إن تفض بكارة صفحة بيضاء بحرف يستقيم مع حقيقة الأوضاع في اليمن عامة وعدن خاصة أمر في غاية الصعوبة والتعقيد ..تعقيد تداخلت فيها المصالح الشخصية مع فوبيا إرهاب فكري صادر عذرية الكلمة وشرف الحرف بجملة تهم تطبخها غرف الحاكم الجاهل والسياسي اللئيم والثورجي القافز على الدماء والقيم . الكثيرون آثروا الصمت على الكلام في زمن يصدق فيه الكاذب ويكذب الصادق، يخون فيه الوفي ويؤتمن الخائن، يحكم فيه الجاهل ويهمش المتعلم، والجميع اليوم ادعياء نضال وتضحية وشرف ووطنية في حين ان القليل والقليل جدا من ما يزال ثابتا على مواقفه محافظا على اهدافه وسلامة مبادئه ..القليل من ما يزال اليوم يتذكر الشهداء والجرحى ومن يقبعون في أقبية السجون والمعتقلات ومع تلك الصور يتذكر الشعارات التي رفعت والأهداف التي رسمت والقضية التي يراد لنا أن ننساها، والكثيرون انصرفوا الى ترتيب أوضاعهم وتأمين مستقبل أهلهم وذويهم دون ادنى خجل أو مسؤولية ..أين كنا وأين اصبحنا وأين يراد ان نكون ؟ نتساءل وشعبنا في الجنوب يتجهز للإحتشاد والاحتفال بذكرى أكتوبر العظيم في العاصمة عدن ..أي بعد ثلاثة وخمسين عاما على ثورة ال 14 من اكتوبر 1963م وبعد 26 عاما على الوحدة السلمية -التي لم يكتب لها العيش الا لاربعة أعوام- وبعد 22 عاما على احتلالنا من قبل الشمال وبعد عامين على التحرر من مليشيات الحوثي والمحروق صالح .. يراد لنا اليوم ان ننسى كل ذلك ونمضي في ركب الشرعية ونصغى لكل ما تقول، ولا تقول إلا كلما ينسف تضحيات شعبنا ويعيدنا الى حضيرة الوحدة المستباحة فكيف لنا أن ننجوا بأحلامنا واهدافنا وقضيتنا من سموم المصالح والاطماع والعصبيات والمناطقية ونعود كما كنا صفا واحدا وهدفا واحدا ومصيرا واحدا وقضية واحدة ومركزية ؟ أي نعم تحررت الأرض غير أن الفكر ما يزال متحجر وعقيم مع نشوء نتوءات مناطقية مسرطنة للفكر والعقيدة وإلا ما معنى أن تمر عامان على سيطرة مقاومتنا البطلة على كامل الأرض ونعجز عن توفير خبز وماء ونور وما نزال نستجدي الجوار طعاما ومواقف، والكارثة أن من سيتحدث عن احتياجات الناس البسيطة ومعاناتهم الكبيرة عميل وخائن من وجهة نظر جنوبية ومن سيتحدث عن الجنوب كدولة وشعب انفصالي ومرتد من وجهة نظر شمالية ول(داعش) رصاص بلا صوت يصفي خيرة الرجال في وضح النهار. اذن هكذا اصبحنا مشتتين على أرض لم يعد فيها سوانا مهمشين ومضطهدين ومنكوبين من قبل بعضنا البعض وليس لقضيتنا صوت وإلا ما معنى أن نكون الحلقة الاضعف في سلسلة المبادرات الدولية الساعية الى أنهاء الصراع في اليمن ونحن من حفظنا ماء الوجه للشرعية وعشر دول عربية وصنعنا لهم نصرا مؤزرا على فارس .. بتقديري الشخصي كل ذلك نتاج تصدع صفنا وغياب القيادة الحكيمة وعدم ادراكنا بمكامن قوتنا وكبر وأهمية ما حقنناه . الاحتفال بذكرى اكتوبر تعني الوفاء لشهداء ثورة اكتوبر والتمسك بأهدافها العظيمة والتأكيد على اننا دولة محتلة وشعب ما يزال يبحث عن حقه في العيش بحرية وكرامة واستقلال ودون وصاية فهل نستطيع هذه المرة أن نوصل رسالتنا للعالم على هذا النحو، وقبل ذلك ينبغي أن نعيد لحمتنا الجنوبية ونسموا عن المصالح الشخصية والاختلافات الصغيرة وسفاسف الامور لما فيه مصلحة الشعب ومستقبل القضية ..علينا أن لا ننسى في هذه المناسبة العظيمة شهداء أكتوبر ونوفمبر وصيف 94 والحرك والمقاومة .