تطور مهم.. أول تحرك عسكري للشرعية مع القوات الأوروبية بالبحر الأحمر    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    هيئة السلم المجتمعي بالمكلا تختتم دورة الإتصال والتواصل الاستراتيجي بنجاح    فيديو صادم: قتال شوارع وسط مدينة رداع على خلفية قضية ثأر وسط انفلات أمني كبير    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    امين عام الاشتراكي يهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بنجاح مؤتمرهم العام مميز    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    فينيسيوس يتوج بجائزة الافضل    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر في باريس للتضامن مع أشرف بحضور وكلمة الرئيسة رجوي وبمشاركة شخصيات وقيادات عربية
نشر في شهارة نت يوم 07 - 09 - 2010

أقيم مؤتمر تحت شعار «الإسلام ضد الاستبداد والتطرف والمدافع عن سلطة الشعب» للتضامن مع أشرف ومأدبة إفطار رمضانية في قاعة متحف اللوفر بباريس بحضور وكلمة السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية.
وأعرب في مؤتمر باريس وفود برلمانية والنخب الدينية والثقافية والسياسية من مختلف الدول العربية والإسلامية وكذلك ممثلون عن مسلمي فرنسا عن تضامنهم مع المجاهدين الأشرفيين مستنكرين بشدة المؤامرات والمضايقات التي تمارس عليهم من قبل نظام الملالي الحاكم في إيران.
ورحب جان فرانسوا لوغاره رئيس بلدية المنطقة الأولى بباريس برئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية والحضور في المؤتمر قائلاً: إن تجمع الليلة يحمل في طياته رسالة السلام إلى كل من ينادي في شهر رمضان بثقافة الرحمة.
وألقت السيدة مريم رجوي كلمة استعرضت فيها انتفاضة الشعب الإيراني ضد سلطة ولاية الفقيه المشؤومة والفجائع المروعة التي تشهدها إيران الملالي تحت غطاء الدين بمثابة ألد أعداء الإسلام و الإنسانية وقالت إن الإسلام الأصيل يقف بوجه ولاية الفقيه ويعتبر السلطة أهم حق للشعب ويدافع عن جميع الحقوق المنبثقة عن حق الشعب في السلطة.
وفي ما يلي نص كلمة السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية أمام المؤتمر المذكور:
نص كلمة السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية
أمام مؤتمر «الإسلام يدافع عن سلطة الشعب ويناهض ولاية الفقيه»
المنعقد في باريس يوم 4 أيلول (سبتمبر) 2010
بسم الله الرحمن الرحيم
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
(القرآن الكريم - الآية 185 – سورة البقرة)
أيها الحضور الكرام،
أخواتي وإخوتي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في مستهل كلمتي أدعو الله العلي القدير أن يتقبل صيامكم وقيامكم وعباداتكم المخلصة في شهر رمضان المبارك هذا الشهر الفضيل شهر التقوى وشهر اعتلاء المعدن الإنساني وشهر تقارب القلوب وشهر الأخوّة والتآخي أي ما هو المفقود اليوم في مجتمعات العصر الحديث.
إن شهر رمضان برؤية الإسلام في قراءته الحقيقية هو شهر التحرر والخلاص باتجاه الغاية التي بعث الله النبي (ص) من أجل تحقيقها وهي فك القيود والأغلال التي وضعت على أبناء البشر. كما يقول سبحانه وتعالى: «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ» (الآية 157 من سورة الأعراف).
أما على النقيض من ذلك ليس شهر رمضان عند المتطرفين خاصة عند نظام الحكم القائم في إيران إلا شهر تصعيد القمع والاضطهاد وليس الصوم إلا أداة للرياء ولمزيد من تكبيل وتقييد الناس واضطهادهم وتضليلهم تحت غطاء الإسلام والحفاظ على سلطة شيطانية باتت توشك على نهايتها.
ففي هذه اللحظات التي تفيض بالخير والبركة يكون حفلكم الكريم فرصة قيمة أغتنمها لأتحدث إليكم باسم الملايين من أبناء بلدي الذين انتفضوا في العام الماضي وهم وقفوا منذ ثلاثين عامًا وحتى الآن بوجه الملالي الحاكمين في إيران، أتحدث عن ظلم كبير مارسه نظام الملالي الدموي الحاكم في إيران بحق شعبي وديني ومذهبي تحت يافطة «ولاية الفقيه».
آمل أن تكون كلمتي القصيرة هذه نداء تظلم من ملايين الإيرانيين الذين هتفوا خلال انتفاضتهم في صيف العام الماضي بشعار «ليسقط مبدأ ولاية الفقيه» وهو شعار له مدلول كبير ورمز لاستمرار الانتفاضات والهتاف المشترك للمواطنين الإيرانيين الذين وبسبب حدة انغلاق واحتقان الأجواء يقيمون مظاهرات ليلية على أسطح المنازل يهتفون فيها بصوت واحد بإدانة واستنكار قمع الانتفاضات وإعدام السجناء السياسيين.
يا ترى، لماذا تحوّل شعار «ليسقط مبدأ ولاية الفقيه» إلى رمز للانتفاضة الشعبية في إيران؟ لأنه وعندما وصل خميني إلى إيران قبل اثنين وثلاثين عامًا مارس خيانته الأولى والأهم للشعب الإيراني وثوار إيران بدعوى «ولاية الفقيه».
