ريمة.. استشهاد الشيخ صالح حنتوس بعد حصار وقصف منزله من قبل مليشيا الحوثي    "نطق بالحق والمبدأ قبل الرحيل".. الشيخ صالح حنتوس آخر دروس الكرامة    هذا هو الطريق    مونديال الاندية : ريال مدريد يتخطى يوفنتوس الايطالي بصعوبة ويتأهل للدور المقبل    لماذا فضل الشيخ صالح حنتوس الكرامة على السلامة؟    الأمل لايموت .. والعزيمةً لن تنكسر    مارك زوكربيرك (شيطان الشعر الجديد) في عصر التواصل الاجتماعي    عن غياب الثورة وحضور الحالة الثورية في يمن ممزق    اليمنية تعلن إعادة الطائرة المتضررة للخدمة بعد فحص جوي للتأكد من جاهزيتها    ال (100) يوم وطبيعة المعالجة والتحديات والمشكلات والشركاء في المسؤولية..!    وزارة الخارجية تجدد التأكيد على الوقوف الكامل مع الجبهة العسكرية في مواجهة العدوان    إطلاق صاروخ حوثي على إسرائيل.. والجيش يعترضه    زيادة غير متوقعة لفرص العمل بالولايات المتحدة خلال مايو    مجلس الشيوخ الأميركي يقرّ مشروع قانون ترامب للموازنة    الجوبة وماهلية ورحبة في مأرب تحيي ذكرى الهجرة النبوية    حقوق حضرموت كلها فاشوش    السامعي يطلع على سير العمل في وزارة الثقافة والسياحة    تنفيذية انتقالي حضرموت تدعو للحفاظ على استقرار المحافظة    اعلان هام من شرطة المرور بالأمانة    مدارس بين السيول والسياسة: قرار المليشيا ببدء الدراسة في يوليو يهدد مستقبل التعليم    ضبط كمية من الادوية المهربة بذمار    رسميا.. برشلونة يعلن تمديد عقد فاتي وإعارته إلى موناكو    وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص في اليوم المفتوح    تحليل سياسي.. الزُبيدي في قلب المشهد الإقليمي    صنعاء.. بدء اصدار التعزيزات المالية الخاصة بمرتبات مايو 2025    جيسيكا تودع «ويمبلدون»    ارتفاع صادرات كوريا الجنوبية بعد زيادة الطلب على الرقائق    متشددون يفجرون قبة أثرية بالضالع    لماذا الآن تحركات لعكب وبن حبريش المعادية لشبوة وحضرموت    بطولة PIF لندن في نادي سينتوريون للعام الخامس ضمن السلسلة العالمية لصندوق الاستثمارات العامة للجولف    بعد حادث المولودية..الاتحاد الجزائري يعلن سلسلة من الإجراءات الاحترازية    عدن.. المدينة التي تنام على الجوع وتصحو على قرارات كاذبة    نداء استغاثة...تحول منازل أهالي عدن الى أفران مغلقة بسبب انقطاع الكهرباء    الكثيري يشيد بجهود وزارة الاوقاف والإرشاد في تنظيم موسم الحج ويؤكد أهمية ترشيد الخطاب الدعوي الديني    مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم أدوات المهنة للمستفيدين من مشروع التمكين المهني بساحل حضرموت    مليشيا الحوثي تمنع مبادرات خيرية من دعم طلاب فقراء في صنعاء وريفها    انطلاق النسخة الخامسة من بطولة الولايات المتحدة للجاليات اليمنية في نيويورك    رحيل عملاق المسرح اليمني عبد الله العمري    نيكو ويليامز يهدد برشلونة: لن أنتظر.. سأنتقل إلى ريال مدريد    "مصر على القائمة".. استراتيجية صهيونية -أمريكية تستهدف إضعاف الجيوش العربية المحيطة    المرتزق الزبيدي يحول 20 مليون دولار الى حسابه في لندن    العثور على معبد ضخم يكشف أسرار حضارة انقرضت قبل ألف عام    بيع أربع قطع أثرية يمنية في مزاد بلاكاس    ماذا يحمل مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن    الهلال السعودي يفوز على مانشستر سيتي ويتاهل إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية    تصورات خاطئة عن الآيس كريم    الحوثي اقل الأطراف اليمنية عرضة للاختراق    مصدر إسرائيلي: نحو اتفاق شامل مع سوريا بنهاية 2025    استخراج 117 مسمارا من بطن مريض في لحج (صور)    - والد زينب الماوري التي تحمل الجنسية الأمريكية ينفي صحة اتهامها لابن عمها؟    كأس العالم للاندية: فلومينيسي يُقصي انتر ميلانو ويعبر الى الدور ربع النهائي    فؤاد الحميري الشاعر الثائر    الحديدة: صرف 70 مليون ريال مساعدات للنازحين    شركة النفط والغاز تنظم فالية بذكرى الهجرة النبوية    فوائد الخضروات الورقية على صحة القلب    سقطرى اليمنية.. كنز بيئي فريد يواجه خطر التغير المناخي والسياحة الجائرة    7 وفيات بكحول مغشوشة في الاردن    فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مدينة فرانكفورت التقيت بالسيد يحيى الحوثي، وزير التربية والتعليم في حكومة انصار الله الحوثيين .. فماذا كان يحتوي اللقاء ؟!
