"احنا نزلنه نسعفه، مله خيطوا له " هذه صرخة أبٍ مكلوم، يرى دِماء طفله تتدفق من جمجمته على مرأى ومسمع من يسمون أنفسهم أطباء.. سقط هذا الطفل من سطح منزله، فتم إسعافه من قِبل والده إلى مستشفى الشهيد عبدالجليل نصر بشرعب الرونة. وَصل الأب إلى المستشفى حاملٍ طفلهِ المُصاب، ويصرخ بأعلى صوته باحثًا عن طبيب يُضمد جِراح طفله ويُوقف نزيف رأسه، ظل ما يزيد عن ساعةٍ ونصف ينزف الطفل بغزارة ويصرخ الأب بحرقة ومرارة.. وما كان دور المُوظفون في المستشفى إلا إخبار الأب بأن طفله بحالة حرِجة وأن ساعاته المُتبقية قليلة، وأن كل شيء بقدر.. لكم أن تتخيلوا أن مستشفى مُتكامل من أجهزة وغُرف طوارئ جاهزة لإستقبال أية حالة طارئة، لا يستطيع إجراء الإسعافات الأولية لطفلٍ ينزف، كان بالإمكان أن ينقذوا حياته، أن يُوقفوا نزيف دمه، ثم يطلبون من والده إسعافهُ إلى مستشفى آخر، لا أن يظلوا يشاهدونه ينزف دون فعل أي شيء له.. بالفيديو أدناه يصرخ الأب "مله احنا نزلنه نسعفه " بعد رؤية الجميع يسمعون غرغرة طفله ولا يُحركون ساكنًا، لم ترأف قلوبهم لأنين الطفل ولا لصرخات الأب.. يا الله ما هذه القساوة والتخاذل والتهاون يا عديمي الإنسانية والرحمة.. وإن افترضنا أن الطفل فارق الحياة، ففعلوا شيء لأجل والده الذي ينوح أمامك بحرقة يتحرك لها كل من في قلبه ذرة إنسانية ورحمة.. نحن نعلم علم اليقين أن بعض الأماكن يجب أن يدخلها الناس بنية مؤمنة وصادقة وبأملٍ كبير، وأن بعض الناس يمنحوننا الأمل، لأن بإمكانهم فعل شيء لأجلنا.. ولك أن تتخيل عزيزي الإنسان موقف هذا الأب وهو يرى طفله يموت أمامه بقلبٍ بارد ولا أحد يُحرك ساكنًا.! نحن نتصور أن في غرف الطوارئ والعلميات في المستشفيات لا توجد كلمة اسمها إهمال، وأيضًا في إدارة الصحة العامة للناس لا يوجد موقع لأي تخاذل، ولا توجد فرصة لأي خطأ، فأرواح الناس ليست لعبة في أيدي مسؤولي الصحة ليهملوها، كما أنها ليست لعبة في أيدي الأطباء.. والذي يهمل ويتخاذل لا يجب أن يمر دون حساب وعقاب، نعم إننا نؤمن أن الأعمار بيد الله، ولكن لكل شيء أسباب ومُسببات، فالله اعطى بعض الناس مِهن الطب، فلم يحافظوا عليها وبات الإهمال عقيدتهم، وعدم الإكتراث أسلوبهم.. رغم أننا نصبر على الجشع الذي يعاملون به المرضى إلا أننا لن نصبر على الإهمال والتهاون أبدًا.. السؤال هو: أين شرف المهنة وقسمها؟ أين أمانة المسؤولية الوطنية عن صحة وأحوال الناس؟ ملاحظة/الذين احتفلوا قبل أشهر قليلة بمنح وزراة الصحة سيارة إسعاف للمشفى، هم أنفسهم الذين لم يحركوها لأنقاذ حياة هذا الطفل الذي ظل والده يترجاهم أن يفعلوا الشيء اليسير لأبنه..