كان خميني وخلال وجوده في باريس يقول: «إني طالب للعلوم الدينية وسوف أذهب إلى مدينة قم وأترك الحكم إلى أهله» ولكنه ليس فقط قد استحوذ على السلطة فعلاً وإنما ألقى مسودة الدستور الإيراني الجديد إلى جانب ورفض تشكيل المجلس التأسيسي الذي كان قد وعد به رسميًا وأقام بدلاً عنه مجلس الخبراء ليفرض به دستور «ولاية الفقيه» على أيدي أذياله ومواليه من الملالي.
وبدورهم أعلن المجاهدون رسميًا بصفتهم أكبر قوة مسلمة منظمة في إيران أنهم لا يصوّتون لهذا الدستور كونه ينص على مبدأ «ولاية الفقيه» وأنهم يرون أن السلطة هي حق الشعب وناتجة عن أصوات الشعب. وهذا هو أكبر ذنب لمجاهدي خلق من وجهة نظر خميني وهو السبب الرئيسي لقمعهم وقتلهم حتى يومنا هذا.
واليوم وبعد تجربة دامية وكارثة استمرت منذ 30 عامًا لا يقتصر كلامي على رفض بدعة باطلة لا أساس لها، وإنما أريد أن أؤكد أن «ولاية الفقيه» تعني اليوم بالنسبة للشعب الإيراني والمنتفضين الإيرانيين «ديكتاتورية خميني وخامنئي المستمرة منذ ثلاثين عامًا»!
إن العالم شاهد أبناء الشعب الإيراني من الطلاب والشبان وهم يحرقون صور كل من خميني وخامنئي في جامعة طهران والساحات الأخرى من سوح انتفاضتهم العارمة وداسوها تحت أقدامهم.
نعم، إن «ولاية الفقيه» تعني الريح الصفراء التي اجتاحت وطني لتفرض عليه ظلمًا كبيرًا وتلتهم خيرات بلدي وموارده الطبيعية بالحرب والقمع وسياسات مدمرة شردت العلماء والاختصاصيين الإيرانيين وتسببت في أن يعيش نسبة ثمانين بالمائة من سكان إيران تحت عتبة الفقر رغم كونهم يعيشون فوق بحر من النفط، بحيث يضطر كثيرون منهم إلى بيع كلاهم ليؤمنوا مصاريف أولادهم وعائلاتهم ويدفعوا إيجار منازلهم.
لماذا صار شعار «ليسقط مبدأ ولاية الفقيه» رمزًا للانتفاضة في إيران؟ لأن «ولاية الفقيه» كانت ولا تزال هي المصدر والحجر الأساس للظلم القاسي الكبير المفروض على الشعب الإيراني منذ 30 عامًا كل يوم منه شهد قمع وتعذيب وقتل أكثر أبناء للشعب الإيراني وعيًا وثقافة وتضحية خاصة أكثر الفتيات المسلمات المجاهدات والفتيان المسلمين المجاهدين من أبناء الشعب الإيراني تدينًا وإيمانًا والتزامًا بالدين الإسلامي الحنيف.
وسمعت في الآونة الأخيرة من أخي سيد أحمد غزالي رئيس الوزراء الجزائري الأسبق قوله متألمًا في خطابه إلى قادة الدول العربية والإسلامية والذي ألقاه في تجمع «تافيرني» الفرنسية: «اعلموا أن أي نظام حكم في العالم لم يقتل المسلمين بالعدد الذي قتلهم النظام الإيراني وبقسوته».
أجل، إن «ولاية الفقيه» تعني الديكتاتورية المنفلتة التي تتهم في القرن الحادي والعشرين أبناء الشعب الإيراني ب «محاربة الله»! ثم تعدمهم ليس إلا بسبب مشاركتهم في المظاهرات وقراءتهم جريدة المجاهدين أو إجرائهم لقاءات عائلية في أشرف، كما تغتصب وتقتل معتقلي الانتفاضة في غياهب سجن «كهريزك» الخاص للتعذيب (والواقع بالقرب من طهران).
كما تعني «ولاية الفقيه» الإرهاب الحكومي القسي الذي يصدر في القرن الحادي والعشرين الفتوى بالقتل السري وضمن مسلسل عمليات قتل لكتّاب ومثقفين وقساوسة مسيحيين شرفاء أبرياء ومنهم الأسقف الشهيد هوسبيان مهر، ولا تجيب على أسئلة أية جهة عن هذه الجرائم.
إن «ولاية الفقيه» هي التي أصدرت الفتوى بالإبادة ومجزرة 30 ألف سجين سياسي كانت مدد الأحكام الصادرة على غالبيتهم بالسجن قد انتهت وكانوا ينتظرون إطلاق سراحهم ولكن تم إعدامهم شنقًا بأمر كتابي من خميني وحتى قفزًا على جميع الترتيبات والضوابط المألوفة في جهاز قضاء النظام وذلك داخل سجون طهران والمدن الإيرانية الأخرى. إن خامنئي وجميع رموز ورؤوس النظام الحالية متورطون في هذه الجريمة الشنعاء ولم يعلنوا إطلاقًا أي رقم وإحصاء عن عملية الإبادة الجماعية هذه.
