لم يكن توصيف صحيفة الجارديان اللندنية لعلي البيض بالدكتاتور الذي حكم جنوب اليمن بالحديد والنار من باب الاستهلاك أو التشبيع للمصطلحات بل هي الحقيقة بعينها إذا ما أخذنا ذلك بعين العقل ، فلا يستطيع أحد من الجنوبيين إنكار مثل هذه الديناصورات التي لا تشعر بالعار ولا الندم أمام الله والناس مما جنوه على الجنوب ،بل ولا يشعرون بالخجل من الكذب الفاضح من أنَّ الخلاف بين تياراتهم الكرتونية الوهمية بالأصل سياسي وهو بالحقيقة خلاف شخصي بحت حيث ورفاق الأمس هم أعداء اليوم وجوهر خلاف الأمس هو خلاف اليوم ويختزل في الكرسي ، و كما أنَّ دماء عشرات الآلاف في السابق كانت رخيصة بالنسبة لهم من أجل نزاعاتهم الشخصية حول السلطة فهم مستعدون لتكرار نفس السيناريو وبأي ثمن . من وجهة نظري لا اعتقد أنَّ هناك وصف ألطف يصف الأداء الرخيص لزعيم تيار الحركة الانفصالية في الخارج ( الخرف علي البيض) من الانتهازية والسفور ، فلم نرى في حياتنا مثل هذا الشخص السادي والذي يجري الحقد والكراهية في عروقه جريان الدم ويعشعش الكِبر وباطل الظن في نفسه ولسانه كالإبليس الذي أودى بآدم وبنيه إلى هذه الدنيا ليقاسمونه شقاءه وبؤسه حتى حين، فالرجل قد أعمت بصيرته الأموال الإيرانية وحبها وأدمنت نفسه الاستلذاذ بالدماء التي تسيل صباح مساء وبصنوف المعاناة والضائقات اليومية التي يعيشها هذا الشعب المكلوم، كون المتتبع لأحاديث الرجل وتصريحاته لا يجد فيها غير الوعيد والتهديد والتصعيد الفارغ من محتواه (فاقد الشيء لا يعطيه).
فيتحدث وفريقه المفلسين عن الجنوب وأهله الذين يتضوَّرون جوعاً وفاقةً وكأن كافة أهل الشمال قد امتلأت بطونهم من طِيب الدنيا وأن الأرضَ قد سُوِّيت لهم ؟ ونقول في هذا المنحى إن المصائب التي جثمت ولا تزال على صدر الناس لهي من صنيعكم وعنترياتكم الفارغة، ألستم أنتم بضيق أفقكم وعدم وجود الحكيم فيكم حتى لمجرد مشاورة الناس من فرَّضتم على الشعب الوحدة الاندماجية ( التي ينص دستورها بموجب توثيق ذلك في الأممالمتحدة والقانون الدولي على أنه ليس من حق الجنوبيين الانسحاب وتغيير صفة الدولة ) ؟ ألستم القائلين لا صوت يعلو فوق صوت الحزب وبعد الميتة وخراب الديار تعودون للحلم بالحكم من جديد؟ فلماذا لا تكون الحكمة ضالتكم لكي تحقنوا دماء الشعب وتحافظوا على ثرواته ومقدراته إذن قبل إهداره ؟
والحقيقية التي لا تغيب أن نظام عفاش الجنوب التسلطي كنظيره الإجرامي في الشمال وبفعل ممارسته الهمجية الرديفة له قد عمل جاهداً على استشراء كل أمراض التخلف المجتمعي لدى الشعب وبدوامة جهنمية من القتل والتعامل بالحقد والكراهية الغير مبررة تجاه أبناء مناطق بعينها وذلك من خلال حملات البطش والنظرة الدونية وفرض الثقافة الأحادية التي تعتبر اللجنة المركزية والحزب كمرجعية مقدسة ، فكانت التجليات هي الحالة المزرية الميؤسة التي أغرقت الناس في بحور متعمقة من المعاناة وأمواج من المأساة الإنسانية وهذا هو الشيء الذي سيظل عالق في ذاكرتهم ويجعلهم متمسكين بوحدة التراب اليمني.
واليوم وليس ببعيد ها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد ، فعصابة البيض ذو الثقافة الأحادية المسخة يسخرون ما تدره عليهم طهران من أموال مغسولة ليسقطوا البلد في مستنقع تفاقمت المأساة في أروقتها نتيجة لدناءة تلك الشلة التي جمعتها الظروف الزمانية والمكانية ، بل وأن قمة الاستهتار رغم تلك الخريطة التراجيدية ظلت تلك الحفنة تستقطب بعض السذج والمرتزقة وفاقدي الضمير من أبناء خريطة المأساة في إطار الترميز التضليلي بإشراكهم في بعض المؤسسات الوهمية وتسليط الضوء عليهم لإعطاء انطباع زائف عن مشاركتهم في السلطة مستقبلاً ويبقى وضع مجتمعاتهم مغيباً وتعيساً وهؤلاء الأرجوزات هم الآخرون يتاجرون بحقوق أهلهم من أجل مكاسب شخصية وهذه إحدى أشكال التمييع لحقوق المغلوبين على أمرهم.
أخيراً نود القول لشبيحة البيض (الحراكيش المسلحة) في عدن وبعض مدن الجنوب أن بلطجتكم المراهقة التي جلبت الخوف والشحناء والبغضاء بين السكان لهي من عنصريتكم وماركتكم ببراعة ، وبالتالي من الضرورة بمكان تبشيركم بوجود آلية حاسمة قيد الإعداد لتفكيك هذه الذهنية المريضة وانتشال الوضع من تلك الخريطة المأساوية التي انحصرت ملامحها وارتسمت تضاريسها بجبال وهضاب من التخلف القادم من وراء أكمة أصحاب منطق (ماشي دولة) بكسر اللام طبعاً ، لأن المراهنة على من يملكون العقول والذاكرات القوية فقط ، إما من أصيبوا بداء الخرف المبكر فهم في خانة الأموات ، والجنوب باقٍ وقضيته العادلة ستتوج بالحل العادل وبدعم العالم ولتذهب دمى الخارج جميعها صوب جهنم العمائم السوداء وحوزاتها المبتذلة.