نشر في عدن الغد يوم 16 - 02 - 2020

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( القطار .. رحلة إلى الغرب ) للرئيس علي ناصر محمد (الحلقة 23)
متابعة وترتيب / الخضر عبدالله :
طقوس القات
ويكمل لنا حديث ذكرياته قائلاً :" كان للقات قبل تحديث طقوسه طقوس الخاصة وكان البعض يحرص عليها حتى وان كانت غير صحية، كشرب الماء مع القات من ملعقة واحدة، أو تناوله في غرف مغلقة بدون تهوية، أو التدخين من أرجيلة أو مداعة واحدة، يتبادلون خرطومها الطويل من فم إلى فم.. بعد أن يمسح البعض فم القصبة أو "البربيج" بطرف أصابعه، وتسليمها إلى الجالس بجانبه.. وهكذا يسهل انتقال العدوى أو المرض من شخص إلى أخر بسبب هذه العادة الذي لا يدرك البعض أضرارها عليهم.. في صنعاء وبعض المناطق الشمالية، يطلقون على "المداعة" (قحبة المقيل) لأنها تنتقل من شخص إلى أخر!! ولكنهم لا يعلمون خطورة الأمراض الصدرية والرئوية التي تنقل إليهم بسبب هذه العادة بالذات.. وهو ما يشبه الأمراض التي تنتقل عن طريق الدعارة والموموسات كالزهري والسيفلس والايدز.. وكلها ناقلة سريعة للامراض.
يعيش 60% من اليمنيين تحت خط الفقر وبعضهم يشحتون على أبواب الحكام في صنعاء وعند كل إشارة مرور وبعضهم يأكل من براميل الزبالة من دون أن تتوفر لهم أدنى مقومات الحياة فلا طعام ولا صحة ولا تعليم .. وفي الوجه الآخر للعملة بعض السياسيين ومشايخ القبائل لايخجل من الشحاذة على أبواب ومجالس الحكام في الخليج مايعد اساءة كبيرة إلى اليمن وشعبه وتاريخه وإبائه. لقد أفسدهم حكام صنعاء وشجعوهم على هذا السلوك الذي تأباه القيم القبلية لكي يضعفهم ويذلهم بعد أن جرب ونجح في تقصير قاماتهم بنفسه عن طريق المال العام مال الشعب والرتب العسكرية والمناصب الوهمية والسلاح وتطبيق مبدأ فرق تسد. لكن ماتسمى بالحكومة الشرعية في الرياض برئاسة عبد ربه منصور هادي بين 2015 ونهاية 2018 اساءت لليمن شعبا وحكومة ورئيسا بل هي أسوأ من القيادة السابقة فهو مقيم في الرياض منذ بداية الحرب 2015 وأكدت الأمم المتحدة أنه بعد مضي ثلاثة أعوام من الحرب فان سلطة الحكومة الشرعية قد تآكلت لعدم سيطرة الرئيس هادي على الارض وسيطرة الحوثيين على صنعاء والمناطق الشمالية.
هذه المقارنة غير العادلة بين صحة الالمان والاوربيين، وصحة اليمنيين اضطرتني أن أخرج لبعض الوقت من سكة القطار إلى سكة القات والاحداث... وأبعدتني قليلاً عن الاستمتاع بمناظر وروعة الطبيعة من نافذة القطار المنطلق في سكته، والتي خطفت نظري منذ النظرة الأولى، لكن الوطن يظل في القلب حتى وإن بعد عنه المرء آلاف الكيلومترات... وسنين طويلة وعندما افكر بالوطن فأنا أضعه في حدقات عيوني وفؤادي لا أفرق بين شمال وجنوب، ويلح على قول شوقي في هذه اللحظة اكثر من اي شيء اخر : "وطني وان شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي".