ولاية الفقيه تعني تصدير التطرف وتوريط دول المنطقة خاصة الدولة الشقيقة العراق في دوامة الإرهاب وإراقة الدماء. والآن امتد إلى بقية بلدان المنطقة منها أفغانستان ولبنان وفلسطين. ولاية الفقيه تعني برنامج إنتاج القنبلة النووية لتهديد العالم والذي جعل أمن العالم للخطر.
نعم، إن «ولاية الفقيه» تعني الدجل الكبير الذي يرتكب كل عمليات إراقة الدماء هذه وكل هذه المفاسد والجرائم تحت غطاء ويافطة الدين مشوهًا بذلك سمعة الدين الإسلامي الحنيف.
أليس الإسلام دين الرحمة والتحرر والخلاص؟ ألا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم حول النبي (ص):
«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ »؟
ألا تبدأ سور القرآن الكريم بعبارة «بسم الله الرحمن الرحيم»؟
أليس الإسلام دين التشاور حيث يأمر الله رسوله في القرآن بالتشاور قائلاً: «وشاورهم في الأمر»؟
أليس الإسلام هو الشريعة السمحاء ودين التسامح والعفو؟ ألا يقول القرآن في وصفه المؤمنين والمسلمين: «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ»؟
ترى، هل يوجد ضمير إنساني ومسلم مشفق ومؤمن لا يتألم ويثار من كل هذا الظلم والتحريف بحق الإسلام والقرآن ولا يصرخ فضحًا لهؤلاء المرائين الكذابين ولا يقوم بالجهاد ضدهم؟
«وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ» (القرآن الكريم – الآيتان 204 و205 من سورة البقرة).
نعم إن نظام «ولاية الفقيه» هو ألد عدو لله والإسلام وهو « أَلَدُّ الْخِصَامِ» وإن الله والقرآن والإسلام براء من هذا الفساد والدجل.
أما الحقيقة المهمة الأخرى التي أريد أن ألفت إليها أنظار الحضور الكرام والأخوات والإخوة وجميع أولئك الذين يسمعون صوتي فهي أن الآفة المتمثلة في «الولاية الفقيه» لا تكتفي بالفساد والجريمة في إيران وإنما يرى بقاءها على السلطة مرهونة بتصدير الكروب والمحن والمآسي إلى البلدان والشعوب الأخرى.
إن ولاية الفقيه تريد التسلح بالقنبلة الذرية أيضًا لكي تهدد بها الدول العربية والإسلامية في المنطقة وجيران إيران قبل أي مكان آخر كما أثبتت التجربة ذلك ويقوله العديد من الخبراء والمسؤولين في الدول العربية والإسلامية أيضًا.
فإذا كنت قد اغتنمت هذه الليلة ومأدبة الإفطار الرمضانية هذه للتحدث إليكم حول هذه الظاهرة الشريرة المعادية للإسلام وإيران والإنسانية جمعاء، فليس هذا من أجل أبناء وبنات وطني إيران المنكوبين المعذبين والمعدومين فحسب وإنما من أجل التفكير في أبنائنا وبناتنا وأخواتنا وإخواننا من أفغانستان إلى إندونيسيا ومن العراق إلى فلسطين وإلى لبنان والجزائر وجميع البلدان والمجتمعات الإسلامية التي أصبحت هدفًا بشكل أو آخر لما يصدّره إليها نظام «ولاية الفقيه» من دمار وفساد ودجل وافتعال أزمات وإرهاب.
أعتقد أنه إذا أزيلت شرور نظام «ولاية الفقيه» وتم وضع حد لافتعال الأزمات والإرهاب على أيديه وإذا أصبحت إيران مركزًا للديمقراطية والسلام فسوف يتمكن الشعب الإيراني والشعوب المسلمة الأخرى من بناء عالم آخر كونها تحظى بما أنعمه الله عليها من خيرات وثروات وموارد طبيعية وقوى وكفاءات إنسانية كافية.
وأرى أن مواجهة ما تمثلّه وتصدّره «ولاية الفقيه» الحاكمة في إيران من دجل وظلم واضطهاد هي أهم تقوى سياسية واجتماعية وأفضل دفاع عن حرمة الإسلام وحقوق الشعوب والمجتمعات الإسلامية.
صورة عامة للموضوع
اسمحوا لي بأن أتناول هنا بقدر ما يتاح لنا من الوقت مغزى وجوهر «ولاية الفقيه» وروحها التي هي غصب حق الشعب في السلطة، وفي المقابل أوضح أنه وفي الإسلام الأصيل تكون السلطة أهم وأولى حق يعود إلى الشعب. وهنا أريد أن أوضح ما هي قاعدة الشرعية في الإسلام وما هو دور صوت الشعب ورأيه والتشريع؟ وهل يبرر الإسلام الإكراه في الدين ونفي حق الناس في الانتخاب والاختيار الحر؟
ولاية الفقيه
إن العقود الثلاثة الماضية التي استمرت فيها سلطة «ولاية الفقيه» السود‌اء في إيران قد بينت طبيعتها وقدمت تعريفًا واضحًا عنها على أرض الواقع وهو أنها نظام لاإنساني أو معاد للإنسانية ومراوغة للغاية يستغل الإسلام إلى الحد الأقصى للحفاظ على سلطته ويرتكب كل جرائمه باسم الإسلام ضاربًا عرض الحائط كل المقاييس والمعايير الإنسانية والقانونية والوطنية والدولية وهو نظام يمثل ألد عدو للإسلام والقرآن وتجاوز على الثوابت الدينية بحيث أصبح اليوم من المؤكد والمعروف لدى الجميع أن «ولاية الفقيه» تنافي وتناقض الإسلام.
