كبار شعراء الغزل والجمال وأحد شعراء الأناشيد الدينية الفريدة المنصبة في مدح سيد البشرية وحبيب الكون المصطفى الصادق الأمين صلوات الله عليه وسلامه وأحد الشعراء الرياضيين الذين يصيغون أجمل الأهازيج الجميلة للجماهير الرياضية لترددها في مدرجات فرقها الرياضية . كما أن له مساهمات جليلة في تأسيس أحد الأندية الرياضية في المملكة العربية السعودية ومنتدى لجلسات الطرب الحضرمي وتمثل ذلك في تأسيسه لفريق رياضي وفني أسماه ((نادي الجنوب)) وساهم معه في تأسيس ذلك بعض الأصدقاء المتواجدين معه في العزبة بمكة المكرمة منهم: سهل احمد الحبشي , محمد بافرط , علي عبدالرحمن الحبشي , علوي بن شهاب , سعيد باقوز . عبدالله عوض باسيف وحسين يوسف الحسني وعدد كبير لم نحصل على أسمائهم وبدأت المجموعة تفعيل نشاطها الرياضي عصرا وتحيي جلسات الطرب الحضرمي في المساء وقد شاركت في العديد من المباريات الرياضية وإقامة المسامرات الفنية الليلية وهكذا توسعت الفرقة واشتهرت كثيراً خصوصاً بعد أن كان يأتي إليهم من جدة الفنان اليمني الكبير المرحوم/ابوبكر سالم بلفقية والفنان القدير/علي الصقير الذي يأتي من خميس مشيط ووجود الفنان اليمني المخضرم المرحوم/صالح مبارك سالمين (أبو علي) معهم . إلى جانب مساهماته وأعماله الجليلة الأخرى في الشأن الاجتماعي والخدماتي والإنساني والخيري وإصلاح ذات البين وغيرها الكثير والكثير من الجوانب الذي لا يتسع المجال هنا للتطرق لها . والفقيد آبا عدنان عرفناه بتواضعه وأخلاقه العالية وبساطته ودماثة الأخلاق ولهذا كان محبوباً بشكل غير عادي من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة بتريم وحضرموت وكذا بين المغتربين في المملكة العربية السعودية الذين عرفوه وعرفهم . ونحن نودع فقيدنا الغالي ونترحم على روحه الطاهرة ما أحوجنا أن نقتدي بوطنيته وصدقه وشهامته وجرأته وكرمه وجوده وتفانيه و إخلاصه وحبه لبلاده وناسه و أهله ... أن نقتدي به في سلوكه و أخلاقه العالية ورحابة صدره ودماثة أخلاقه مع الأصحاب و الخلان وروحه المرحة وصدره الواسع وغيرته على ناسه ومهنته وأرضه ... أن نقتدي بما خلفه لنا من دروس وعبر ثرية ونموذجية ومثالية أعدها لنا وقدمها خلال مسيرة حياته الفانية و أن نجعلها كخطوط عريضة وعناوين بارزة مغلفة ببرواز لامع لتكون كضوء أخضر لسير أعمالنا ومهامنا وجوانب حياتنا المختلفة . وعندما يختفي كوكبٌ لامعٌ بمثل هذه القامة .... فلابد أن يختفي معه ذلك النور البراق المضيء لنا من السماء في ليالينا الظالمة والحالكة . ورغم إنه يختفي بعد أن سطر لنا ملحمة خالدة سيظل الكل يتذكرها سنيناً طويلة ... لأنه حفر أسمه في أعماق قلوبنا الخافقة بأحرف من دم قلبه الواسع الرحيم . ورغم كل هذا ألا إنه يظل ذلك الرحيل خسارة فادحة علينا جميعاً ... لأننا سنفتقده للأبد ... ولكنني واثق كل الثقة أن أبنائه سوف يعوضون علينا فقدناه .... وسيواصلون ذلك السير على الدرب الصحيح والنهج المستقيم الذي رسمه وخط بداياته الأولى والدهم ومعلمهم وقدوتهم الراحل السيد/عبدالقادر رحمة الله عليه .... ليكونوا خير خلف لخير سلف . في الأخير نرفع خالص التعازي القلبية الحارة وعظيم المواساة لأبنائه وأهله وأحبائه وأصدقائه وزملائه وكل المقربين منه والسادة آل بلفقية وآل علويين كافة في الداخل والخارج بوفاة والدهم السيد/عبدالقادر بن أبوبكر بن عبدالقادر بلفقية ((أبو عدنان)) ونسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان .... إنا لله وإنا إليه راجعون.