هموم اليمن
ويستطرد في الحديث :" يقطع حبل أفكاري وأنطباعاتي التي كنت أكتبها عن اليمن وهمومها موظف أو مفتش القطار الذي فتح باب مقصورتنا واخذ يسأل الركاب عن تذاكرهم كان جم التهذيب ويتحدث إلى الركاب رجالاً ونساءًا بلطف وأدب.
بعد قليل يدخل راكب إلى المقصورة شاب في العشرين من عمره تقريبا، أشقر، طويل الشعر، يضع سماعتين على أذنيه، غير مهتم بما يجري، ويبدو أنه كان يستمع إلى موسيقي أو أغاني شبابية في تلك الأثناء، ولقد رسم على ذقنه وشما أسود.. وربط على معصمه قطعة جلد موشاة بحلقات صغيرة.. وفي المعصم الآخر قطعة قماش حمراء، والى جانبها رباط أسود ملفوف بحبات تشبه المسبحة.. على ذراعه أثر جرح قديم.. ويضع في أذنيه حلقتين صغيرتين، ويلبس جاكتاً رمادياً من النوع الذي يلبسه الرياضيون، تاركاً صدره مفتوحاً.. ويبدو من هيئته تلك أنه شاب أزعر أو بلطجي.. أوعلى الأقل من النوع المشاكس وقد يكون انطباعي عنه غير صحيح .
نصحت مرافقي الودود ماهر أن لا يشير الى الشاب أو ينظر إليه حتى لا يثير حفيظته من حيث لا يقصد.. فلو وجه له لكمة او ضربة فإنه لن يتحملها.. فهو شاب خلوق ومسالم، لا يجيد إلا استخدام "الكمبيوتر" وكتابه الرسائل، والحديث فى "الفيس بوك" مع أصدقائه من الشباب والفتيات.
أحمرّ خداه وهو الخجول بطبعه وحبه للعمل، وسمَّر عينيه على الأرض بدل النظر الى ذلك الشاب الذي كان يضع تحت شفته السفلى دبوساً فضياً.. المهم أن شيئاً يثير حفيظة الشاب لم يحدث، فمر الموقف بسلام. بينما قطارنا السريع يواصل رحلته عبر سلسلة هضاب وجبال وأنفاق وجسور فى الطريق الى فرانكفورت.. قبل أن يبلغ محطته الأخيرة في زيورخ.
ألقيت نظرة نحو اليسار فاذا بمزيد من الغابات والبحيرات، وهو ما كنا نراه طول الطريق منذ بدء رحلتنا بالقطار من هامبورج.. كانت بحيرات حقيقية لا مجرد سراب، كما حدث لنا ذات يوم في صحراء حضرموت، ونحن فى طريقنا إلى العبر، انا وصديقي الرئيس الأثيوبي السابق منجستو هيلامريام لحضور مناورة عسكرية خلال زيارته لليمن الديمقراطية عام 1979م، وهو القادم من بلد مخضر يفيض بخيره من المياه على دول مجرى النيل حيث خدعته الصحراء التي كنا نجتازها فى الطريق الى موقع المناورة، بواحدة من خداعها المعروفة التي يحسبها الظمآن ماء.. فتهيأ لصديقي منجستو انه شاهد بحيرات ومياه.. فسألني مدهوشاً:
كيف هذا ونحن في الصحراء؟!!
أجبته:
انه سراب يا سيدي الرئيس.. سراب !!
فليس في هذه الصحراء قطرة ماء واحدة ناهيك عن وجود بحيرات فيها.. ويتنقل سكانها البدو من مكان إلى مكان جرياً وراء الماء والعشب.. ويصارعون الطبيعة القاسية لكي يتمكنوا من البقاء مع حيواناتهم القليلة..
بدأ التأثر على الرئيس منجستو فقال: سأعطيكم أرضاً فى أثيوبيا تزرعونها... عندنا نحو 65 مليون كيلومتر قابله للزراعة، والمياه متوفرة بكثرة فيها..
وبالفعل أوفى بوعده، وأمر بإعطائنا 7000 هكتار من الأراضي الزراعية على بعد 200 كيلو من العاصمة أديس ابابا، وهي أراضي خصبة تحتوى على أنهار.. ونصت الاتفاقية بين البلدين على أن تكون 99% من الإنتاج لليمن الديمقراطية، وواحد فى المائة فقط لإثيوبيا، مقابل حق السيادة على الأرض، وليس الحصول على فائدة من زراعة الأرض.. وقد بدأنا زراعتها فور استلامنا لها، لكن استثمارها توقف بعد سنة 1986 م على إثر مغادرتي للسلطة في عدن كما علمت..
