كنت اتمنى أن نبدأ صفحة جديدة بعد انتهاء أشغال مؤتمر الحوار الوطني بترميم النفوس وتطبيق النقاط ال31 لتطبيع الأوضاع وإعادة العزة للمهانين والطمأنينة للخائفين والمال المغصوب للمنهوبين وتعويض صحيفة الأيام المظلومة واطلاق سراح حارسها أحمد عمر العبادي المرقشي , ولكن أن نبدأ بإعدام أحمد عمر العبادي أمر جليل الخطر له دلالات عظيمة وهي : أن الأوضاع ستظل كما هي وأن اهل القوة والفساد هم القابضون على زمام الأمور وأن النظام المستبد لم يندحر وأن التغير المنشود بعيد المنال .
لم يُقتل أحمد عمر العبادي المرقشي في ثمانينات القرن العشرين على أيدي الصهاينة في جنوبلبنان عندما حارب إلى جانب المقاومة اللبنانية الفلسطينية ,ومن العار أن يعدم اليوم بصورة غاشمة على أيدي أبنا جلدته ممن يدعون العفة والشهامة والإنصاف ويتدثرون بالقيم الإسلامية والإنسانية النبيلة ويقلبون الحقائق رأساً على عقب ويحولون المقهور الذي مات ألف مرة في غياهب السجون إلى مجرم وقاتل , بينما القتلة والسفاحون يسرحون ويمرحون على طول وعرض التراب الوطني وتكافأهم الدولة بالهبات والعطايا وتشجعهم على مزيد من القتل والفوضى والتدمير والخراب المجتمعي .
أجزم أن أحمد عمر العبادي ليس قاتلاً بل أنه كان مدافعاً عن الحق , إنه برئ كسرت أضلعه عربات الظالمين الذين لا يمكنهم العيش تحت سماء العدالة والإنصاف والمواطنة الواحدة , ولا يروق لهم أن يعيش الناس بأمن وطمأنينة بمنأى عن البطش والهيمنة والنهب والغنيمة واسترقاق البشر .
فلازلنا نعيش في كنف نظام يرتكز على شرعية الغلبة والعنف والقهر للمواطنين , فالعدالة والمواطنة المتساوية التي ننشدها ليست إلا فسفوسة على طرف الفم وطموح لم يتحقق بعد على أرض الواقع .
أوجه دعوة حارة للرئيس عبد ربه منصور هادي أن ينظر بعين الإنصاف لقضية صحيفة الأيام وحارسها المرقشي وأن يصدر عفواً رئاسياً عن السجين المرقشي المتهم بجريمة لم يرتكبها , ونقول له كما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله علية وسلم (( إد رءوا الحدود بالشبهات )) وفي حديث آخر (( قد يدوم الحكم على الشرك ولكنه لا يدوم على الظلم )) .
إن الحكم بالإعدام على المرقشي الصادر يوم الخميس 19/12/2013م لون من ألوان المكايدة والمكر السياسي الذي يضر بقضية العدالة ويؤكد أننا نسير في فضاء مترع بالغش والافتراء والاعتساف ومشحون بالريبة والشك وأن شعارات الحرية والديمقراطية ودولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية ألحان تردد في المحافل والمهرجانات الصاخبة لتضليل الرأي العام ودغدغة أحلام البسطاء وليس للخروج من شرنقة الجهل والتخلف والحقب الحالكة الظلام .