تمر الأيام السنون مرّ السحاب, وتمضي في ركبها نحو دنو العمر وتناقصه,تتوالى الذكريات والمحطات وتمضي هي الأخرى, وكلما ترجلنا في محطة دخلنا أخرى,فسنة الحياة أن نظل نسير حتى تأتي لحظة (اليقين) ونصبح بين ذكرى الأمس وثرى اللحد.. ولن تتخلّد في القلب إلا تلك الذكريات التي حفرت عميقاً فيه, وكان لها أثراً في النفس والروح والوجدان والواقع برمته,فغدت ناقوساً (يدق) في عالم النسيان كلما قُرعت أجراسه حينما يخامرنا الشوق والحنين لمن رحلوا وترجلوا عن عالمنا وواقعنا وحياتنا وخلّدوا أسمائهم في دواخلنا وخطوّها بأحرف من نور.. ولعل من تلك الهامات والشخوص الذين لم يبارحوا دواخلي ووجداني منذ أن حط رحال (رحلته) بمشيئة الله جل في علاه يوم ال17 من أكتوبر في العام2012م أستاذي وفقيد لودر وأبين بل الجنوب قاطبة قائد اللجان الشعبية الفقيد / محمد عيدروس الجفري, وكم رجوت الله أن يكون خبر رحيله مجرد (كذبة) من حاقد أو ناقم, ليس إعتراضاً على أقدار الله ولكن لأن حجم الوجع بداخلي لن يتسعه الكون الفسيح.. سبعة أعوام منذ أن تملكتني (غُصة) الألم لرحيله وأستبد بي الوجع ومن حينها وحتى هذه اللحظة التي تخط فيها أناملي عنه والألم يعتصر دواخلي والحنين يمزقني والشوق يتقاذفني,فلمثله فلتُذرف الدموع ليل نهار, ولينوح النائحين والبآكون ممن عاشروه وعرفوه عن كثب.. حينما أمتشقت قلمي لأخط عن هذه الذكرى السابعة ترددت كثيراً وطويت صفحاتي ولملمت أوراقي المبعثرة فالشعور بالعجز أبلغ من كلماتي وأحرفي ولن أصل لذلك الذي بداخلي كي أكتب عن رجل بحجم الوطن في زمن نحتاج فيه كثيراً للرجال والأبطال الذي يصنعون التاريخ ويغيرون مجريات الواقع البائس والمؤلم.. شعوري بالعجز عن الكتابة لاننا اليوم بحاجة لأن نتدارس ونتذكر أولئك الأبطال والأفذاذ والأشاوس كي ندرك حجم الفرق بين ماضيهم الحافل بالرجولة والإنتصارات والإنجازات وحاضرنا المشحون بالمآسي والمناطقية والفشل والمصالح الذاتية التي طغت على كل شيء ودمرت كل شيء.. رحمك الله أستاذي وفقيد الوطن محمد عيدروس الجفري وكل من سار على الدرب السوي ولم يحد عن منهاج الكتاب والسنة وكان لله أولاً وأخيراً ثم للوطن الذي سيظل ينوح على أبطالاً لن ينجب التاريخ مثلهم.. 16 اكتوبر2019م