القطار يبدو كالثعبان.. وقد رأيت مقدمته من مقصورتي في المؤخرة أثناء انعطافاته والتواءاته في السلسلة الجبلية التي يمر بها..
محطة فرانكفورت
ويروي لنا أثناء وصوله إلى مدينة فرانكفورت قائلاً :" وعندما هدأ من سرعته... كان ذلك إشارة إلى أننا اقتربنا من محطة جديدة هي فرانكفورت... لينطلق القطار بعدها مارا عبر جبال مكسوة بالأخضر طوال السنة... تتخللها الأنهار والبحيرات النظيفة.. وتنتصب فى قلب الجبال البيوت والفيلات الجميلة فمن ذا الذي تتاح له فرصة السكن في مكان كهذا ويرفض...؟!
أنهار بلداننا التي تأتي من تركيا، ومن بحيرة تانا بالهضبة الإثيوبية وبحيرة فكتوريا ليست بهذا النقاء والنظافة، فهي تحمل ما تحمل من الطمي والطين، وأحياناً بعض الملوثات ما يجعلها دون هذه الأنهار والبحيرات بمراحل، لكنها سبب للحياة فى مصر والسودان وسوريا والعراق... أما فى اليمن فإننا نعتمد على مياه الأمطار الموسمية، وعلى مياه الآبار الارتوازية.. وأحيانا يلجأالحكام والمواطنون إلى صلاة الاستسقاء للتقرب إلى الله عله يكرمهم بماء من عنده.. والله على كل شيء قدير..
فجأة يسود الظلام وكأننا دخلنا المساء، لكن ذلك لم يكن إلا لدقائق قليلة فقط، خرج بعدها القطار من النفق الذي دخله والذي تم شقه بين هذه الجبال لاختصار المسافة.. بقوة الإنسان وبعلمه وإبداعه، ورغبته، وحبه للحياة المريحة، رَّوض الصخر، وتحدى الحجر، وطَّوع الزمن على معزوفة إرادته..
ها هو يخرج بنا من ذلك النفق الى قرية سويسرية جميلة.. يعتلي جسوراً معلقة، ترتفع إلى مستوى بيوت القرية، ويتوقف في إحدى محطاتها.. تصعد إليه ثلاث مسنات لم يكفن عن الكلام والثرثرة بصوت عال بالألمانية طوال ما تبقى من الرحلة كعادة العجائز في هذه السن... البحيرات تتوالى صغيرة وكبيرة.. وكنت أراها على يساري وقطارنا ينطلق إلى لوزان محطتنا الأَخيرة فيه، بينما سيواصل رحلته الى زيورخ كما علمت...
القاء مع يحيى الحوثي
ويفصل سيادة الرئيس ناصر كيف كان اللقاء مع السيد الحوثي فرانكفورت حيث يقول :" في هذه المدينة التقيت قبل سبع سنوات بالسيد يحيى الحوثي، أحد أبناء السيد بدر الدين الحوثي "رحمه الله" وشقيق عبد الملك وحسين الحوثي وزير التربية والتعليم في حكومة الامر الواقع في صنعاء المكونة من انصار الله الحوثيين وجزء من المؤتمر الشعبي الموالي لصالح
وصلنا الى "كارلس هوها" ومن ثم الى "بادن بادن" وهي منتجع صحي مشهور يزوره الأَثرياء والمرضى، وفيه مركز لإعادة تأهيل الجسم وإعادة الحياة الى ما عطب منه ويرتاده بعض العرب كما أخبرتنا السيده لبنى.. حرم وزير خارجية لبنان السابق جان عبيد.. ومنهم غازي باعشن، وحميد الأحمر، والثري المصري أنسي سوارس.. وتقع على مسافة ساعة من "بازل" أما "فراي يورج" فمدينة جميلة جداً وسكانها خليط من الجنسيات.. وبوسعك أن ترى فيها كل ألوان العيون: السوداء، الخضراء، الزرقاء، والشعر الأشقر والأسود كما كان يحدثنا عنها أحد الركاب..
