عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور حمود العودي ل "الجمهورية":
متغيرات المشهد السياسي الراهن فرضتها ثورة الشباب السلمية !
نشر في الجمهورية يوم 31 - 03 - 2013

وصفه بأنه أشبه ما يكون بغيث غزير هطل على صحراء كانت مجدبة وجافة من زمن طويل
للسياسة دورٌ أساسي في تشكيل هوية المجتمع.. فهي إما أن توحد هوية المجتمع وانتماءه إذا وجد الاستقرار السياسي ووُجدت جماعات سياسية وطنية تتنافس بشرف وفق ثوابت وطنية متفق عليها، وقواعد محددة تساوي بين الجميع دون تمييز.. وبالمقابل قد تقود السياسة إلى تمزيق هوية المجتمع الواحد حينما تسعى الجماعات السياسية المتصارعة إلى تحقيق أهدافها ومطامعها السلطوية عبر خلق وتكريس تمييز اجتماعي يقوم على المناطقية والمذهبية والعرقية والسُلالية.
فما هي انعكاسات المتغيرات السياسية الراهنة على المجتمع اليمني؟ وهل يستطيع مؤتمر الحوار الوطني الخروج بنتائج إيجابية تحفظ للمجتمع اليمني هويته وتماسكها ووحدتها؟ وما هو مستقبل التوجهات السياسية والفكرية التي تمتطي صهوة جواد التمييز الاجتماعي بأبعاده الجغرافية أو العرقية أو الأثينية والسُلالية؟.. هذا ما ناقشناه في هذا الحوار مع الدكتور حمود العودي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء رئيس مركز دال للدراسات الثقافية والاجتماعية، والذي له إسهامات ومؤلفات في هذا المجال آخرها كتاب بعنوان (العنف والتمييز الاجتماعي بين أشكاله الثقافية وأبعاده السياسية).. وإليكم نص الحوار..
انعكاسات
بداية د. حمود نبدأ من اهتمامك الأكاديمي بالدراسات الاجتماعية ذات الارتباطات السياسية والتنموية, هل يمكن أن توضح لنا انعكاسات المتغيرات السياسية الراهنة على المجتمع اليمني؟
أولاً اسمح لي أن أعبر عن شكري وتقديري لصحيفة الجمهورية التي تحقق قفزات وخطوات نوعية متميزة.. أما ما يتعلق بالمشهد السياسي الراهن بما يعتمل فيه من متغيرات فرضتها ثورة الشباب السلمية وما يظهر فيه من تمايز وتمييز اجتماعي سلبي أستطيع أمثل هذا المشهد بأنه أشبه ما يكون بغيث غزير هطل على صحراء كانت مجدبة وجافة من زمن طويل وهذه الوضعية كما يقال أن الأرض المجدبة إذا أمطرت فإنها تخرج نباتات شتى منها ما هو مفيد وطيب ومنها ما هو غير مفيد وخبيث, وهناك نبات يُعمر سنين طويلة ونبات لا يعمر سوى فترات قصيرة وبالتالي المشهد هو هكذا كله الآن نباتات وكله مظاهر وكله حركة, وتستطيع أن تلاحظها بدءًا من شباب الثورة النقي الطاهر الذي فتح صدره سلماً لكي يتقبل الموقف في كل الميادين والمساحات وواجه الموت بشجاعة مقدماً تضحيات جسيمة وعلى رأسها التضحيات التي قدمها في جمعة الكرامة.. إلى أن تصل إلى بلاطجة قطاع الطرق وشيخ أبو خبطة..
