إنّ اغتيال السفير محمّد شطح، وزير المال السابق في لبنان، يوم الجمعة في 27 كانون الأوّل، يشكّل تصاعداً جدّياً للتوتّر الخطر والمستمرّ الذي يشهده لبنان. ففي ظلّ حكومة مستقيلة، ومجلس نوّاب معطّل، وتدفّق مستمرّ للاجئين من سوريا، وانفجارات متكرّرة، وعمليّات خطف، ونزاعات طائفيّة، بات لبنان اليوم ضعيفاً، وسيبقى كذلك إذا لم يتمّ التوصّل إلى حلّ للأزمة السوريّة في خلال اجتماع «جنيف 2» المقبل. ونظراً إلى الاستقطاب الطائفيّ المتنامي في سوريا والعراق المجاورَين للبنان، وغياب حلّ للقضيّة الفلسطينيّة، من الضروريّ التركيز على لبنان من جديد، إلى جانب المخاوف المتعلّقة بمستقبله، كي تتمّ عمليّة انتقال السلطة إلى رئيس جديد في ظروف هادئة ومستقرّة وفي ظلّ توافق سياسيّ. إنّ اغتيال شطح يدفع بالوضع الحاليّ إلى مرحلة خطرة ويسلّط الضوء عليه بقوّة. وينبغي تكثيف الجهود لحماية لبنان من مزيد من الانهيارات ومن احتمال تصاعد الانقسامات الطائفيّة. وبينما لا تزال مؤسّسات المجتمع المدنيّ والاتّحادات المهنيّة بمعزل عن الانقسام الطائفيّ، نأمل أن يشكّل ذلك فرصة لها للتدخّل، متسلّحة بالسلطة المعنويّة التي تتمتّع بها والدور المحفّز الذي يمكنها بلا شكّ الاضطلاع به. وقد تكون هذه اللحظة مؤاتية لاستذكار بيان مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة في 10 تمّوز 2013 الذي شدّد على أن تكون الأولويّة لاستقرار لبنان والذي حثّ مجموعة الدعم الدوليّة التي ضمّت دولاً دائمة العضويّة في مجلس الأمن، إلى جانب كاثرين آشتون من الاتّحاد الأوروبيّ، ووكالات دوليّة أخرى، وغيرها، على ترجمة التزامها، وبالتالي إعطاء استقرار لبنان ووحدته الأولويّة. وهذه هي اللحظة المؤاتية أيضاً كي يسرّع الطاقم السياسيّ عمليّة تشكيل الحكومة ويستأنف مجلس النوّاب مسؤوليّاته. لا يمكن أن نستخفّ في هذه اللحظة بخطورة الوضع في لبنان، علماً أنّ وحدة لبنان واستقراره من شأنهما أن يساهما بدورهما في الجهود الهادفة إلى حلّ مشاكل جديّة متعدّدة في المنطقة. عندئذٍ، سيتمكّن لبنان، إن شاء الله، من استئناف مساهمته المعنويّة والفكريّة المعروفة في الإرث العربيّ.