مضى عام 2020 ولا شك أنه يستحق لقب عام كرونا وبامتياز، فذلك الفيروس المستجد، والذي توالت أحداث كابوس انتشاره المرعب وتربعت الأخبار الصادمة لآخر أحصائيات ضحاياه من بداية عام 2020 وإلى نهايته، على جميع الوسائل الإعلامية، وربما غطت على بعض كوارث الحروب وويلاتها في عالمنا العربي، رغم أن خطر هذا الكائن المجهري البسيط الذي لم تتمكن أحدث أجهزة الوزن الالكترونية الدقيقة جدا من تحديد وزنه، كما لا توجد في نظام القياسات والمعايير وحدة وزن على ضآلته، فيبدو أنه لم يدخل في حسابات الجاذبية الأرضية، وايضا لا يمكن للعين المجردة أن تراه، إنه ألاكثر خفة وخفاء بين جميع الكائنات الحية في الوجود، ومع كل ذلك استطاع أن يحدث زلزالا هز أركان المعمورة، وتمكن من بث الرعب في نفوس الشعوب من أقسى الشرق إلى أقسى الغرب، وقد تفاوتت شراسته حيث اشتدت في اوروبا الغربية وامريكا، فربما وجد في ذلك الجزء الذي كان يطلق عليه بالعالم الحر مزيدا من الحرية فزاد عبثه هناك!، ومع ذلك فقد اجتاح هذا الفيروس جميع الجهات في العالم، وهاجم شعوب بلدان مختلفة، وتدرج مستوى انتشار خطره بينها، وقُيد بصورة شبه كاملة في بعض البلدان، ومنها بلادنا، فكانت تلك رحمة من رب العالمين. حقا كان 2020 عام فريد بصدمته الشعوب بجائحة كورونا، ففي شهر يناير تفاجأ العالم بخبر انبثاق فيروس قاتل أثار الرعب في مدينة ووهان الصينية، واتسعت رقعة انتشاره بسرعة فائقة، فهاجم بشراسة رئات الملايين من ضحاياه في العالم وعلى مدار العام، فتجاوز عدد الموتى مليون وسبعمئة وخمسين الف، كما كسر أسلوب حياة الناس الاعتيادي، وفرض عليهم نمط حياة مخالف للمألوف، لم يسبق له مثيل، فقيد حركتهم ومنع تنقلهم وسفرهم بحرية تامة، كما حدث في دول عديدة أن حجزهم في منازلهم فخلت الشوارع والمقاهي والاسواق والملاعب من روادها والمدارس والكليات من طلابها، وتوقف الملايين عن اعمالهم واجبر عامة الناس على التزام التباعد الاجتماعي واقتناء كمامات، وسادت مفاهيم جديدة، حيث صار الانزواء واجب والترحيب بالمصافحة خطأ، كما ظهر على نشرات الأخبار، روساء دول وحكومات يرتدون أقنعة مختلفة الأشكال والألوان، وقد تغير بروتكول تعاملهم، فتراهم يتجنبون المصافحة المعتادة مع أقرانهم وضيوفهم، ليس هذا وحسب بل أنهم ابتكروا حركات وتلميحات جديدة توحي بالتكلّف للتعبير عن لحظة سعادة اللقاء، مع حفظ التباعد الاجتماعي اللازم، فكانت تلك المشاهد عجيبة وجديدة على المخيلة تبعث شعور في نفس من يشهدها لأول وهلة بأن ما يجري ليس على كوكب الأرض وإنما على كوكبٍ آخر. وتُختم الأيام الأخيرة من عام كورونا بحدثين مثيرا للجدل، الحدث الأول هو تدشين حملات التطعيم في بعض دول العالم بلقاح كورونا أو كوفيد 19، وقد أثار جدلا هذا اللقاح حول سلامته ودقة فعاليته، لذا قدّر ان من غير الحكمة إعطاء الشعوب اللقاح دون تطعيم القيادات الكبيرة، فظهر زعماء على الشاشات وهم يتلقون حقنات اللقاح وآخرهم كان في المملكة العربية السعودية حين ظهر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وهو يُحقن بلقاح كوفيد 19، أما الحدث الثاني فهو ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في بريطانيا بعد تحورها، وهي أسرع انتشارا وأكثر خطورة، فهل سيكون العام الجديد عام الانعتاق من كورونا بفضل إعطاء اللقاح الحامي من شر انتشاره؟، أم سيكون عام مجابهة الشر المستطير من السلالة الجديدة من كورونا ؟.