أفقت فجر يوم الاثنين الثامن من مارس وكلي نشاط وحيوية لحضور حفل تكريم المرأة فقد تلقيت دعوة كريمة من صديقي الصحفي اللامع منصور عامر ... شردت قليلا وأنا احتسي فنجانا من الشاي شربته على عجالة كوني لا أريد أن أتأخر عن هذا الاحتفال فضلا عن سجيتي إذ جبلت على احترام الوعد شعرت بسخونة الشاي تلذعني فلم أركز أنه مازال ساخنا فأنا شارد في هذا الكائن العظيم فماذا عساي أن أقول لها في يومها العالمي فكل المفردات لا يمكن أن تفيها حقها فهي الأم والأخت والصديقة والزوجة والابنة . كم هي عظيمة في صبرها وقوتها وحنانها !!! فهي القوة الناعمة التي بدونها لا تكتمل الحياة وفي الوقت الذي كنت شاردا في معاناة المرأة وعظمتها إذا بمناد يناديني بالصعود للمنصة لإلقاء كلمة تليق بالمرأة ويومها العظيم فبدأت بقول المتنبي الذي يدل على المساوة بين الرجل والمرأة : وما التأنيث لاسم الشمس عيب ** ولا التذكير فخر للهلال .. وكم شعرت بالفرحة وأنا أنظر إلى المرأة أمامي مصغية تستمع إلى الخطاب وكأن على رؤوسهن الطير فتذكرت عند ذلك أن هذه الكوكبة من النساء إنما هن تلك المعلمات اللواتي جبلن على احترام الخطاب والمخاطب منذ أن كن يلقين الدروس علينا ونحن تلامذة صغار . بعدها عرجت في عالم المرأة الغربية و كم كانت معاناتها في القرن التاسع عشر للحصول على بعض الحقوق وبعد نضال مرير تم اعتماد الثامن من مارس يوما عالميا لها وجهل الغرب أن المرأة العربية والمسلمة قد نالت في العصور الغابرة من الحقوق ما يفوق تلك الحقوق التي يروج لها الإعلام الغربي ويسوقها الساسة في القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة. وإذا ما عمدنا إلى الحضارات العربية التي سبقت الحضارات الغربية بآلاف السنين لوجدنا حظ المرأة من الحقوق والمساواة ربما أفضل من حقوقها في الحضارات الغربية المعاصرة, فمن ذلك نجد المجتمع العربي ينظر إلى المرأة كأمر مصون مقدس فإذا ما أهين الرجل من القبيلة ربما عده القوم أمرا هينا وتعاملوا معه بشيء من البرود أو الا مبالاة لكن إذا ما أهينت المرأة فإنما تقوم قيامة القوم ويرخص في نظرهم كل شيء حتى ينتصروا لها لأنهم يعدون المرأة شرفهم وعرضهم وكرامتهم وغير ذلك من الأمور التي يجرم المس بها وهذا غير موجود في ثقافة الأمم الغربية ومن الأمثلة قضية المرأة العربية التي أهانها الروم فانتصر لها المعتصم الخليفة العباسي... ومن تعظيم المرأة في المجتمع العربي ما وصلت إليه الملكة بلقيس في الحضارات اليمنية فضلا عن الحكمة اليمانية التي تجلت في خطابها السياسي فعندما جاءها كتاب سليمان لم تخف الأمر عن قومها بل أسرعت في دعوة كبار القوم ووضعت الأمر بين أيديهم وقالت : " ياأيها الملأ افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ◐ قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين◐ قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون " وهنا تكمن الديمقراطية والشورى التي طالما تشدق بها الغرب ففي الوقت الذي كان يغرق فيه الغرب ونسائه في الظلم والظلمات كانت المرأة العربية تسطر أروع أنواع الديمقراطية.... فالقوم استعرضوا قوتهم وبأسهم الشديد وجاهزيتهم لخوض الحرب من أجل الدفاع عن البلاد غير أنهم أعادوا الحسم في اتخاذ القرار المناسب إليها لأنهم يثقون بحكمتها ودهائها, فردت عليهم بالتمهيد لاتخاذ القرار إذ رسمت لهم بشاعة الحرب وما قد تؤول إليه الأوضاع, وبذلك كانت قد عبرت خير تعبير عن الحكمة اليمانية التي أشار لها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ومع اقتراب نهاية الاحتفال دعيت من راعية الاحتفال سفيرة السلام والنوايا الحسنة الأخت الفاضلة أفراح جابر القطيبي للمشاركة في تكريم عدد من السيدات الفاضلات وكم كانت فرحتي كبيرة وأنا أكرم تلك الكوكبة من الفاضلات اللواتي بذلن الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن الغالي ..انتهى الحفل وانفض الجمع غير أن ذلك اليوم سيظل محفورا في ذاكرتي إلى ما شاء الله ..