إن فكرة «ولاية الفقيه» التي هي فكرة معزولة ومنبوذة لدى الفقهاء المسلمين من الشيعة والسنة قد طرحها خميني لأول مرة في العقود الأخيرة. وقبل وصول الديكتاتورية الدينية إلى السلطة في إيران عارضها جميع الفقهاء الشيعة تقريبًا، وإن وجد أتباع لها بعد وصول خميني إلى السلطة بما تتطلب السلطة والقوة عادة.
إذا كنا نترجم «الولاية» إلى ما يقارب «السلطة» فإن هذه الفكرة تعتبر أن السلطة هي حق ثابت قد خصصه الله لرجل الدين. فعلى هذا الأساس ينص دستور النظام الإيراني على تفويض كل صلاحيات الحكم ومنها السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والقوات المسلحة والشرطة وكذلك كبريات المؤسسات الاقتصادية في الدولة ل «الولي الفقيه». ولكن خميني لم يكن راضيًا حتى بكل هذه الصلاحيات حيث كان يقول: «إن ما ورد في الدستور ليس كل صلاحيات الولي الفقيه وإنما بعضها».
وفي وقت لاحق قاموا فيه بإعادة صياغة الدستور غيّروا عنوان «ولاية الفقيه» إلى «ولاية الفقيه المطلقة».
وفي عام 1988كتب المدعو «آذري قمي» أحد منظري فكرة «ولاية الفقيه» يقول: «إن ولاية الفقيه ولاية مطلقة تشريعية وقانونية.. إنها ولاية على العالم كله وما فيه سواء من الكائنات الأرضية والسماوية والجمادات والنباتات والحيوانات وكل ما يرتبط بشكل أو آخر بالحياة الجماعية والفردية لأبناء البشر وتشمل جميع شؤون الإنسان ومتعلقاته وأمواله وممتلكاته».
إن الملالي المتاجرين بالدين الذين يعتبرون أنفسهم ممثلين عن الله على الأرض لا يقيمون أية شرعية لصوت الشعب ويصوّرون ويوهمون بأن شرعيتهم مستقاة من الوحي.
إن حكام إيران يعتبرون أن الشعب يفتقر إلى الصلاحية والكفاءة لسن القوانين. وكان خميني قد قال في مناسبة لأعضاء مجلس صيانة دستوره: «إذا رأيتم أن مائة مليون من أبناء البشر وحتى جميع سكان الأرض هم واقفون إلى جانب ويقولون كلمة تناقض حكم القرآن فقفوا بوجههم ورددوا ما يقوله الله حتى لو ثاروا عليكم جميعًا» (كتاب «صحيفة النور» لخطابات خميني- المجلد 13 – الصحفة 53). كما من المعروف ما قاله خامنئي الولي الفقيه الحالي في النظام بأنه «لا يحق لأغلبية أبناء الشعب أن يوقعوا الدستور ليلزموا الدولة بتنفيذه».
هناك مبدأ مقدس بالنسبة لنظام «ولاية الفقيه» والملالي الحاكمين في إيران وهو الحفاظ على السلطة وليس إلا. ولتحقيق ذلك يسوغون ويبيحون لأنفسهم ارتكاب كل جريمة نكراء أو أي فساد وتزوير.
وفي عام 1988 وفي رسالة بعث بها إلى خامنئي رئيس الجمهورية في نظامه آنذاك، كتب خميني قائلاً: «إن للولي الفقيه أن يلغي منفردًا ومن جانب واحد العقود الشرعية التي أبرمها مع الناس وذلك عندما يصبح موضوع العقد مخالفًا لمصالح الدولة والإسلام ويجوز له منع كل ما يخالف مصالح الإسلام سواء أكان من الأمور العبادية أم غير العبادية.. إن الحكومة هي شعبة من ولاية الفقيه المطلقة وتفوق جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصيام والحج».
فكما تلاحظون أن القضية ليس الإسلام ولا العبادات ولا الحرام والحلال وإنما القضية هي الحفاظ على السلطة في إطار غطرسة وحب جنوني للجاه والسلطة.
فهكذا يبرر حكام إيران وباستغلال الشريعة ما ينفذونه من حملات إعدام ومجازر بحق 120 ألف سجين سياسي ومسلسل عمليات قتل المثقفين والكتّاب وعمليات الاغتصاب المنتظمة في السجون واحتجاز الرهائن والتفجير في بيت الله الحرام.
يذكر أنه وفي العام الماضي وخلال مناظرات تلفازية وصف كبار المسؤولين في النظام الإيراني حكمهم بأنه إمبراطورية الكذب.
