لم تطل فرحتنا بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة حتى فوجئنا بالهجوم الإرهابي الجبان والغادر على مطار عدن الدولي أبان وصول افراد الحكومة الى العاصمة المؤقتة عدن. تبادلت مجددا المكونات السياسية في اليمن الاتهامات كما يفعلون كل مرة ولكن تشير معظم الدلائل على تورط الحوثيين بالهجوم. نحن اليوم كيمنيين نعيش لحظة مصيرية في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية على جرف الهاوية وهنا تكمن أهمية وجود سلطة تنفيذية على أرض الواقع مهما كانت خلافاتنا السياسية مع مكونات هذه السلطة. إن الهجوم على عدن هو هجوم على سيادة الدولة وهجوم على محاولات استعادة الوطن.
الهجوم الإرهابي أظهر خللين في اليمن لا يزالان من غير حل، الأول هو عدم وجود ثبات موقف وطني واحد فالعديد من نشطاء الإنترنت بادروا بتوجيه الاتهامات: هذا إخواني وهذا سلفي وهذا وذاك. الأحرى اليمنيون أن يستبشروا خيرا بتشكيل الحكومة وقرار مجيئها لمباشرة عملها من اليمن. رغم انتقاداتنا الاعتيادية للحكومة فهي بمجيئها الى عدن أظهرت رغبتها في حل القضايا العالقة وتوسيع شرعيتها القانونية عن طريق مزاولتها لعملها داخل التراب الوطني. الحكومة اليمنية الحالية تجمع بين مختلف الأطراف السياسية وهي بذلك تستدعي الدعم الوطني وما الهجوم على عدن غير امتحان لإرادة الشعب اليمني ورغبته في تحسين الأوضاع المعيشية بعيدا عن خطوط الصدع السياسية.
الخلل الأخر هو خلل أمني. مطار عدن من أشد المواقع حراسة في عدن ومع ذلك لم تعمل أي انظمة دفاع ضد المسيرات. لقد أثبتت مختلف الجهات السياسية في الشرق الأوسط قدرتها على الحصول وتشغيل المسيرات وبناء على ذلك أنظمة الترصد والدفاع الجوي كانت ستلعب دورا في التصدي للهجوم على مطار عدن. لم تكشف ملابسات الهجوم بعد ولكن درس ناجورنو كاراباخ يتكرر في اليمن الا وهو أن لا أمن بغير الائتمان من الهجمات الجوية ولا أمن لأحد طالما لم تكن وسائل دفاعه في متناول يده. يجب أن تتخذ الأجهزة الأمنية للحكومة اليمنية التفوق الدفاعي الجوي كهدف رئيسي لها في المرحلة القادمة إذا ما أرادت تفادي الهجمات المستقبلية.
الأيام القادمة ستكون مصيرية لعدنواليمن بأكمله. الحكومة يجب أن تتوافر لها مقومات العمل التنفيذي وأول هذه المقومات هو احترام السيادة الوطنية ودعم شرعية الحكومة المطلقة. يجب على المواطنين استيعاب مدى أهمية عمل الحكومة اليمنية الجديدة الدور التي تستطيع أن تلعبه هذه القيادة في تحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي الذي يتوق اليه جميع اليمنيون على خلاف اتجاهاتهم السياسية والاجتماعية. مصلحة اليمن اليوم ليست في اختيار القائد الأمثل بل العبور الى يمن أفضل.
وأخيرا وليس آخرا تعازينا الى أهالي الشهداء وصبرا لضحايا الإرهاب والعنف.