ليست المشكلة أن تتناجى الأرواح وتتخاطب الأفكار ، ثمة شعور ينتاب المرء بين الفينة والأخرى بالانسحاب التدريجي؛ للانكفاء على الذات ليس عجزا ولا يأسا ، بل رفضا لهذا الفناء الصاخب بالفوضى باللامعقول بالرتابة بالنفاق ، باستعراض ممجوج للحذلقة والابتزاز الفكري والوجداني بالتذاكي بالبلادة بالقرب حينا بالبعد حينا آخر ؛ بغية إثبات الذات ، ثمة شعور بالفشل في التعامل مع الآخر، يمنحه استعلاء مؤقتا، نستمد منه قوة الإرادة ؛ لتدريب الذات على تجاوز مشاهد تمثيل سمجة منحناهم إياها فاعتقدوا- خاطئين - أنا لا نعي شيئا. نحتاجهم، نشعر بضيق يخنقنا، تهمس جوانحنا بعمق ؛ خشية أن تعلو أصواتنا ، فيجرحنا صدودهم ، نصمت لكن أشياء كثيرة لا يعالجها الكلام ، لا نعلم هل ستكن واقعا أم ستظل دائما ذكرى؟ وجوه الناس كأنها وجه واحد، يشعرنا من بعيد بالدفء بمجرد الاقتراب منه نكتوي بحرارة صيفه ، ونتجمد من برودة شتائه . خطؤنا أنا أحسنا بكم الظن، أعطيناكم مساحة لجوء في جغرافية قلوبنا المثخنة بجراح التزلف والمكر والخديعة ، بيد أن أوانينا ستستمر تنضح إشراقا وألفة ونقاء ، في تربة قلوبنا المسكونة بصفاء الأفكار وسمو المشاعر ونبل الوجدان ، لو أشعلتم قنديل يأس سنشعل ملايين من قناديل الأمل ، لو أطفأتم قنديل أمل سنطفئ ملايين من قناديل اليأس لسنا أنتم ولستم نحن فكل إناء بما فيه ينضح !