تمايزات
ما أقصده في سؤالي أن المشهد اليوم يشهد مساعي عدة لإثارة وإبراز وتكريس تمايزات اجتماعية تقوم على أبعاد مناطقية جغرافية وعقائدية مذهبية وطائفية وسُلالية.. إلخ, هل من إيضاح وتفسير لذلك من وجهة نظرك كأكاديمي وناشط سياسي اجتماعي؟
هذا المشهد موجود لكن ما أريد أن أقوله بأن هناك قطاعات مجتمعية بالغة الأهمية إما مُغيَبة أو مُغيِبة لنفسها بصورة مباشرة أو غير مباشرة, على سبيل المثال الشخصيات الوطنية العامة التي ناضلت ضد الملكية والإمامة وضد الاستعمار وأعطوا أغلى ما عندهم, والذين منهم من لا يزالوا موجودين معنا ومنهم من قضى نحبه.. هذا المكون غائب ومغيب لأن السياسة غيبته طوال العقود الأخيرة وهو أيضاً ألتزم الصمت للأسف وكان يجب أن يقول كلمته في هذا المشهد.. فئة أخرى غائبة ومغيبة وهي فئة رجال المال والأعمال وهي أقوى قوة حداثية في اليمن وغير اليمن والتي لا يمكن بدونها أن تحدث نهضة أو تغيير لبناء مجتمع جديد ودولة مدنية حديثة وكل ما يفكر ويطمح فيه الناس.. هؤلاء بالرغم من أنهم هم الأكثر خسرانا في الأحداث التي رافقت ثورة 11فبراير 2011م وحتى الآن لأن الكثير منهم فقد رأسماله وفقد غربته, هؤلاء صوتهم أيضاً خافت ومغيب وغير موجود.. لو أضفنا فئة أخرى وهي فئة الفلاحين الذين يمثلون 70 % من تكوين المجتمع اليمني.. هؤلاء الريفيين الذين يدفعون الثمن غالياً في كل المراحل وحتى الأن, وأيضاً فئة العمال الذين ترتكز على أكتافهم حركة الوطن, لدي إحصائية تقول بأن هناك أكثر من (800) ألف عامل ومستخدم فقدوا وظائفهم وسرحوا من القطاع الخاص بسبب العنف الذي قوبلت به ثورة الشباب السلمية.. إذاً هناك أطراف حاضرة في المشهد وهناك أطراف غائبة أو مغيبة..
ألوان طاغية
إذا نظرنا إلى الألوان الطاغية على المشهد السياسي والأصوات الصاخبة فيه.. هل تجدها ألوانا طبيعية وأصواتا منطقية؟
لا؛ إذ من المفترض أن يكون الصوت الأقوى هو صوت الوطن وصوت الثورة وصوت الجمهورية وصوت الوحدة, وصوت كل الثوابت التي ناضل الناس من أجلها.. لكن للأسف أن الأصوات السائدة والبارزة هي أصوات متخلفة تعبر عن مشاريع صغيرة على حد تعبير الأستاذ ياسين سعيد نعمان صاحب الامتياز في هذا المفهوم (يقصد مفهوم المشاريع الصغيرة)؛ إذ نجد أن هذه الأصوات نتنة وكأنها حُفر فُتحت وصعدت روائحها الكريهة التي تزكم الأنوف بدءًا من المناطقية إلى الطائفية إلى السلالية إلى الانفصالية إلى من يريدون أن يكونوا وكلاء أرحم الراحمين ويستبيحوا دماء الناس تقرباً إلى الله حد زعمهم و بالأصح إلى الشيطان.. هذه التمايزات هي التي تصعد اليوم ويرتفع صوتها بينما صوت الوطن هو موجود لكنه لا يزال في ضمائر وعقول الناس وعليهم أن يرفعوا هذا الصوت ليصل الأسماع.. المشهد الوطني كشف عن الوجه الحقيقي لكل القوى التي ظلت تتستر زمن طويل بالشعارات وبالادعاءات باسم الأممية وباسم الثورية والبوليتارية واليوم هم يحجون إلى قم وإلى الضاحية الجنوبية في بيروت, وكذا الذي يتكلم عن الثورة والجمهورية والعدالة ويريد أن تموت أمريكا وإسرائيل وهو في الحقيقة يبحث عن حق إلهي مقدس في السلطة.. يعني بأي منطق أو عقل يمكن يقتنع الزمن والعصر ونحن في الألفية الثالثة بمثل هذا الخطاب الفج المخزي بأن يأتي أحد اليوم يتكلم ويبحث عن سلطنة أو إمارة وينكر يمنيته وهو الذي زايد بالأممية إلى آخر الكون.. أو يأتي شخص يدعي بأنه ينتظر شبحا أو خرافة تخرج من كهف لكي تملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلئت جوراً,.. يعني بعد خمسين سنة من الثورة والجمهورية من المؤسف أن نجد مثل هذه المسائل المخزية والمؤلمة.. وكذا من يبحث عن فك ارتباط.. اليوم العالم أصبح قرية والدول الكبرى تتحد ولم يعد لأي مجتمع بل لأي فرد أن يلعب دورا إلا في النطاق العالمي, بمعني أن الفواصل والعزلة بين البشر بدأت تذوب وتنحسر.. وبالتالي من يبحث اليوم عن قرية أو عن خرافة لكي يستند إليها في أن يقرر مصائر الآخرين هو يمارس شكل من أشكال الخزي في الألفية الثالثة.. الذي يدعي باسم الله وباسم الدين والدين منه براء هو يقتل الناس ويقود حرباً ضد شعبه.. والحروب تُدار اليوم في مسيرة الربيع العربي من قبل الحكام ضد شعوبهم بينما نجد من يناصر قضايانا من أخر الدنيا من شافيز إلى جولدستن اليهودي.. إلخ, علينا أن نعيد حساباتنا ونتجاوز القوقعات الضيقة التي يحاول البعض أن يدخلونا فيها.. وهذه الأمور ينبغي على كل إنسان حر أن يدافع عن عقله؛ لأن مثل هذه المشاريع التافهة والصغيرة تسخر بعقول البشر وكأن المطلوب منا أن نتحول إلى دراويش ونلغي نعمة العقل والمنطق، ناهيك عن العلم والتكنولوجيا والعالم الذي يترابط الآن مع بعضه البعض على امتداد الكرة الأرضية.
