ابسط حلم راود كل جنوبي بسيط هو كيان جامع , يجمع شتات الجنوب , ويوحد كلمتهم , ليبني جسور للثقة بين الاطياف والاعراق والافكار والعقائد , وينظم نضالهم السياسي والجماهيري , بحيث لا ضرر ولا اضرار , على اسس وثوابت الحرية والاستقلال والسيادة والارادة الجنوبية , ليكن الجنوب مصدر خير لليمن ومحيطه العربي , لا بؤرة قلق وصراع . واليوم الناس تسأل اين هذا الكيان الجامع ؟ وهي لا ترى غير انقسامات وانقسامات حادة في الوسط الجنوبي , وكنا قد حذرنا كثيرا من استمرار هذه الانقسام , تحذيرات في وسط سياسي اصم وصلف , يقذف أصحابها بتهم كيديه , وقوالب من التهم مهما اختلفت المعاني والعبارات , تعيدنا للماضي بكل ماسيه وبؤسه وعنجهية العقلية والخطاب , تتكرر ويتكرر ماسي الجنوب , حتى صار مجرد الحديث عن الانقسام تهمة ومؤامرة , يحطم كل الجهود والمساعي لوحدة الصف الجنوبي , ومعالجة الواقع السياسي للجنوب , ليحتكم فيه الجميع لصوت العقل والمنطق , لا للسلاح والعنف كوسيلة لفرض امر واقع على الجميع .
الحقيقة المرة التي يجب ان نعترف بها , ونضع المعالجات على اسسها , ان الجنوب اليوم منقسم على ذاته , بل تحول هذا الانقسام الى انفصال جنوبي جنوبي , يتمترس الجنوبي في جبهات لمواجهة طرف جنوبي لا يقبل به ولا يتقبله , وللأسف ان خلف هذه الجبهات دعم اقليمي واطرف غير جنوبية , تدفع نحو مزيدا من الانقسام , وتجد عقلية بخطاب يتقبل هذا الانقسام , بل ويزيد من حجمه والشروخ الاجتماعية والسياسية التي يحدثها .
اليوم الانسان اليمني البسيط في ظل هذه المعمعة من الانقسامات الحادة , يبحث عن احلامه وسط ركام من بقايا وطن , والجنوب جزءا من هذا الركام , ما لم يكن اكثر ضررا , اكثرا ضررا لان الرفاق الذين وحدتهم ساحات النضال ضد منظومة سياسية طاغية وباغية , اختطفت منهم انجازاتهم ومشروعهم الوطني والوحدوي , انقسموا بانقسامها , ولم تعد تلك المنظومة هدفهم , بل انجروا لتخريب البنية السياسية للهامش الديمقراطي , ومؤسسات الدولة , فانحرف النضال لمسار سلبي مدمر لتلك البنية ,مدمر لوحدة وسلامة الصف الوطني والجنوبي .
يتسأل الكثير منا هل هذا هو الجنوب الذي نريد ؟! ويصطدم بالإجابة( لا) ليس هذا الجنوب الذي نطمح ونتطلع له , وكيف يتطلع الناس لجنوب مفكك , فاقد للعدالة , سقطت فيه القيم والاخلاقيات , ساحة للانتهاكات والاغتيالات والكراهية والعنصرية , وفتاوى التكفير والتخوين , ساحة من النفاق في محاربة الارهاب والفساد , بأكثر ارهابا وفسادا , واقع بائس اوصل البعض للكفر به ومواجهته بمقدار العنف الناتج .
العقل يتسأل دائما للوصول للحقيقة ومعالجتها , وما نحتاجه اليوم هو ان نترك المناكفات والاشاعات وحملات التحريض ولغة التهديد والوعيد , والتلويح بالعنف والسلاح , لنسأل انفسنا لماذا نتقاتل في الجبهات ؟, وما هي اسباب الانقسامات والاحتجاجات ؟, وكيف نعيد الكل لصف القضية ؟, ونعيد للقضية عدالتها ؟, لنحفظ وحدة الصف وهدف النضال , اسئلة اجاباتها بمنطق وعقل ستنزع فتيل الفتن , وتوقف دائرة العنف التي تزيد من حجم التراكمات والثارات والانتقامات , وتعيق ترسيخ دولة محترمة , تحترم الحق والحقوق , دولة عادلة تقدم وطن يستوعب الجميع بكل اطيافهم واعراقهم وافكارهم , وطن خالي من التهم والتخوين والتكفير , وطن حر ذات سيادة وارادة , وطن الانعتاق من العبودية والاستبداد السياسي والديني والعقائدي , وطن ديمقراطي , فيه يتداول ابنائه السلطة بصندوق انتخاب , وتوزيع عادل للثروة , وطن ومواطن شريف يرفض التدخلات الخارجية , ويحفظ للوطن سيادته واستقلاله , ويحطم اصنام الايدلوجيا والمناطقية, والله الموفق .