في بداية مساءٍ ثقيل موجع وقاتل من مساءات غزة، جلست أم مجدي تحت نافذة بيتها المهدم تنظر إلى السماء المظلمة بصمت كانت تحمل طفلها على حجرها وتهدهده بصوت خافت أما ابنتها روان فكانت تبكي من شدة الجوع ولا تتوقف عن الكلام بصوت واهن : – ماما بطني يوجعني.. همست الأم بصوت مرتجف : – اصبري يا روح أمك اصبري الله معنا جارتها أم ربيع أطلّت من فوق جدارها المنهار وسألتها : أم مجدي جالكم شي اليوم ردت أم مجدي بصوت حزين : لا والله إلا شربة مي وملح قالت أم ربيع : وأنا مثلك خيموا علينا الجوع والموت هؤلاء الصهاي.نة الظالمين . ثم أردفت وهي ترفع رأسها للسماء : يا رب من صنعاء تجينا الصيحة اللي ترد اعتبار هالأطفال ردت أم مجدي بصوت دامع : يا رب لو يسمعونا لو يحسوا بألمنا وبردوا قلوبنا واحزاننا بصواريخهم . * * * كانت الساعة تقترب من السادسة مغرب هذا اليوم حين دخلت أم مجدي للبيت أغلقت الباب بقطعة خشب ولفّت طفلها ببطانية قديمة ثم أشعلت التلفاز الصغير المعلق على الحائط حاولت البحث عن أي خبر يطمئن قلبها فلم تجد شيئًا سوى نشرات تتحدث عن استمرار القصف والحصار في ذات اللحظة في مدينة اللد الإسرائيلية كانت صوت صافرات الإنذار يملأ الأجواء شاب في الخامسة والعشرين يركض في الشارع ويصرخ : ما الذي يحدث امرأة تمسك بطفلها وتصيح : أين الملاجئ أين الشرطة لماذا لا يقولون لنا شيئًا . شاب آخر يتحدث عبر الهاتف : أمي لا أستطيع العودة للمنزل الطريق مغلق يقولون إن صاروخًا سقط في أحد المقاهي أغلق التلفاز فجأة وانطفأت الأضواء وسُمعت صرخة أحد الحاضرين : صاروخ قادم من اليمن . في الملعب توقفت المباراة وساد الهلع جنبات الملعب أصدر الحكم صافرته وأمر اللاعبين بالدخول إلى النفق سقط أحد الأطفال من يد والده أثناء الركض صرخت الأم : أعيدوا لي طفلي فيما رجال الأمن يصرخون بوجوه المذعورين : ادخلوا الملاجئ لا وقت للبكاء وفي غرفة عمليات الدفاع الجوي لجيش الكيان المحتل قال أحد الضباط : لا نعلم كيف مر هذا الصاروخ لقد تجاوز كل أنظمتنا رد الآخر : يبدو أن هناك صاروخًا جديدًا غير معروف في قواعد بياناتنا قال ثالث : هل تأكدنا من مصدره قال رابع : يبدو أن الصاروخ أطلق من الأراضي اليمنية . فيما خامس يحدث نفسه : يبدو ان على الإسرائيلي أن يرتجف مرتين يوم انتهاء حياته ويوم إطلاق صنعاء لشيئ من بأسها باتجاههم *** كانت أم مجدي قد غرقت في النوم من التعب استيقظت روان على صوت تكبيرات من الجيران نهضت الصغيرة وأيقظت أمها ماما قومي التلفاز شغال في شي مهم فتحت أم مجدي عينيها ونظرت إلى الشاشة ظهر العميد يحيى سريع وهو يقرأ بيانًا عسكريًا رفعت روان الصوت وجلست بجانب أمها قال العميد نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية جديدة استهدفت مطار اللد الإسرائيلي بصاروخ باليستي استهدف مطار اللّد في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستيّ فرط صوتي نوع فلسطين2 إِنَّ إخوانَكم في اليمنِ، شعبكم في اليمنِ، أشقاؤكم في اليمنِ، معكم وإلى جانبِكم، وسنبذلُ كلَّ ما بوسعِنا تأديةً للواجبِ تجاهَكم: واجبِ الدينِ، وواجبِ العروبةِ، وواجبِ الإنسانيَّةِ. نثقُ كلَّ الثقةِ بعَونِ اللهِ ونصرهِ وتأييدِهِ. عملياتُنا مستمرَّةٌ حتى رفعِ الحصارِ ووقفِ العدوانِ على غزَّةَ. واللهُ حسبُنا ونعمَ الوكيل، نعمَ المولى ونعمَ النصير *** انتهى البيان ومعه سمعت أم مجدي صوت جارتها تناديها :- أم ربيع سمعتي بيانهم وكلامهم قالت أم مجدي : والله قلبي برد فرحت حسيت حدا سامعنا .. الله يحيي الحوث.ي ... الله ينصر جيشه قالت أم ربيع : كل ما أفزعوهم بحس إنه الدعاء وصل. ردت أم مجدي : وأنا والله كنت أدعي من قلبي يارب رجالك في اليمن قوي عزائمهم قالت أم ربيع : شفتي مش كذبوا ولا سكتوا مثل العرب الخانعين .. ليتهم كانوا جيرانا قالت أم مجدي: أنا اليوم رح أطعم أولادي من فرحتي حتى لو ما عندي أكل بكرا بيجينا الفرج *** في نفس الوقت كان الإعلام الإسرائيلي يعيش حالة صدمة ورعب حقيقيتان قال المذيع في القناة العبرية الرابعة الصاروخ عبر مئات الكيلومترات لم تعترضه أي منظومة كالعادة قال أحد المحللين الاستراتيجيين نحن أمام جبهة جديدة تواصل ضربنا من بعد آلاف الكيلومترات قال مذيع آخر : هل هناك حماية حقيقية لهذا الكيان أم أننا نعيش في وهم الأمن . *** في تلك الليلة لم تنم أم مجدي جلست أمام تلفازها الصغير ثم نهضت من مكانها قامت بترتيب شعر طفلتها وهمست في أذن ابنها النائم : نم الليلة يا مجدي فهناك من يبرد قلوبنا ويرد على جوعنا ثم جلست بهدوء أمام التلفاز الصغير تنتظر خبرا جديدا أو صاروخا جديدا أو بشارة أخرى من صنعاء انتهى ..