تفاؤل
لكن البعض يرى ذلك مشهداً طبيعياً.. ويشبه عملية التغيير القائمة كهدم بناية مهترئة ومتشققة كانت تعشعش في تشققاتها وزواياها وأركانها المظلمة حشرات وزواحف وروائح نتنة وتظهر بين أنقاض الركام بعد الهدم.. فهل ترى أن مؤتمر الحوار سيتمكن من رفع وإزالة هذا الركام المتخلف, وهل سيتمكن الحوار من تسوية الأرضية لبناء الدولة المدنية التي ينشدها كل أبناء المجتمع اليمني؟
أنا من المتفائلين بالحوار ولا أحب التشاؤم, فالحوار هو مبدأ إنساني وهو الخيار الوحيد الذي لا خيار غيره سوى التمزق والاقتتال, ونحن والحمد لله قد أوقفنا صوت العنف والقتل وبدأنا نفتح ونصغي لصوت الحوار رغم أن أدوات القتل والعنف ما تزال وراء ظهورنا. والمتحاورون دخلوا قاعة الحوار ووراءهم أدوات العنف, ومع ذلك كان القوام الذي ارتكز عليه الحوار في ترتيبه وفي فئاته رائعا جدا وهناك توخ لمنح فرص حقيقة لكل الأصوات وكل الأطراف لكن الذي خيب الظن هو نوعية الأشخاص والأفراد الذين دخلوا باسم هذه الفئات المجتمعية الواسعة التي ليس لها لا مدافع ولا دبابات ولا جنود مجندة, وهذه الفئات تبدأ من المرأة إلى الشباب إلى منظمات المجتمع المدني, حتى الشخصيات المشمولة في بعض القوائم جاءت مخيبة لأنه تم اختيار أفرادها من ناس لا يمثلوا أصواتهم الاجتماعية كما ينبغي ولا يحظون بثقتها والشيء الآخر أن النمط العائلي والأسري قد طغى على كثير من الحالات حتى الحالات الحزبية والحالات الأخرى أن يأتي ستة أفراد من أسرة واحدة, ويأتي شخص مع زوجته, وواحد آخر مع بناته.. أعتقد أن هؤلاء الأشخاص افتقروا حتى إلى الخجل أمام الناس.. في حين أن هناك شخصيات بوزن الجبال قاعدة في بيوتها وفي أماكنها وتستطيع أن تسهم بأشياء كثيرة ومع ذلك نستطيع القول إن هؤلاء الذين هم أساس المشكلة وهم أطراف العنف والفساد موجودون في الحوار, ولا ننكر أن في الحوار أيضاً أشخاصا وطنيين موجودين ويوجد أيضاً صوت وطني في الحوار.
صوت وطني
الصوت الوطني الذي أشرت إليه ألا يستطيع تحقيق شيء؟
هذا الصوت هو الأضعف وهو الطرف المحدود الذي لن يستطيع أن يحقق أغلبية إلا إذا وجد ضغط مجتمعي من خارج الحوار وهذا ما ندعو إليه نحن كمنظمات مجتمع مدني؛ لأننا نريد أن ينجح الحوار بأي شيء كان ونتمنى أن يصلح الفاسدون أنفسهم ويفهموا أن هذه الفرصة لن تعوض ونريد لهم أن يسلكوا جادة الصواب ونريد لصوت الوطن المحدود داخل الحوار أن يقوى ويكون قوياً.
