بعد فشله السياسي المستميت وتآكل نفوذه في الداخل على أتباعه من المراهقين الذين يلهثون وراء المادة ، وبغية تحصين وستر ذات زعيمه الخرف علي البيض من المكشوف في الداخل ، ومن أجل تعكير الأجواء على الخصوم في الطرف الآخر (جناح باعوم) ، وإشعال الفتن بين شرائح المجتمع ، وجد فصيل (مُلكي البيض) الذي يتخذ من الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت وكراً له وبحسب تجربته البليدة موضوع (الهبة الشعبية لحلف قبائل حضرموت) بأنه قد يحقق له كل تلك الغايات من خلال استخدام الخطاب الجهوي والمناطقي والعشائري المُطعم بالفتاوى السفري لنفر من مُلحدي الشيوعية المتدثرين بغطاء الدين ، فمنذ حادثة الشيخ بن حبريش رحمة الله عليه نرى ركوب الفصيل المذكور موجة الهبة لا لشيء سوى لحرف الأنظار عن تقديم تنازلات مطلوبة شعبياً في ميدان السياسة وغيرها. فما عكسته بعض الشاشات التلفزيونية المُأجندة ومقالات الصُحف الرخيصة والمنتديات الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي وتصريحات وشطحات المعنيين زعماً بالمسألة الجنوبية ، أفصحت وبكل وضوح عن مجون سياسي وأخلاقي وعمليات استئصال معنوية وجسدية تترجم في صور شتى ، ويُعبّر عنّه بلغة بذيئة تخرج الإنسان من آدميته في ما يشبه حفلة شراب ليس فيها ما يدلّ على جنس بشر سوى الهياكل العظمية بجماجم فارغة يتردد فيها صدى الأفكار المجدبة ، هذا ناهيك عن ما يشبه التناغم الإعلامي المنحط لنفايات وفضلات اليمن (الثنائي عفاش و البيض) ليلة الهبة وتصوير مدن كعدن والمكلا وشوارع كسيئون وكابوتا وكريتر بأنها في قلب جوبا عاصمة جنوب السودان التي تشهد توتراً أمنياً غير عادي ، بل أن هناك صُحف ومواقع الكترونية معروف تبعيتها تحوّلت إلى ما يشبه مراكز أمنية تتوّعد جمهور القراء بعقاب جماعي ، وثمة قنوات تبّث حوارات عقيمة تنضح كراهية وتحرّض على الفتنة ، فتجد نشاطات جماهيرية وهمية تحت عناوين شتى (مدفوعة الثمن سلفاً) لا تمّت بصلة إلى الواقع المعاش في الميدان ، بل هي جزء من حرب المحاور، لا تلبث أن تنقلب إلى فاصل هلوسة جماعية مضمخة بكل مفردات وصور البذاءة وعدم احترام عقول الجماهير.
وفي هذا السقوط يمكن للمواطن العادي ملاحظة بأن لا فرق فيه بين أحد ، رجال الدين والدنيا على قدم المساواة ، فتجد الدين عند هولاء يستعمل كمسوّغ للقتل ولانتهاك المحرّم الأخلاقي والإنساني ، بل وتستحضر بعض كائنات ما يسمى (( بالهيئة الشرعية الجنوبية الكرتونية )) أدلة الإثخان في القتل وإنزال الرعب في قلوب من يعتبرونهم خصوم ، فتصل بهم وقاحتهم وغيهم لأن ينتزعون عداوة افتراضية لله ضد خلقه بحق المواطنين البسطاء ممن يحسبون جغرافياً على الشمال إرضاءً لمنابع تكسبهم في الضاحية ، وفي مثل هذا الأرضية عالية الخصوبة للنزعات الوصولية يصبح التنفّع سمة الصفقات ، فاستدراج عروض فتنويه بصك ديني كالذي حدث في شبوة وسيئون (فتاوى بن شعيب) ، لا يتطلب سوى العثور على الوسيلة الموصلة إلى المال الملوّث بدماء الأبرياء وعرق الفقراء وبصمات العمالة لكل ما هو في خانة المشروع الاستقطابي ودخول أجهزة بني فارس وآل سعود الاستخباراتية على الخط عبر مندوبين مجهزين ، وليس ببعيد قصة لقاء الأمير بندر بكبار عشائر حضرموت في مدينة جدة .
نعم اليوم فشلت غرفة عمليات حراك بيروت مجدداً ويشهد مشروعه الارتزاقي أسوأ حالاته من خلال تفجير أقصى ما يمكن أن تصل إليه ضدّيته ، فتجد شماتة عارمة تطفح بها وسائل إعلام عدة وسعادة غامرة عبر عنها عدد كبير من الناس فرحاً بانبلاج الحقيقة وكشف مآرب دينصورات الماضي الأليم للجنوب ..أما بالنسبة للمراقب السياسي فإن نشوة التشفي من جانب إعلام المخلوع كانت بادية للعيان حتى وصلت إلى حدود أخرجت أولئك الطبالين عن حدود اللياقة والأدب وإلاّ لما وجدنا الحنق والحسرة إلى جانب التحريض غير المسبوق في وسائلهم الصدئة إن لم يكن انهياراً غير معلن .