الإسلام وحكم الشعب
ولكن على النقيض تمامًا من ممارسات الملالي الحاكمين في إيران المتاجرين بالدين، فإن حق السلطة هو أكبر حق ثبوتًا وأعلى حق اعترف به الإسلام للشعب ويحترم كل الاحترام الحقوق الناتجة عنه.
هناك رسالة خالدة تكمن في خاتمية النبوة لرسول الإسلام وهي أن تقدم أبناء البشر وصل إلى نقطة يمكن فيها للإنسانية أن تمسك بزمام هدايتها وقيادتها في إطار رؤى ومبادئ الإسلام والقرآن. إن هذه الفلسفة تباين بوضوح كل ما لفقه واختلقه خميني وأتباعه وأنداده العقائديون والسياسيون في الطوائف الإسلامية الأخرى من مزاعم تحت عنوان «ولاية الفقيه» أو «الحكومة الإسلامية» مدعين حق الوصاية لهم على كل قاصر ورشيد.
إن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن بصراحة: «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً» (الآية 30 من سورة البقرة) أي إنه جعل الإنسان خليفة له على الأرض، ويقول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الإمام الأول للشيعة: «بعث فيهم رسله و واتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذكروهم منسى نعمته، و يحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول» (كتاب «نهج البلاغة» - الخطبة الأولى). فيما إن رسالة «ولاية الفقيه» هي استخفاف وإذلال أبناء البشر وتدمير دفائن عقولهم!.
وصرح القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا أن الهدف من انبعاث الأنبياء هو التزكية والتعليم، حيث يقول: «لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ» (الآية 164 من سورة آل عمران).
«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ» (الآية 157 من سورة الأعراف).
وجاء في سورة القصص من القرآن الكريم: «وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» (الآية 5 من سورة القصص).
فكيف يمكن أن تكون سلطة «ولاية الفقيه» القائمة على الجهل والفساد قائمة على هذه الفلسفة العالية؟.
فكما تلاحظون أن سلطة الشعب هي أحد الحقوق الثابتة والمؤكدة في الإسلام وهو حق لا يجوز سلبه وحق بدون قيد أو شرط. إن المسلمين الحقيقيين يؤمنون بأن إرادة الله تتجلى في الساحة الاجتماعية أصلاً وتاريخيًا عن طريق سلطة الشعب.
حرية الاختيار
برؤية الإسلام والقرآن، إن الوعي والحرية يشكلان خصوصية الإنسان، فالإنسان ليس خاضعًا للجبر والإكراه وإنما هو قادر على تجاوز الجبر وإزاحته.
وكما جاء في القرآن: «ونفخت فيه من روحي» (الآية 85 من سورة الإسراء) أي إن الله نفخ من روحه في الإنسان أي الإنسان أصبح متصفًا بصفات الله وخليفة له في الأرض. كما ويقول الله سبحانه وتعالى في القرآن: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ» (الآية 34 من سورة البقرة) أي إن الله أمر الملائكة بأن يسجدوا لآدم وهذا يعني أن الإنسان سخّر القوى الطبيعية لنفسه أو جعلها خاضعة لسيطرته.
فعلى ذلك بنيت رؤية القرآن في الإنسان على حريته في الاختيار، والإسلام يحترم حق الإنسان بكامله في حرية الاختيار والانتخاب والرأي. كما يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (الآية 13 من سورة الحجرات)، أي إن جميع أبناء البشر (الناس) متساوون بغض النظر عن جنسهم وعرقهم وانتمائهم القومي، كما لا تمييز لأتباع دين على أتباع دين آخر. وعلى هذا الأساس يكون رأي كل فرد من أبناء المجتمع الإنساني ذا قيمة متساوية مع رأي فرد آخر والإسلام يحترمه.
وفي صدر الإسلام أيضًا كان سيدنا ونبينا محمد (ص) يتيح الإمكانية مرات عديدة لكل فرد من الناس للتعبير عن رأيه والاختيار المباشر، ولهذا الغرض كان يمارس تقليد «البيعة» عند اتخاذ قرارات هامة أو عقد تحالفات كبيرة. ومن أشهر حالات البيعة هذه هي بيعة النساء وبيعة الرضوان وبيعة الغدير. هذا تقليد أو أسلوب ديمقراطي تمامًا في الظروف السياسية والاجتماعية السائدة قبل 14 قرنًا مع اختلافه عن أسلوب الاقتراع والانتخابات في العصر الحديث.
كما إن الإمام علي بن أبي طالب (ع) هو الآخر وبرغم كونه من الخواص والمقربين لدى رسول الله (ص) وبرغم قراءته الأصيلة والصحيحة للإسلام وما كان يتسم به من أهلية وصلاحية وكفاءات وخبرات شخصية لهداية المجتمع في ذلك العهد كان جميع صحابة رسول الله يشهد عليها بالإجماع، لم يمسك في عام 35 من الهجرة – كما قاله نفسه – بزمام السلطة إلا بعد أن أصر جمهور الشعب على ذلك لمدة أسبوع ولو لا ذلك لما قبل تولي الخلافة إطلاقًا، حيث يقول: «أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَ قِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا» (كتاب «نهج البلاغة» - الخطبة الثالثة).