ضغط مجتمعي
الضغط المجتمعي الذي تحدثت عنه كيف يمكن إيجاده؟
على كل الناس خارج الحوار أن ينتظموا في قوة مجتمعية ضاغطة وضامنة تبعث برسائل قوية للحوار لكي يسير في الاتجاه الصحيح وأن الوطن ليس ملكاً للمتحاورين, وأن المتحاورين ليسوا هم أفضل من يمثلونه ولكن الأقدار هي التي جاءت بهم بتوافقات إقليمية ووطنية؛ ولذا نتمنى أن يصلحوا ما أفسدوه وبالتالي نصل بالوطن وبهم إلى بر الأمان وهذا ما نتمناه ونحن نعمل في هذا الاتجاه ونتمنى الخير للجميع.
وجدان متماسك
هل تتوقع أن يخرج مؤتمر الحوار بنتائج تُنهي حالة التمييز والفرز الاجتماعي المتخلف, أم أنه سيُنتج مخرجات قد تنحو بالمجتمع منحاً سلبياً يكرس المزيد من التمييز الاجتماعي و الفرز المناطقي والسلالي والمذهبي؟
أنا لدي ثقة مطلقة بأن ضمير هذا المجتمع سليم وأن وجدان المجتمع اليمني متماسك إلى أبعد الحدود فهو ليس مجتمع طوائف ولا مجتمع قوميات ولا مجتمع عقائد متناقضة أو متصارعة وكل ما يُثار الآن من محاولات فرز وتمييز اجتماعي ليس سوى عمل سياسي بامتياز وليس سوى أوراق سياسية أوجدها ويلعبها السياسيون الذين اتخذوا هذه اللعبة تجارة للتربح, ويتاجرون بضمائر الناس سواء السياسيون الذين في الداخل أو الذين في الخارج.. وبالتالي عندما يعلو صوت الوطن داخل الحوار وخارجه أنا واثق أن كل هذه المشاريع ستتراجع وأن كل المغرر بهم سيعدلون عنها وكل الذين يرغبون في أن يتاجروا بهذه التجارة الخاسرة يجب أن يتراجعوا.. ولا أحد سيثأر من أحد ولن ينتقم أحد من أحد إلى هنا وكفى وصدر هذا الوطن ليس هناك ما هو أوسع منه, فهذا الوطن قد تسامح بأشياء لم يتسامح بها أحد في أي وطن أو بلد آخر, لكن المشكلة هل يعقل هؤلاء ذلك؟!.
منطق مرفوض
في عدد من كتاباتك وكتبك وخصوصاً كتابك الأخير, انتقدت وفندت فكرة الحق الإلهي المقدس في السلطة وأثبت خطأ هذا الفكر المُكرس للتمييز الاجتماعي بسعيه إلى منح حقوق سياسية مطلقة في السلطة لنخب اجتماعية وعائلية محددة على أساس ديني وإثني سلالي.. برأيك ما العوامل التي أدت إلى تقبل المجتمع اليمني دون غيره من المجتمعات العربية لهذا الفكر رغم عدم عقلانيته ومنطقيته؟
لا أنا لا أتفق معك بأن المجتمع اليمني هو الأكثر قبولاً للفكر التمييزي السلالي ولفكرة الحق الإلهي المقدس في السلطة.. بل أقول إن المجتمع اليمني هو المجتمع الأكثر رفضاً لهذا المنطق وهذا الفكر.
