لماذا لم تسقط مأرب بيد الحوثيين طوال سنوات الحرب الست ؟! و لماذا لم يتمكنوا من اسقاطها في كل الحروب التي شنوها ؟! و هل مأرب عصية على الحوثيين و مختلفة عن باقي المدن و المناطق اليمنية التي استطاعوا إخضاعها لسيطرتهم و سلطتهم ؟! و هل يستوعب الحوثيين حقيقة ان مالم يستطيعوا تحقيقه طوال ست سنوات لا يمكنهم تحقيقه اليوم في حربهم على مأرب . بيد ان النتائج التي افرزتها الحرب و على مدار الست السنوات الماضية ذات صلة وثيقة بالتساؤلات الآنفة و لها أوجها متعددة الاسباب و العوامل الموضوعية و المنطقية و التي اصبحت من الحقائق الثابتة و المتجسدة واقعا على الأرض .. و لكن و في المقابل لكل تلك الاسئلة و الاستفهامات حول المعركة في مأرب هناك استفهامات و تساؤلات أبعد بكثير . ولعل من أهم تلك التساؤلات الأبعد لمصلحة من تخوض دول "التحالف العربي" الحرب في اليمن ؟ وهل الحرب تستهدف الحوثيين كمليشيات إيرانية تهدد السلم و الأمن القومي لدول التحالف العربي بحسب تصنيفاتها المتضادة عمليا ؟ وهل نستطيع القول ان التدخل العسكري العربي لا يزال ملتزم بتعهداته تجاه الحكومة الشرعية في تحرير العاصمة صنعاء و استعادة الدولة اليمنية . و هل دور التحالف العربي يعزز من موقف الشرعية اليمنية و داعم لها فعليا و يمكنها من القرار السياسي و العسكري على المناطق التي تسيطر عليها ؟ و الكثير الكثير من الاستفهامات والتساؤلات التي تؤيد حقائق "الواقعية السياسية" الراهنة و المتناقضة كليا مع الخطاب الرسمي لدول التحالف العربي الداعم للشرعية . و أما ما يخص المعركة في مأرب و التي كانت و لا تزال بالنسبة للحوثيين بمثابة "العقبة الكأدا" فذلك لسبب واحد و له آبعاد تاريخية متجذرة في العقلية السياسية اليمنية و هو ان النسيج المجتمعي القبلي نسيج "سني شافعي" متوحد الغاية والإمكانيات و لن يسمح بعبور الحوثيين إلى مأرب مهما كلفهم ذلك من ثمن تماما كما حدث في الجنوب السني الشافعي إبان اجتياحه من مليشيات الحوثيين و صالح . و بالأضافة لكون مأرب المعقل القوي و الرئيس للشرعية نظرا لحالة الاصطفاف المنظمة لقوى الشرعية السياسية و للقيادات العسكرية و الأمنية و لدور السلطة المحلية الكفؤة و التي برهنة على قوة وجودها و نجاحها في إدارة مأرب أمنيا و تنمويا . و مع ذلك فالخطر الحوثي لا يزال جاثما على تخوم مأرب .. و باعتقادي ان الإشكالية العميقة تكمن في ضبابية الرؤية عند أكثرية المكونات و الاحزاب التي تنطوي في إطار "لواء الشرعية" و ضبابية الرؤية تلك تتعلق بحقيقة الدور و المخطط الذي ينفذه الحوثيين منذ انقلابهم على الشرعية الدستورية . و دائما مايتم حصر السبب الجوهري للإشكالية لدى قوى الشرعية عند مسألة الدعم الإيراني للحوثيين متناسيين حجم "التكالب الدولي و الأقليمي" المؤيد للحوثيين و الذي لم يكونوا ليحققوا نصرا واحدا لولا استمراره . و ليست إيران و حدها من تقف مع الحوثيين و تدعمهم .. و المجتمع الدولي بأسره اثبت انه داعم رئيس في بقاء الحوثيين و لست اتفق مع بعض الاصوات التي ذهبت إلى نسب تفسير الحرب على مأرب لفهم الحوثيين المغلوط لقرار الإدارة الامريكية و الذي قضى برفع الجماعة الحوثية من "قائمة الأرهاب" كجماعة ارهابية . و إلا كيف لنا ان نفسر إصرار المجتمع الدولي و ضغوطه التي تطالب الحكومة الشرعية بالالتزام بالهدنة مع الحوثيين و التي اقرت بموجب اتفاق "ستكهولم-السويد" و هو تناقض و خرق صارخ ناتج عن سياسة المعايير الانتقائية التي تنتهجها "الرباعية الدولية" في ملف الأزمة اليمنية والتي دأبت على ان تغض الطرف عن هجمات الحوثيين على مأرب فيما تشدد على التزام الحكومة المعترف بها دوليا باتفاق هدنة استكهولم مع الطرف الذين يضعفها و يقوض وجودها . و لذلك تحاصر مأرب و يشن الحوثيين هجماتهم عليها و سط صمت دولي و اقليمي و لا يبدو ان الضربات الجوية لطيران التحالف ستحد من ضراوتها و استمرارها طالما وان قيادة تلك الدول المتدخلة عسكريا شركاء في الرباعية الدولية و التي لم يكن ليجرؤ الحوثيين على دق طبول حروبهم كلها لو لم يكونوا تلقوا الإشارة و اعطوا الضوء الأخضر ..!! فعلى من هي الحرب اليوم في اليمن ..؟؟ و حرب من و ضد من و مع من و لمن.