عدن اونلاين/خاص/ عبدالرقيب الهدياني هي ليلة مباركة اختصها الله بالمكانة العظيمة وفضلها على ألف شهر، نزل فيها القرآن الكريم كما يتم فيها تقدير الآجال وتحديد خطة أحداث المستقبل للعام القادم. الربيع العربي وثورات الشعوب المنتفضة منذ تسعة أشهر، انتصرت في ثلاثة بلدان وتوشك على قطف ثمار الحرية في بلدين آخرين، وما أحدثه هذا الربيع من تغييرات جوهرية في عموم المنطقة والعالم على المدى البعيد، هذا الربيع كان شعاره هدم وإسقاط أنظمة وكيانات هي في واقعها مشاريع ضخمة للفساد والطاغوت والظلم والانحطاط المريع. هي مجازا أنظمة ولكنها كيانات خراب، أهلكت الحرث والنسل ، أعاقت التمنية .. دمرت الإنسان .. باعت الأوطان .. ووصل فسادها إلى خارج حدود الأرض التي استلبتها والمحيط المجاور لها. أربعة عقود وأكثر اقتطعها هؤلاء الحكام الفاسدين من حياة أوطانهم وعمر شعوبهم ، وبعثروها كما فعلوا بثروات طائلة من خيرات الأرض ومقدراتها، لم تصح ضمائرهم وتشعر بهول المأساة وفاجعة المعاناة التي وصلت إليها الملايين من الشعوب ، لأنهم أصلا بلا ضمير ماتت فيهم كل قيم الخير وتعملقت نوازع الشر والفجور. هبت الشعوب وصرخت بإرادة جمعية (الشعب يريد إسقاط النظام) خطاب واحد لشعب عربي واحد ، معاناته واحدة ، كما أن ظالميه وحاكميه متشابهون حد التماهي. الليلة المباركة التي يتطلع إليها الناس في اليمن وسوريا وهم يقيمون ليلتهم ركعا وسجدا لله في ساحات وميادين التغيير والحرية هي انجاز ثورتهم بانتصار مؤزر يعانقون من خلاله حلم الحرية الذي قدموا لأجله الشهداء والجرحى ورابطوا في الساحات شهورا متحدين آلة القمع والتدمير التي صبها الحاكم ضدهم بكل توحش وهمجية. ليلة القدر التي حلت في تراب ليبيا برحيل الطاغية ، هي ذات الليلة المنظورة في اليمن وسوريا، حتى يكتمل الربيع وينشر أريج حريته يمنا وشاما، شرقا وغربا. ليلة القدر أن تعتق رقاب هذه الشعوب من جحيم أنظمة مستبدة كانت هي النار السموم التي أحرقت الأخضر واليابس وحولت الأوطان إلى كومة دمار وفقر وأمراض وأمية وتبعية. وإذا كان الدعاء المأثور في هذه الليلة المباركة هو طلب العفو( اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا)، فإن العفو العاجل لهذه الملايين هو رفع هذا الظلم الرابض على كاهلهم بضعة عقود في ظل هؤلاء الحكام الذي افسدوا دنيا الناس وآخرتهم معا، ومن علامات عفوه سبحانه أن يمنح عباده الحرية ليعبدوا الله في بيئة صالحة ويكونون صالحين مصلحين أرضه ويأخذوا دورهم الحضاري المطلوب خلفاء الله في تعمير الدنيا واحتساب ذلك للفوز بالأخرة.