بعد استشهاد الزعيم كنا في دوامة من الحزن ومن الخسارة وللحقيقة وكإعتراف لم نكن نأبه لما حدث لطارق سواء إستشهد مع عمه أو لا فطارق كان في الظل طيلة حكم عمه ونحن خسرنا صالح لا تحدثني أنذاك عن خسارة أي أحد سواه وطفقنا كالسكارى لوقت طويل بل كمن طبقت عليهم الطباق العاليات وسقطنا الى الأرضين السافلات وكل ردودنا : لقد خسرنا صالح مرت الأيام حمراء بلون الدم مضت الليالي مالحة كأعين الشياطين وفقدنا الأمل فأنا أعترف لقد فقدته وقلت في نفسي: بعد صالح لا أمل ، ولا مؤتمر، أو جمهورية كنت أفضل الصمت وأقطع أحاديث الرفاق الذين معي في كل جلسة وألا ينكأون صالح الذي في قلبي ويعتمون أيامي بذكرياته وكنت كلما أشتد بي الحزن والحنين أكتب وأكتب وأكتب في الفيس بوك رغم التحذيرات ورغم الإنذارات ومن وسط الجماعة فبعد صالح ليذهب العالم الى الجحيم وأنا منهم،لنذهب لون البلاد تغير شكل الجبال تغير ، وروح الناس تغيرت ، فالكاره يخبرني أنه بكى على صالح ، قلت له: تبا لك كيف تنال منه كل الوقت وعندما مات بكيت عليه ؟ قال لي : صالح أبونا ، مهما قلنا ومهما قالوا صالح الشيء الذي لا يمكننا نسيانه،فأنا أبكي لأننا أولاً فقدنا الخصم الشريف وأبكي لأنني شعرت أن شيء نقص بالبلاد كما تشعر بفقدان والدك قال لي ثمة كهل : المؤتمر الآن غنم بلا راعي وقال لي خطيب إصلاحي : صلينا عليه صلاة الغائب ، وقالت أمي بدموعها : الله يرحمه وأنقطعت صلتي بالعالم والناس والكتابة لجأت الى الأدب فلا شيء يستحق الكتابة وتبجيد الكلمات عنه وقرأت ودرت حول عالمنا القديم والجديد والفانتازي وكل أشكاله تاركاً خلفي دنيا الجدالات فأنا معركتي قد إنتهت لم أعلم أن للقدر هبة جميلة ظهر العميد طارق في شبوة وسرتني رؤيته ولكنني لم أطمح منه بشيء بقدر طموحي له بالنجاة فالعائلة _ عائلة صالح _ قدمت كل شيء في سبيل البلاد وآن لها أن تستريح وآن لهم أن يفعلوها ولم أفكر بما ينويه البتة ظننته مثلنا الذين فقدنا صالح وسقطت ركب أقدامنا من الخسارة وطوتنا دنيا السكوت فما بالكم به وهو الذي فقد عمه وأبيه وروحه وكذلك كانت سحنته المنهكة في شبوة تشي بحجم المعاناة وحجم الخسارة وقالت لي تجاعيده : هذا الرجل سوف يستريح مرت الأيام ، والأسابيع قرأت خبرا في الشرق الأوسط أن طارق صالح،قائد ديسمبر ، في بئر أحمد وحوله ما يقارب خمسة عشر ألفا من الجنود وينوي استئناف ديسمبر من حيث وقفت ، وأذهلني الخبر كل الذهول وسرت في حواسي إيمانية مفرطة وعادت لروحي الروح وقلت : حان الحين ، ولما بدأ الطارق مع حراسه الذهاب والمعركة في الساحل أقسم أنني بكيت ولما شاهدت كلمته الأولى أمام جنده ولما سمعت ( يالنجم يالطارق ) تشكل صالح في روحي بوجه طارق وعادت لي معاني الفداء ومن تلك اللحظة كان طارق هو قائدي ، يكفي أنه نفخ في حواسي الحياة وأعاد لي معنى الجمهورية وطفقت أعسجد الحراس من البعيد كلمة كلمة ودون أدنى تواصل كنت أرافقهم رصاصة رصاصة والجميل في الأمر والمجيد أنني وجدته أكثر مما توقعته وها أنتم ترون بعد ثلاث سنوات فقط يلقي قبل شهر كلمته من الساحل ويعلن عن نيته رفد أي جبهة في الجمهورية بالحراس ، أي جبار هو وأي قائد أنذر نفسه للبلاد يقف بالبقعة الملحمية ولا عدو له سوى المليشيات ويتحاشى كل المناكفات ويخمد كل مؤامرات الوقيعة بين رفقاء النضال فهو الشمالي المحتزم بالجنوب والمؤتمري المؤمن بكل حزب والقائد لا هم له الا النصر فعندما تنحرف بوصلات المعارك نجد بوصلته وحده جهة صنعاء ولكأن بوصلته تشبه ناقة النبي بالأمر السماوي فهي وهو مأموران من الله والوطن ألا حرب الا حرب الكرامة وبقية الكلام تعرفونه ثلاث سنوات أثبتت هذه الحقيقة وثمة مواقيت قادمة ستثبت أكثر من الحقيقة والحقائق ونترك للوقت أن يوضح أكثر وأن ينصف هذا الرجل أكثر فالروزنامة لن تخذله والملاحم سوف تخلده في صنعاء ونحن والوطن سوف نجتمع ذات يوم لندون الكلام كله فمنهم من يستريح ومنهم من يعتذر والسلام لا يؤتي الا من فوهات البنادق #عبدالسلام_القيسي