إذًا فإن الأحكام التي يفرضها المتطرفون خاصة في إيران على الناس تحت غطاء «الأحكام» أو «القوانين الإسلامية» وهي مشحونة بعدم المساواة ومعاداة المرأة والتمييز الديني وانتهاك حقوق الإنسان لا تمت للإسلام بأية صلة.
بل وعليّ أن أؤكد هنا أنه لا عملية الرجم ولا عملية اغتصاب السجناء من الرجال والنساء ولا بتر أطراف الجسد لا صلة لها بالإسلام والقرآن إطلاقًا.
إن هذه الأحكام ليست أصلاً إلا مختلقات وملفقات تم تدوينها خلال قرون مضت لتبرير مصالح المستبدين، وفي أفضل حالات منها ليست إلا أحكامًا مجمدة يريد حكام إيران تنفيذها بذات الصورة التي كانت عليها قبل 14 قرنًا من دون الأخذ بالاعتبار ديناميكية القرآن والإسلام.
إن عهد الإمام على بن أبي طالب (ع) إلى مالك الأشتر النخعي عند ما ولاّه على مصر يظهر بوضوح مدى كذب ودجل الملالي المجرمين الحاكمين في إيران الذين ينسبون اليوم أنفسهم إليه زورًا وبهتانًا، حيث يقول الإمام علي (ع) في هذا العهد أو الكتاب الذي أرسله إلى مالك المكلف بإمارة مصر: «أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاكَ بِهِمْ.... وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّي مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ...».
التشريع الذاتي للشعب
إن القوانين التي يقوم المتطرفون بسنها باسم الإسلام ويفرضونها على حياة الناس الاجتماعية والسياسية ويجعلون تنفيذها ملزمًا وواجبًا على الإطلاق لا تمت للإسلام بأية صلة. إن القرآن قام في حالات محدودة بتبيين الأحكام وحتى هذه الأحكام ومع كونها تخص مرحلة تاريخية محددة كانت وفي ذلك العهد قفزة ودفعًا إلى الأمام وفاتحة الطريق أمام مناسبات أكثر تقدمية.
إن القرآن تناول في معظم آياته تبيين الكون وفلسفة حركة التاريخ ومسارها التطوري ومضمونها التحرري ومسؤولية الإنسان عن نيل الحرية والمساواة وبناء مجتمع تكون فيه القيم الإنسانية ذات أعلى وأسمى الأولويات. ولكن تدبير العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قد ترك للإنسان نفسه حتى يقوم به بالاستلهام من القيم المذكورة وبالتناسب مع كل مرحلة من مراحل التاريخ.
رفض الاستبداد
إن الإسلام يحترم سلطة الشعب إذًا يرفض أي نوع من الاستبداد والأنانية والطغيان.
إن النبي الكريم (ص) وبرغم اتصاله بالله عن طريق الوحي لم يكن يتخذ القرارات الهامة من دون التشاور مع الآخرين وحتى كان أحيانًا يفضل رأي الآخرين على رأيه الشخصي.
ويخاطب الله سبحانه وتعالى في القرآن رسوله الكريم سيدنا محمد (ص) قائلاً: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (الآية 159 من سورة آل عمران).
فتلاحظون أن الله سبحانه وتعالى يوصي رسوله في القرآن ليس بالتشاور مع الأصدقاء والموالين له فحسب وإنما مع المعارضين والذين أساؤوا النبي.
وهناك في القرآن الكريم سورة تسمى ب «الشورى» جاء فيه: « وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (الآية 38 من سورة الشورى).
كما وقد رفض القرآن أي إكراه في الدين والعقيدة حيث يقول الله سبحانه وتعالى: ««لاإكراهَ فِي الدينِ قد تَبيّن الرشدُ مِنَ الغَيّ» (الآية 156 من سورة البقرة) وكذلك يقول: «فَبشّر عِبادِ الذينَ يَستمعونَ القولَ فَيتَّبِعونَ أحْسَنَهُ» (الآية 17 من سورة الزمر) وأكد بذلك على حرية الرأي.
كما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ» (الآية 99 من سورة يونس).
أمثلة تاريخية
في العقود والقرون الماضية أكد على هذه الحقائق كثير من رجال الدين رفضوا وضع دينهم في خدمة الأجهزة الحكومية ومنهم المرحوم آية الله الشيخ محمد حسين النائيني أحد كبار مراجع الشيعة في مطلع القرن الماضي وقف بوجه أولئك الذين كانوا يعملون على اختلاق مبررات دينية للديكتاتورية الملكية السوداء آنذاك فقام بتأليف كتاب في عام 1909 بعنوان «تنبيه الأمة وتنزيه الملة» أكد فيه ضرورة تأسيس نظام برلماني ورفض الأنظمة الاستبدادية. واستند في كتابه إلى آيات قرآنية وأحاديث واستدلالات فقهية خاصة للشيعة حتى استخلص النتائج المنطقية التالية:
- الإسلام يرفض نظام الحكم الاستبدادي.
- الإسلام يحترم الحرية والمساواة.
- نظام حكم قائم على القانون والبرلمان هو أفضل نظام حكم ممكن في العصر الحاضر.