لكن هذا المنطق والفكر هيمن عقودا وقرونا طويلة على المجتمع اليمني؟
صحيح أنه هيمن لعقود وقرون لكن أقول لك إن الذي ثار ضد هذا المنطق وأن الذي أسقط الإمامة هم الهاشميون الشرفاء أنفسهم فهم الذين أسقطوها, ولأن الذين روجوا لإسقاطها هم من داخل الفئة نفسها و60 % من ضباط الثورة والجمهورية والشهداء الذين قتلوا قبل الثورة هم من داخل هذه الفئة التي لا أساس لها أصلاً.. لأن هذا المنطق يرفضه المذهب الزيدي ويرفضه الفكر الاعتزالي الذي يعتمد عليه وهو فكر عقلاني منطقي.. وأن تقولات الإمامة كانت تقولات خارج الفكر وخارج المذهب تماما، أن يحول الفكرة إلى وراثة وإلى ملك.. فهذا مرفوض تماما, ويكفي أنه من داخل المذهب الزيدي في اليمن خرجت أفضل مذاهب السنة في العالم الإسلامي حتى الآن, من الإمام الشوكاني إلى المقبلي إلى المقري إلى ابن الأمير وغيرهم من العلماء الذين وجدوا في نطاق الفكر المعتزلي المجتهد المستنير لليمن, وكانوا ضد فكرة الإمامة وضد نزعتها المتعلقة بالحق الإلهي المقدس الذي لم يؤمن به حتى زيد بن علي نفسه رضي الله عنه والذي رفضه تماما.. أما من اجتهد فيه هو الهادي.. أما الآخرون (يقصد مجتمعات عربية أخرى) هم من يؤمنون بذلك, فاليوم الاقتتال الحالي في سوريا وفي العراق قائم على هذا الأساس.. وبالتالي اليمن هي أقل خطورة.. فالمذهب الزيدي كما يعرفه الفقهاء في العالم الإسلامي هو سنة الشيعة وشيعة السنة يعني هو فكر وسطي اعتدالي.. لكن من يقوده اليوم ويتحدثون باسمه هم يجرونه إلى خارج جوهره؛ لأنهم هم اليوم يروجون للجعفرية وللإمامية والحق الإلهي المقدس الذي هو أصل جعفري وليس أصلاً زيدياً لأن الإمام زيد بن علي يقول بجواز ولاية الفاضل رغم وجود الأفضل؛ ولذلك هو يقر إمامة وخلافة أبي بكر وعمر وقد قتل شهيداً دفاعاً عن هذا الرأي في كربلاء, وأنكروا (أي الجعفرية) أنه من أهل البيت ولا يعترفوا بالإمام زيد أنه من أهل البيت إلى الأن لا في العراق ولا في إيران ولا عند الشيعة كلها.. وبالتالي هناك أشياء مغلوطة وغير مفهومة والذي يدور الأن هو تهويش وتضليل ومال يُدفع ويُشتري به بسطاء الناس وضعفائهم, وما يجري من محاولات من قبيل هذا الاتجاه لن تفلح وليست سوى فقاعة ولن يكون لهذا الفكر مستقبل لا في اليمن ولا غير اليمن.
أكذوبة تاريخية
لكن أصحاب هذا الفكر يتوسعون ويجدون لهم أنصارا في العديد من المحافظات؟
يتوسعون كيفما يشاءون لكن أنا أعتقد أن أي إنسان بعقله ويقولون له الموت لأمريكا والموت لإسرائيل لن يصدق هذا الكلام الذي يأتي من باب ذر الرماد في العيون.. ولا يوجد عاقل تقول له دمي ولحمي غير دمك ولحمك سيقبل بهذا الكلام..
لكن الآن ما يجري هو مجرد تهويش ومال يدفع.. وهو مال حرام وملوث يفسد الناس ويجمعهم على خطاء ليس له علاقة لا بمذهب زيدي ولا بمذهب شافعي ولا بسنة.. والأمر ليس سوى طموح إيراني لإيجاد نفوذ في اليمن لكي تحاصر السعودية وتتناكف معها ونحن يراد منا أنا نكون مطية لهذه السياسة لا أقل ولا أكثر.. لكن أنا أثق بأن اليمنيين ليس بيئة صالحة للتعصب الديني على الإطلاق لا باسم الشيعة ولا باسم السنة وهذا التقسيم هو أعظم أكذوبة في تاريخ الإسلام؛ لأنه إذا كان التشيع هو محبة الرسول وآل بيته وأصحابه فهل يوجد مسلم عاقل يكرههم أو يسيء إليهم؟ وإذا كانت السنة هي اتباع الرسول(صلى الله عليه وسلم) وسيرته وما قاله وعمله فهل يوجد مسلم عاقل يعمل بخلاف ذلك.. فتقسيم المسلمين إلى سنة وشيعة هي أكذوبة كبرى ومفسدة أفسدوا بها الإسلام وكل متغيرها وجوهرها هو الصراع على السلطة والثروة لا أقل ولا أكثر.
خاتمة
كلمة أخيرة تود قولها؟
أتمنى من كل الأطراف السياسية بلا استثناء بكل آرائهم ومواقفهم أن كل واحد يراجع ضميره ويتقي الله في نفسه وفي وطنه.. وأن يراهن على هذا الوطن؛ لأنه إذا أعطي أحد وطناً فلا يفسده ولا يتآمر عليه ولا يتسبب في إذلال كرامته كما فعلت السلطة والمعارضة حتى الآن.. اليوم نحن مجتمع تحت الوصاية فلا ينبغي أن نصل إلى ما هو أبعد من ذلك، أن نكون وكلاء عنف وقتل وكراهية وغيره؛ لأننا مجتمع فقير ومجتمع دؤوب والأولى أن نبحث ونناقش حياتنا ومستقبلنا بسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.