حينما نوجه التساؤلات والنقد للإنتقالي الجنوبي بصفته الممثل السياسي للقضية الجنوبية وحامل هموم وتطلعات الشعب، فهذا لا يعني أننا ضده، ولا يحق لأي شخص كان أن يخرجنا من دائرة الوطنية كخونة وعملاء أو ما شابه ذلك من التهم المعلبة التي كانت سببا رئيسيا في تقافز البعض من على سفينته، كما أن سياسة التخوين التي يلجأ إليها بعض المنتفعين من الإنتقالي ليست سببا كافيا لأن نكفر بالجنوب والقضية ونرتمي إلى أحضان الطرف الآخر، فالقضية أكبر بكثير من الأشخاص والمكونات المختلفة.
وقد اثبت الشعب في الجنوب تلك الحقيقة بشكل عملي خلال ثلاثة عقود من النضال بشقيه السلمي والعسكري، ولنا أن ننظر إلى كل القيادات التي رفع الشعب صورها وآمن بها، ورتلها كصلاة حينما كانت الأقرب إلى همومه وتطلعاته، وكيف اسقطها من ذاكرته الجمعية، حينما ابتعدت عن أهداف ثورته وتقاربت مع اعدائه وجميعنا يعرف تلك القيادات التي أصبحت في نظر الشعب في خبر كان.
ذلك الفراغ القيادي ملأه المجلس الانتقالي بقيادةٍ البعض منها حديث عهد في النضال، والبعض الآخر كان بعيدا عن ساحات وميادين الثورة السلمية، وأصبحوا جميعا في غضون ثلاث سنوات أبطالا شعبيين، ويحظون بحب وتقدير كبيرين بين أوساط الجنوبيين، لا لشيء أكثر من انهم تقدموا الصفوف في معركة الكرامة، ساعدهم في ذلك مناخ عربي واقليمي ودولي.
ومع أن الإنتقالي تأخر عامين عقب التحرير إلا أن الشعب لم يصدق قط فرضية أن الإنتقالي أطل على الشعب من نافذة الإنتقام لصالح شخوص فقدوا مصالحهم في السلطة والحكم، وخرجوا كالسيول الجارفة تأييدا له دون أن يسمحوا لأنفسهم بمجرد التفكير عن احتمالية صواب ما يشاع، قدموا وقدموا وقدموا كل شيء وحاربوا فرادى وجماعات، قاتلوا مصالحهم الشخصية، بمقتطفات من خطب القيادة الرنانة تحملوا ضنك العيش واسقطوا كل متطلبات حياتهم من ماء وكهرباء وبنزين وغاز وعلاج وارغفة يابسة، ورفعوا صور القيادة، غنوا لهم وعزفوهم أنغام حرية وانعتاق من الظلم والجبروت، آمنوا بهم وصدقوهم كأنبياء، لكن في المقابل يتساءل الكثيرون بصيغة التعجب ماذا قدمتم لهذا الشعب العظيم أكثر من تغريدات وهشتاجات وخطب!
علما أن 99٪ ممن آمنوا بالإنتقالي وتشيعوا له وبايعوا قادته على السمع والطاعة، وقاتلوا تحت لوائه وساروا بجانبه حفاة عراة، وضحوا بكل غال ونفيس لم يكونوا مؤطرين ضمن دوائره أو هيئاته، ولم يستلموا قط فلسا واحدا نظير مواقفهم تلك، لأنهم وبأختصار كانوا وما يزالون ينتمون لقضية ويبحثون عن وطن، وكانوا وما يزالون ايضا يرون في الانتقالي ضالتهم السياسية كممثل لشعب جاع وتشرد وتعذب ونُكّل وناضل لثلاثة عقود مضت.
1٪ من جماهير الانتقالي وجلهم من المنتفعين وأصحاب المصالح هم أكثر من أساء للانتقالي وعزل قياداته عن الناس واستغلوه ابشع استغلال في تحقيق مصالحهم الشخصية وترتيب أوضاع أهلهم وذويهم، ليس ذلك فحسب بل أنهم علبوا الكثير من الوطنيبن وقدموهم للقيادة كخونة وعملاء.
قولوا لنا بصدق ما هو وضعكم خارج البلاد وكيف تتابعون الأحداث الدامية في عدن وماذا اعددتم للحشود العسكرية الاخوانية في شقرة وما هو موقف اشقاءنا في التحالف منها، وكيف ستواجهون التزاماتكم تجاه أم فقدت ثلاثة من أبنائها في معارك التحرير وجريح بلا علاج واطفال شهيد بلا مأوئ واسير يتعرض لابشع صنوف التعذيب ومقاتلين في الجبهات بلا عدة وعتاد وراتب ومدن بلا خدمات وشعب اصبحتم نقطة ضعفه؟
صارحونا عن حقيقة ما يدور وما يحضر للجنوب والقضية ولا تعزلوا الشعب عنكم وتتركوه كغريق في بحار الحيرة، واحذروا الرهان كثيرا على حب الناس لكم، ولكم في من سبقوكم آية.