وقد ندد النائيني في كتابه بشدة بالاستبداد المتستر بغطاء الدين، قائلاً: «إن العلماء المستبدين هم قراصنة الدين الحنيف ومضللو الناس البسطاء». وأضاف يقول: «إن اجتثاث الشجرة الخبيثة للاستبداد السياسي أو استبداد الدولة أسهل بكثير من اجتثاث الاستبداد الديني».
هذا وإن المرحوم آية الله السيد محمود الطالقاني الروح الحقيقية للثورة الإيرانية ضد الملكية قال في خطبته المعروفة لصلاة الجمعة والتي ألقاها يوم 8 أيلول (سبتمبر) 1979 في مقبرة «بهشت زهراء» (جنوبي طهران) قبل عدة أيام من وفاته وفي الوقت الذي بدأ فيه خميني وبعد مضي 6 أشهر على انتصار الثورة بالقضاء على الحريات السياسية: «إن الاستبداد الديني هو أسوأ ضروب الاستبداد». وأضاف يقول: «إن الفرض باسم الدين هو أخطر حالات الفرض، أي أن يقوموا بتقييد وتوثيق أيدي وأرجل الناس باسم الله وبما ليس من الله ومن الحق، وأن لا يعطوا الحق لأحد أن ينتقد وأن لا يعطوا الحق للمسلمين وأبناء الشعب أن يمارسوا النشاط بحرية... إن الإسلام يدعو إلى الرحمة والحرية... علينا أن نرفع منذ الخطوة الأولى راية الرحمة... لقد قال الإمام على (ع) "من استبد هلك"... فانصرفوا ودعوا هؤلاء الناس ليتحملوا المسؤولية... انبذوا العنجهية والأنانية، انبذوا فرض العقيدة على الآخرين، انبذوا الاستبداد المتستر تحت غطاء الدين...».
مواقف قائد المقاومة الإيرانية
في هذا المجال قال قائد المقاومة الإيرانية مسعود رجوي: «إن موضوع الصراع الرئيس بين الشعب الإيراني والنظام الخميني كان ولا يزال منذ اليوم الأول: إما سلطة الشعب وصوت الشعب وإما ولاية الفقيه وسلطة الملالي؟... هذه هي روح وجوهر وخلاصة نضالنا ونضال شعبنا طيلة السنوات الثلاثين الماضية وهو نضال قدمنا على دربه 120 ألف شهيد».
وفي خضم الثورة الإيرانية ضد الملكية في عام 1979 وجه خميني عبر طرق مختلفة بما فيها بواسطة ابنه أحمد رسالة إلى المجاهدين وشخص مسعود بأنه إذا رضختم لولاية الفقيه وقيادة الإمام فسوف تكون جميع أبواب الحكم والسلطة وجميع المناصب الحكومية مفتوحة أمامكم بمصراعيه. وكان خميني يعرف جيدًا أن المجاهدين وبفضل ما اكتسبوه من الشعبية والمصداقية نتيجة نضالهم ضد الشاه وإيمانهم بالإسلام يمكن لهم أن يصبحوا خير مساعدين له. ولكن المجاهدين قدموا ردًا لخميني أثار بشدة حفيظته وهو «إننا مستعدون للتعاون مع سماحتك ولكن شريط أن يكون المعيار بيننا وبينكم الانتخابات الحرة وصوت الشعب».
ولكن خميني رفض ذلك واعتمد نهج القمع والقتل والاستبداد فثبت مدى صواب وضرورة رسم الحدود تجاهه.
إذًا التحية والسلام لقائد المقاومة الإيرانية مسعود رجوي الذي شخص منذ اثنين وثلاثين عاماً رمز المقاومة وعزة المجاهدين وحركة المقاومة الشعبية في رسم حدود قاطعة لا تقبل المساومة تجاه ولاية الفقيه. انه أكد في الكثير من كلماته أن ولاية الفقيه شرك وأن رمضان يصبح مباركاً في رسم الحدود تجاه الشرك المتمثل في ولاية الفقيه. نعم رمضان يصبح مباركاً في رسم الحدود تجاه ولاية الفقيه.
ولاء الزمرة المغلوبة في الحكم لولاية الفقيه
خلال عام مضى انتفض أبناء الشعب الإيراني مرات عديدة ضد الملالي الحاكمين في إيران هاتفين بشعار «ليسقط مبدأ ولاية الفقيه» وهو الشعار الذي يرمز إلى أهم واقع في هذه الحقبة من التاريخ وهو ضرورة إسقاط هذا النظام الذي يسير بالضد من التاريخ.
إن قادة الزمرة المغلوبة في الحكم الذين رافقوا الانتفاضة في العام الماضي لمدة ما احتجاجًا على التزوير والتلاعب في الانتخابات الرئاسية مازالوا يعبرون عن ولائهم لدستور «ولاية الفقيه» ويكررون دومًا أنهم يريدون إبقاء نظام الحكم الحالي ويحاولون التصدي للإرادة الشعبية العامة خاصة الشبان من أجل تغيير هذا النظام. إنهم وفي الوقت نفسه يظهرون أنفسهم كأنهم يدافعون عن الإسلام فيما إن الولاء لهذا النظام اللاإنساني يناقض قيم الإسلام الذي يدعو إلى طرد المستبدين ومهلكي الحرث والنسل.