ها نحن نقترب من مدينة "بازل" ربع ساعة فقط ونصل الى وجهتنا.. الغيوم.. وعلى جانب الطريق أشجار الكروم المزروعة فوق المدرجات تبحر فى المدى.. تملأني الحسرة على مدرجات اليمن التي كانت ذات يوم مزروعة بأشجار البن، والعنب وغيرها من المحاصيل الزراعية، وغدت اليوم (محتلة) من أشجار القات الذي يفترس كل شيء فيها... الإنسان والنبات!! ولعمري أنها سياسة ممنهجة اتبعها النظام في صنعاء لإلهاء الناس وانخراطهم في الأزمات المتلاحقة والتدهور الأخلاقي والقيمي والفساد، فقد كان مقيل القات في السابق نخبوي وأشبه بمنتدى للعلماء والمثقفين والشعراء في الأعم الأغلب قبل ان يصبح شعبويا يرتاده حتى الاطفال الذين لايكتفون بتعاطي القات بل يدخنون السجائر.
ويستدرك بالقول :" حضرني وأنا أمر بهذه الطبيعة الرائعة أبيات للشاعر الأمير أحمد فضل القمندان الذي يتحدث فيها عن سويسرا.. فقد كانت ثقافته العربية كبيرة جداً, وقد زار كثيراً من البلدان العربية والآسيوية.. لكنه كان يتهكم على سوء الأحوال في بلاده وقارنها بالأحوال في سويسرا.. فقد سأل أخاه العائد من سويسرا:
كيف أوروبا؟ وما شاهدتموه اسويسر لند وحش كاليمن؟!!
أجياعٌ أَعراةٌ أهلها في شقا جهل وبؤس ومحن؟!!
والقمندان شاعر مبدع أشتهر في العديد من الأغاني في ديوانه الشهير "المصدر المفيد في غناء لحج الجديد"، بالتغني بالطبيعة الجميلة والخلابة في لحج، وهو العارف بأسرار الأرض ومواسم الزرع والحصد.. وكان القمندان قد حَّول بستان الحسيني في شمال الحوطة في لحج الى جنة خاصة به زرع فيها كل أنواع الفواكه التي جلبها من أَسفاره الكثيرة وكان يتغزل بجمال حديقته وبفواكهها وبفلها وكاذيها وياسمينها.. ويقول:
يا ورد يا فل يا كاذي ويا ورد نرجس بس الجفا يا كحيل الطرف بس الجفا بس
حس الهوى لوّع الخاطر وحرق ومسمس ساعة من الزين لوجادت مزونة شفاني
وقد ابدع في ادائها المطرب فيصل علوي في لحن مليء بالحيوية.
وبهذا الصدد قال لي السفير علي محسن أحمد أن المرحوم السفير محسن الحنيفي أخبره بأنه كان يرافق وفودا اجنبية تزور صنعاء في الاشهر الاولى لثورة 26 سبتمبر1962 وكان يذهب بها الى وادي ضهر المشهور بخضرته وفواكهه التي تحولت مساحته في معظمها لزراعة القات ويقول لها منتشيا وفرحا (ولا في سويسرا) يعني أنها لم تجد مثل جماله وخضرته في سويسرا وبعد فترة عين في قنصلية الجمهورية العربية اليمنية في برلين الشرقية لجمهورية المانيا الديمقراطية وزار سويسرا وتذكر ماكان يقوله للوفود وأنه لايمكن مقارنة وادي ضهر بالجمال الشامل والمتنوع في سويسرا وألقى بعتابه على الجهل والعزلة التي عاشها اليمن واليمنييون من قبل الثورة وبعضها لم يغرب بعدها قيل عكس ذلك.
الساعة السابعة مساء يصل قطارنا السريع الي بازل (1) من محطة القطار نتوجه مباشرة الي فندق "Hotel فندق قديم يقع بالقرب من محطة القطارات والباصات وفندق هيلتون... والفندق من فئة الأربع نجوم، لكن مستوى نظافته وخدماته أفضل من فنادق خمس نجوم في كونبهاجن.. وقد أخبرني لؤي صالح مرافقي بالرحلة بأن موظفة الاستقبال اللطيفة أعطتنا بطاقات مجانية لركوب باصات المدينة طوال 48 ساعة.. وقد زرنا معظم معالمها التاريخية، والتقطنا لها الصور التذكارية.
--------------------------------------
هوامش /
1- مدينة بال: بزلة أو بازل بالفرنسية تسمى بال، والإيطالية بازيليا، هي ثالث أكبر مدينة في سويسرا بعد زيورخ وجنيف،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.