أكرر، إن السلطة هي حق الشعب، فكل من ينادي بالحرية والديمقراطية وكل من يؤمن بالإسلام الأصيل فبالضرورة عليه أن ينادي بإسقاط نظام «ولاية الفقيه» ونبذ دستور «ولاية الفقيه» وأن يدافع عن حق الشعب الإيراني في السلطة.
مجاهدو أشرف
أيها الحضور الكرام،
إن الإسلام الديمقراطي الذي تؤمن به الحركة المركزية لهذه المقاومة وهي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ليس نظرية أو فكرة فحسب وإنما جسدت هذه الحركة إيمانها بالإسلام الديمقراطي على مسار نضال صعب دؤوب ومديد ضد الفاشية الدينية الحاكمة في إيران وهو نضال بتضحيات كثيرة.
فبالتالي تمكنت هذه الحركة من إفشال التطرف والإسلام الخميني على الصعيدين الاجتماعي والثقافي.
فعلى ذلك يعتبر المجاهدون نقيض هذا النظام ولهذا السبب كانوا وطيلة العقود الثلاثة الماضية الهدف الرئيسي للقمع.
وفي عام 1988 عندما قتل خميني 30 ألف سجين سياسي جماعيًا كان هدفه الأول التصفية الجسدية للمؤمنين بهذه الفكرة.
وهذا هو السبب الذي وراء هجمات ومؤامرات حكام إيران المستمرة ضد أشرف.
خلال السنوات السبع الماضية‌‌‌‌‌‌‌ حاول الملالي الحاكمون مرات عديدة لتدمير أشرف والقضاء عليه. وفي هذا الإطار وبطلب قدمه خامنئي اقتحمت القوات العراقية‌‌‌‌‌‌‌ مخيم أشرف يوم 28 تموز (يوليو) عام 2009 وهاجمت سكانه مما أسفر عن استشهاد 11 منهم وإصابة 500 منهم بجروح. وحاليًا يخضع أشرف لحصار جائر مستمر منذ 18 شهرًا وحتى الآن.
وقد صمد أشرف أمام كل هذه الضغوط والمضايقات ويأتي هذا الصمود في حد ذاته خير دليل على جذوره الاجتماعية وثقله السياسي. باعتقادي أن أكبر فضل يتسم به مجاهدو أشرف يكمن في كونهم القوة الرائدة للنضال ضد «ولاية الفقيه» هاتفين بشعار «هيهات منا الذلة» بوجه أي استسلام وتسوية وخنوع أمام «ولاية الفقيه» ولهذا السبب يستهدف نظام «ولاية الفقيه» سكان مخيم أشرف بممارساته الجنونية.
وأمام هذه الهجمات قام الشعب العراقي وعلى نطاق واسع بدعم سكان مخيم أشرف وهم يعتبرون دعم وقوف وصمود أشرف جزءًا من صمودهم ووقوفهم بوجه التغلغل المدمر لحكام إيران. ففي بيانين لهم أكد 5 ملايين و200 ألف مواطن عراقي في عام 2006 وثلاثة ملايين من الشيعة العراقيين في عام 2008 أن أشرف يمثل سدًا منيعًا ثقافيًا ودينيًا واجتماعيًا أمام زحف ظاهرة التطرف الديني الشريرة النابعة والمنطلقة من طهران المحتلة من قبل الملالي الحاكمين في إيران والتي استهدف المنطقة والعالم الإسلامي بأسرهما وخاصة العراق الشقيق.
فأود أن أدعو هنا باسم الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية الأمم المتحدة وحكومات وشعوب العالم خاصة المسلمين إلى العمل على رفع الحصار عن أشرف.
وبوجه خاص أطالب الأمم المتحدة وبإعادة التأكيد على كون سكان مخيم أشرف أفرادًا محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة أن تعلن حظر أي نقل قسري لهم داخل العراق وأية ممارسة عنف ضدهم وأن تضع فريق الرصد والمراقبة في أشرف.
كما أطالب الولايات المتحدة الأمريكية وفي إطار تعهداتها الدولية وتنفيذًا للاتفاقية التي وقعتها مع جميع سكان أشرف كلاً على انفراد بأن تضمن حماية سكان مخيم أشرف وفريق «يونامي» للرصد والمراقبة وأدعو العالم كله إلى حثها على إنجاز هذا الواجب. كما أناشد إخواننا المسلمين والعرب أينما كانوا أن يهبوا إلى مساعدة ومناصرة أخواتهم وإخوانهم المسلمين في أشرف. فإن الدفاع عن أشرف جزء ضروري من معركة مواجهة التطرف الوحشي المنفلت الذي يهدد المنطقة والعالم بأسرهما.
أقدم جزيل شكري لكم جميعًا وأدعو الله العلي القدير على أعتاب عيد الفطر المبارك أن ينصر الشعب الإيراني المنتفض من أجل تحقيق الحرية وأن يحقق السلام والصداقة في كل العالم. رَبَّنا اَتمِم لَنَا نورَنَا وَاغفر لَنَا إنَّکَ عَلَى کلّ شيء قَدير، وشكرًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.